استضاف موعد «حوار الأفكار» الذي نظمه المجلس الأعلى للغة العربية مؤخرا، بقصر الثقافة، الباحثين عبد القادر رابحي من جامعة سعيدة ومحمد العيد رتيمة من جامعة الجزائر للحديث عن مسألة «اللغة العربية والإبداع».استعرض اللقاء كفاءة لغة الضاد في التعبير، وكذا الرقي بها من خلال الإبداع خاصة من جمهور الشعراء الذين تجاوزوا قوانين النحاة ليطلقوا العنان للغة أخرى تسمو فوق لغة العامة.
أشار الدكتور محمد العيد رتيمة، في مداخلته «اللغة العربية بين الكفاية والكفاءة» أن اللغة العربية تملك كفاءة في التعبير، مؤكدا أن هذه اللغة جديرة بالوفاء لها وقرأ بعضا من الشعر جاء في مطلعه «في مدحها يتسابق الشعراء، وأعلى قدرها وبلسانها قد رتّل القراء».
كما أبدع المحاضر في مجال وضع مقامات اللغة ذات الجمال، متوقفا عند الحاجة إلى تفعيل العربية من خلال الأداء والممارسة عبر شعاب الحياة وللتعبير عن الذات أمام الآخر، موضحا أن تعبيراتنا لا تزال خجولة أمام مفتاح هذه اللغة العربية.
من جهة أخرى تناول المحاضر قلة التلاقي بين اللغويين والشعراء وهو ما وصفه بالحرب الباردة خاصة بين النحاة والشعراء ، لكنه في ذات الوقت استنصر للشعراء قائلا «لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث اللغة العربية».
كما تحدث الدكتور رتيمة، عن أهمية السياق في المعنى كي لا يتجزأ وبالتالي قد يحرف قوله، وكذلك على تطويع اللغة بالبحث في الجامعات، وتطوير وسائل ترقيتها خاصة اليومية منها وبالتالي النزول باللغة الراقية (لغة فوق اللغة) إلى اللغة العادية بوسائط محببة ومطلوبة وبقرارات ملزمة للاستخدام كي تصد لغة الشارع الهجينة.
للإشارة فإن المحاضر ابن مدينة الوادي من مواليد سنة 1952، وتدرج في مسارات التعليم بالعربية والفرنسية.
أما المحاضر الدكتور عبد القادر رابحي، من جامعة سعيدة وصاحب 9 دواوين فتوقف في بداية محاضرته «اللغة والتشكيل الشعري –ضرورة الإبداع وشرط اللغة» مع علاقة الشاعر باللغة على اعتبار أنها طينة أساسية لتشكيل لغته الشعرية علما أنها مهمة صعبة لأن النص الشعري لابد له وأن يتعالى على اللغة العادية.
يبحث الشاعر كما أشار المتحدث عن عالم آخر ومتخيل ، ويعمل على رفع مستوى اللغة لمستوى لا يبلغه القول العادي، وأكد المحاضر أنه محاكاة شاعر لشاعر آخر استحالة وهذا يحدث في باقي الفنون كالمسرح والسينما ماعدا الشعر وأعطى مثالا عن بيت نظمه امرؤ القيس «قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل» وهذا البيت غير قابل (موقوف) للمحاكاة أو يقوله شاعر آخر، بينما لوحة الموناليزا يمكن محاكاتها أصلا وصورة بنسخ لا تعد ولا تحصى.
بالنسبة للتناص أي اقتباس مادة من شعر آخر فقد عرفت هذه النظرية الجمالية تطورا في عالم الشعر، كذلك الأمر بالنسبة لجانب العروض الإيقاعي الذي بني عليه الشعر من أجل السمو باللغة وبقوانين جديدة غير نحوية بإضافة وزن وإيقاع فكان العروض والأوزان والموسيقى والقافية وكل ذلك لمتمييز الشعر عن كلام العوام ، وأشار المتحدث أن الشعر كان عند الأمم السابقة أسمى الفنون لذلك كتبت بلغته الملاحم ، ومع الزمن حدث الانغلاق عن النفس فظهرت إشكالية التجديد عبر كل الآداب العالمية مما أعاد فكرة «العودة إلى العادي في اللغة وترك اللاعادي الذي يختلف عن لغة العامة»، وبالتالي فإن الشاعر كان أول الناكرين والثائرين على القوانين التي كان قد وضعها أي أنه اخترق قانون الغة غير العادية التي كان ينادي بها فيما سبق.
من الشعراء الذين ذكرهم المحاضر هناك أدونيس، الذي يكتب بلغة مختلفة ويقول أنها لغير جيله وكذلك المتنبي الذي حاول تجاوز القاعدة النحوية بنحو جديد صنفها النحاة بالضرورة الشعرية في حين أنها كانت تجاوزا للقاعدة الصرفية والنحوية والبلاغية ، علما أن النحاة ضبطوا حتى الاستثناءات ولم يكونوا دوما على اتفاق مع الشعراء .
أكد الدكتور رابحي، أن الحداثة تمثلت في أهمية دور الشاعر في التشكيل اللغوي فظهرت قصيدة النثر مثلا لكن الشاعر ظل يقف وحيدا أمام اللغة لذلك أصبح الشعر قليل والشعراء كثر.
في أثناء المناقشة تدخل الدكتور عثمان بدري، ليؤكد أن العربية في حد ذاتها لغة شعرية وهذا من بين مميزاتها، مشيرا أن اللغة هي الوجود نفسه، كما أنها بمراتب حسب الحاجات، معتبرا أن الشعراء أولى من النحاة الذين سماهم «الوصافون».
كما تدخل بعض من أساتذة العربية الذين استعرضوا تجاربهم التي فاق بعضها ال3 عقود.
x
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/02/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : مريم ن
المصدر : www.el-massa.com