الجزائر

الأحزاب تتهم السلطة بالتحضير لبرلمان فسيفسائي يسهل تدجينه



تباينت آراء الطبقة السياسية بشأن قرار رئيس الجمهورية رفع تعداد مقاعد المجلس الشعبي الوطني، ب73 مقعدا، فمنها من قرأت في القرار خلفيات سياسية، ومنها من اعتبرته إجراء يحكمه عامل التطور الديموغرافي لسكان البلاد.ويأتي في مقدمة المشككين في خلفيات القرار، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، الذي قال في اتصال مع الشرق: "نعتقد أن هدف السلطة من رفع عدد مقاعد المجلس، هو توسيع رقعة الاختلاف، حتى تتمكن الإدارة من بسط سيطرتها على المنتخبين". مضيفا "من مصلحة السلطة أن يكون المجلس المقبل مشكل من فسيفساء، ما يصعّب من تشكيل كتلة نيابية قوية، قادرة على الصمود في وجه السلطة"، واعتبر تواتي الإجراء "هدرا للمال العام، خاصة بعد أن أصبح أجر النائب يفوق الحد الأدنى المضمون للأجر ب 24 مرة".
أما حركة النهضة، فترى أن "العبرة ليست برفع عدد المقاعد أو خفضها، بل في مدى ضمان تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة تفضي إلى برلمان قادر على التشريع ومراقبة الجهاز التنفيذي ، ودون ذلك لا معنى لزيادة مقاعد أو نقصانه"، وتعتقد النهضة على لسان ناطقها الرسمي، محمد حديبي، أن "الأولية تكمن في توفير أجواء انتخابات شفافة ونزيهة من خلال تشكيل حكومة محايدة وإشراف قضائي حقيقي وتواجد الأحزاب ومرشحيهم في الغرف المظلمة للانتخابات".
من جهته، اعتبر القيادي في جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، رفع عدد مقاعد الغرفة السفلى إرهاق للخزينة العمومية، غير مستبعد وجود حسابات سياسية خلف القرار، وقال: "ما نتمناه هو ألا يكون هناك تضخيم للمقاعد النيابية، انطلاقا من اعتبارات ذات علاقة بتحديد شكل وهوية المجلس المقبل".
وذكر بن خلاف أن القرار من شأنه أن يضع إدارة المجلس المقبل في ورطة حقيقية، لأن هياكل المجلس الحالي، ولا سيما قاعة الجلسات، غير قادرة على جمع 462 نائب دفعة واحدة، وهو مشكل حقيقي، وقف عليه الصحفيون الذين دأبوا على تغطية أشغال الغرفة السفلى، اللهم إلا إذا تم إلحاق الفضاء المخصص للصحفيين بالقاعة المخصصة للنواب، علما أن مقر المجلس الجديد لا زال قيد الدراسة.
وحتى عبد الرحمن بلعياط، عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، اعترف ضمنيا بوجود حسابات سياسية وراء القرار، وقال: "كل فعل له علاقة بالسياسة، لا يخلو من حسابات سياسية"، مستدلا بالنص الدستوري القائل بأن من في السلطة هو الذي يشرع، غير أنه أكد أن العامل الديموغرافي إلى جانب عوامل أخرى كانت حاضرة في اتخاذ هذا القرار.
وقال بلعياط: "صحيح أن عدد السكان ارتفع، لكن هناك بعض الولايات لا يزيد عدد مقاعدها عن أربع، وهذا لا يسمح بمثيل أحسن للساحة السياسية"، وأضاف: "إن الهدف من وراء رفع عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني، هو إعطاء الفرصة لتشكيلات وأحزاب سياسية، كي تكون حاضرة في المجلس المقبل، إلا من أقصى نفسه".
أما التجمع الوطني الديمقراطي، فيرفض تماما الطرح القائل بوجود خلفيات سياسية وراء القرار، ويؤكد على أن القانون واضح وهو يحدد عدد سكان الدائرة الانتخابية ب80 ألف نسمة. ويعتقد نائب رئيس المجلس، النائب شهاب صديق، أن قرار رفع عدد مقاعد الغرفة السفلى، من شأنه أن "يساعد على ترشيد العمل السياسي، ويعمل على تهذيب الطبقة السياسية، ويرسخ قواعد التقارب على أساس البرامج وليس على المصالح"، مشيرا إلى أنه "من الصعب بعد اليوم الحصول على أغلبية في البرلمان المقبل".
ويتفق أيضا الطاهر بن بعيبش، منسق حزب الفجر الجديد، قيد التأسيس، مع الطرح القائل بأن خلفيات القرار ديموغرافية بحتة، غير أنه لم يستبعد وجود نية لدى السلطة في التخطيط لبرلمان فسيفسائي قابل للترويض، وهو طرح يشاطره أيضا حملاوي عكوشي، أمين عام حركة الإصلاح.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)