الجزائر

الأدب الجزائري إبان الثورة وبعدها تشبّع بالأحداث التاريخية والتجارب الذاتية



الأدب الجزائري إبان الثورة وبعدها                                     تشبّع بالأحداث التاريخية والتجارب الذاتية
انصبّت أشغال اليوم الثاني من الملتقى الدولي “1962.. عالم” الذي تجري فعالياته ب«الكراسك” والذي يتناول تأثير الثورة الجزائرية وإسقاطاتها على العالم، لتسلّط الضوء من خلال مختلف الورشات التي أقيمت على مسألة تأثير الثورة وأحداثها في الأدب الجزائري.
أولى المداخلات كانت للسيدة اليزابيت بيفيلكا (أستاذة محاضرة بجامعة ميلانو بإيطاليا)، التي اختارت نماذج لكتّاب جزائريين وانصب اختيارها على الروائي محمد بن هدوقة في روايته “ريح الجنوب”، حيث قالت المتحدّثة، أنّ تأثير الثورة والانتماء للوطن كان جليا في أعماله، وقد اعتمد هؤلاء الكتّاب من خلال أعمالهم على الأحداث التاريخية التي شبّعوا بها رواياتهم، وكان جزء منها يروي معايشتهم لتلك الأحداث ويكتبون تجربتهم أيضا وجزءا هاما من ذواتهم.
الرواية الجزائرية أوّل ما كتبت كانت بلغة المحتل، وذكرت في هذا السياق الكاتب كاتب ياسين وآسيا جبار ومالك حداد، الذين اختاروا الكتابة بلغة المحتل، لكن هذا لم يمنعهم من توظيف تلك الأحداث التاريخية ومجريات الحرب، وكذلك الدفاع عن الشخصية الجزائرية وإبرازها، وظهور الرواية المكتوبة باللغة العربية كان في ظروف استعجالية نلمسها في أعمال الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة الذي أبرزت روايته الموسومة “ريح الجنوب”، جانبا من الأحداث التاريخية، ووظّف الشخصيات لسرد تلك الأحداث التي أرّخت لفترة ما من الثورة الجزائرية.
ثاني مداخلة كانت للأستاذة بوعنان باحثة في مركز “الكراسك “ بوهران، التي أكدت أنّ جلّ أعمال الروائية آسيا جبار هي مؤلّفات تبرز فيها بشكل جلي شخصية الروائية وذاتها، ومعبأة بآثار التاريخ الجزائري وأحداث الثورة التحريرية الجزائرية، وطرحت من خلالها هذه الأديبة جزءا من معايشتها لتلك الأحداث وانتمائها الثقافي والاجتماعي، بحكم كونها كانت تنتمي إلى ثلاث ثقافات وتمتلك مفاتيح ثلاث لغات هي الثقافة البربرية واللهجة الجزائرية الدارجة واللغة الفرنسية التي كانت هي لوحدها مكسبا، ترجمت من خلاله الروائية آسيا جبار جزءا هاما من ذاكرتها وأحداث الاستعمار الذي عاشت شطرا منه، ثم نقلت بعضا من تفاصيل الغربة وبقايا من ذاكرتها الماضية من خلال نماذج من روايتها على غرار رواية “دار أبي”، وأبرزت الشخصية الجزائرية من خلال اختيارها أسماء جزائرية وجعلت من الجزائر الوطن مسرحا للأحداث في هاذين العملين الروائيين ووقفت هي كروائية - تضيف الأستاذة بوعنان - في وسط هاذين العالمين المتباينين، حيث تتقاطع الثقافة الجزائرية بالثقافة الفرنسية التي ترجمتها كتابتها باللغة الفرنسية ومعايشة شخصيات الرواية للثورة ثم الغربة بفرنسا، ونلمس جليا حركة التاريخ وتسلسل الأحداث في أعمالها الروائية، حيث تنطلق الروائية من ذاتها لتلج بها إلى الأحداث المحيطة بها ونلمس الدقة في سردها أيضا.
في رواية “بياض الجزائر” تحاول الروائية آسيا جبار جمع ولملمة شظايا ذاكرتها المبعثرة بين الانتماء للوطن الأم وبين غربتها ونلمس استخدام الأحداث التاريخية وتوظيفها في أعمالها الأدبية، وهذا لم يتوقّف عند تجربة آسيا جبار بل كلّ الروائيين الجزائريين الذين كتبوا أعمالهم إبّان وبعد الاستعمار وهذه الأعمال تدعونا إلى القول بأنّ الأدب ساهم نوعا ما في صناعة التاريخ.
في تدخّلها، أبرزت الأستاذة فاطمة شط من جامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم، الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة الفرنسية بعد الاستعمار والخطاب التقدمي، حيث أكّدت المتحدثة أنّ جلّ الأعمال التي كتبت في 1960 وبعد هذا التاريخ حاول أصحابها الدفاع عن المقوّمات الثقافية والتأسيس للقطيعة مع المستعمر والدفاع أيضا عن الشخصية الجزائرية، انطلاقا من منظور مغاير يتقاطع مع الجيل الذي سبقهم من الكتاب الذين كتبوا قبيل هذه الفترة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)