إن حملة مكافحة الفساد التي تقودها العدالة الجزائرية وعلى عكس مايتصوره البعض يمكنها أن توفر أجواء مواتية لاستقطاب الاستثمار وتوفر الثقة لاستقطاب رأسمال الوطني والأجنبي لإطلاق من خلال توفير أجواء المنافسة الشريفة، التي طالما عطلها الفساد الذي جعل الفوز بالصفقات وخاصة العمومية منها حكرا على مجوعة صغيرة أصبحوا أباطرة مال وأعمال في حين لم يكونوا قبل سنوات شيئا مذكورا؟ الشيء الذي أضر بالاقتصاد الوطني وكبد الخزينة العمومية الملايير من الدولارات دون أن يغير من واقعنا شيئا؟، فلا مصانع تركيب السيارات جعلتها في متناول الجميع بينما سعرها أغلى من المستوردة نفسها رغم الامتيازات الجبائية والضريبية لمصانع وصفها بعض الخبراء بأنها مجرد ورشات لنفخ العجلات تخفي وراءها عمليات احتيال لنهب وتهريب العملة الصعبة بواسطة شعبة صناعية اختصرت في ماركات يحتكرها حصريا مجموعة تعد على أصابع اليد الواحدة لينسف بذلك مبدأ المنافسة؟ وكذلك حال الأشغال العمومية والطرقات احتكر هو الآخر من طرف شخص وحيد تحوّل إلى وسيط مناولة للصفقات العمومية التي ترسو عليه جميعها أو تكاد؟.الصناعات الغذائية لم تفلت هي الأخرى من أخطبوط الاحتكار الذي جعل قوت الجزائريين المدعوم من خزينة الدولة، في يد شخص واحد يتحكم في الأسعار كما يشاء لتتجاوز أحيانا الأسعار المعمول بها في البورصات العالمية بالضعف أو الضعفين؟
كلها ممارسات جعلت قطاع الاستيراد والاستثمار حكرا على لوبيات تشتغل وفق دوائر مغلقة بإحكام لا يدخلها أحد؟ مما جعل المنافسة وتساوي الفرص مجرد شعارات شجع بدل عنهما المضاربة بدل الاستثمار المربح، مما أنعش اقتصاد البازار والربح السريع الذي استنزف العملة الصعبة واحتياطي الصرف وأنشأ (برجوازية كمبورادورية) لا يعني لها وطن أي شيئ؟
إن العدالة أمام منعرج تاريخي يجب عليها أن تستغله إلى أبعد الحدود لتعزيز تحررها وحيادها في ظل دعم غير مسبوق من الشعب والجيش في حملتها على الفساد الذي استشرى في مفاصل الدولة والمجتمع على حد سواء.
الأكيد وعلى عكس ما يروج له البعض من فرضيات بعضها خاطئ وبعضها الآخر مغرض يهدف إلى تثبيط عمل العدالة ضد الفساد والمفسدين وأن الحملة تضر بالاستثمار وتنفر رأس المال الوطني والأجنبي بل هناك من يوظف أرقاما تشير إلى تراجع الاستثمار الأشهر الأخيرة ويربط ذلك بحملة مكافحة الفساد التي أخافت المستثمرين، بينما يعلم الجميع أن ذلك مرتبط بالظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد ولا علاقة له بحملة مكافحة الفساد بل على العكس يمكن لهذه الحملة أن تطهر البلاد وتفتح فرصا هائلة للاستثمار الوطني والأجنبي المباشر لأن رأس المال لا يحلم بأكثر من بيئة خالية من الفساد والابتزاز اللذين ضاع على الجزائر بسببهما فرصا تاريخية للاستثمار بل في طرد استثمارات وطنية إلى دول مجاورة بسبب البيروقراطية والابتزاز وغيرها من الممارسات الإجرامية التي عطلت الإقلاع الاقتصادي في بلد يمتلك كل أسباب وعوامل النجاح وكان بإمكانه أن يكون ضمن قائمة الدول الناشئة خلال السنوات العشر الأخيرة بكل أريحية؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/06/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أمين بلعمري
المصدر : www.ech-chaab.net