الجزائر

الأزمة السياسية المصرية في مفترق الطرق أي دور للولايات المتحدة؟



كثر الحديث في مصر أمس، عن دور أمريكي للقيام بوساطة بين فرقاء الأزمة المصرية، في محاولة لإيجاد مخرج سياسي لحالة الانسداد التي تعرفها مصر منذ إبعاد الرئيس محمد مرسي، ضمن عملية وصفتها حركة الإخوان بانقلاب عسكري ضد الشرعية الدستورية.ويبدو أن زيارة وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأمريكية إلى العاصمة المصرية للقاء المسؤولين المصريين ومختلف الفعاليات السياسية الأخرى، يندرج ضمن هذا المسعى الذي وإن جاء متأخرا، إلا أنه كشف عن مخاوف أمريكية متزايدة من استمرار وضعية الاحتقان على استقرار كل المنطقة.
وإذا كانت السلطات الانتقالية المصرية قبلت بالدور الأمريكي، بعد أن وجدت نفسها أمام مأزق سياسي وأمني عجزت عن إيجاد حل له، فإن السؤال الذي يطرح يبقى: هل تقبل حركة الإخوان بدور أمريكي لإنهاء المعضلة المصرية ينتهي بتكريس المرحلة الانتقالية؟.
وتبدو مهمة الإقناع الأمريكية صعبة بالنظر إلى الموقف المبدئي الذي تمسكت به حركة الإخوان، التي ترفض كل حل آخر لقبضتها مع السلطات الانتقالية لا يأخذ بعودة الرئيس محمد مرسي إلى منصبه.
ويمكن القول، إن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نهاية الأسبوع، أفقدت كل مصداقية لأي دور أمريكي محتمل، عندما إنحاز بشكل علني إلى جانب السلطات العسكرية وقال إن عزل مرسي جاء لتكريس الديمقراطية، وهو ما اعتبرته حركة الإخوان بمثابة طعنة في الظهر، رغم تأكيدها بأنها لم تكن تنتظر من الولايات المتحدة الوقوف إلى جانبها.
وهو ما يحتم القول إن مهمة بيرنز ستكون صعبة إن لم نقل مستحيلة لإقناع حركة الإخوان بالبحث عن تسوية سياسية لأزمتهم مع السلطات العسكرية بعيدا عن لغة الحشود والاعتصمات، التي تحولت إلى لغة للتعامل السياسي بين فرقاء الأزمة المصرية.
والمؤكد، أن حركة الإخوان حتى وإن اقتنعت بحتمية التفاوض لإيجاد مخرج مشرف لهذا المأزق ويحفظ ماء وجه الجميع، فإنها ستجد حرجا في إقناع ملايين الأنصار بقبول مثل هذه الفكرة، وهي التي تصر على حتمية عودة الرئيس المعزول إلى منصبه.
وهي الإشكالية التي تواجهها قيادة حركة الإخوان، خاصة وأن المبادرة التي باشرتها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون ويريد الدبلوماسي الأمريكي وليام بيرنز مواصلتها، مستغلا الثقل الدبلوماسي لبلاده، نصت صراحة على إقرار الإخوان بالوضع الجديد الذي فرضه قرار 3 جويلية مقابل "خروج آمن" لقياداتها و"عفو محتمل" عن الرئيس محمد مرسي من تهمة الملاحقة القضائية بتهمة التآمر على أمن مصر.
ولم تكن تصريحات محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية المصري المكلف بالعلاقات الدولية باستعداد القاهرة لفتح حوار مع الإخوان بمجرد وقف العنف بالجلوس إلى طاولة الحوار لتحقيق المصالحة الوطنية.
ولكن البرادعي أكد مقابل هذا العرض، أنه يتعين "على الإخوان أن يفهموا أنّ مرسى فشل، لكن هذا لا يعنى أنه يجب إقصاؤهم بأي طريقة، فيجب أن يبقوا جزءا من العملية السياسية ويشاركوا فى إعادة كتابة الدستور ويخوضوا الانتخابات البرلمانية والرئاسية".
ويعد هذا أول موقف من السلطات المصرية، أبانت من خلاله عن استعداد غير مسبوق من أجل التفاوض مع حركة الإخوان.
والواقع، أن السلطات المصرية بعد مجزرة واقعة المنصة التي راح ضحيتها 80 اخوانيا، وجدت نفسها أمام مأزق حقيقي في كيفية التعاطي مع اعتصام ميدان رابعة العدوية، مخافة أن تقع في متاهة سقوط قتلى جدد وسيل الانتقادات الدولية التي يليها ويضعها أمام مسؤولياتها في حماية المعتصمين مادام احتجاجهم سلميا.
وهو الموقف الذي يجعل الكرة في معسكر حركة الإخوان، التي تبقى محط أنظار العالم لمعرفة موقفها إما بالقبول أو الرفض، وبالتالي معرفة مصير الأزمة إمّا باتجاه الانفراج أو التصعيد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)