الجزائر

افتتاح: "الكابوس"



افتتاح:
في لحظة ما يخلق الحلم.. يجتاز المعقول.. يخترق المجهول.. ويتحول إلى حقيقة تضحكنا وتبكينا في الوقت نفسه.. تستفز جبننا وتوقظ حماستنا.. هكذا كانت لحظة "السادسة بتوقيت التحرير" كما وصفها الزميل محمود أبوبكر، لحظة خلاقة وباعثة على الإبداع.. تحدّت رعب حادثة "الجمل" وحملت بإصرار لافتات كتب عليها بسخرية من القدر والدكتاتور "انجز عاوز أروح للحلاق"، "افهم يا عم مراتي وحشتني".. وعلى مدار العامين الماضيين ظل الحلم يراوح حدود الميدان عبر إرادة أرواح شابة تحدت الموت لتحقق التغيير وظلت صامدة كي لا تسرق ثورتها وتصل بها إلى بر الأمان..ما الذي يحدث في لحظة العبث المصرية التي تمر بها الثورة، أهذه هي نهاية السعي للتغيير، مئات الأموات، آلاف المجاريح، حرائق في كل مكان؟ إرهاب بشكل مفاجئ؟ ثم صمت، صمت غريب من القوى الديمقراطية التي انتهت هي الأخرى إلى خندق "من ليس معي فهو ضدي".. ما الذي حدث لشباب الميدان الذين أسقطوا فرعون، هل هذه هي الديمقراطية التي سعوا إليها، أن يموت غيرهم من المتظاهرين حرقا، ويصمتون؟
إنها لحظة العبث.. اللحظة التي يعيد النظام الفاسد فيها التقاط أنفاسه ليرتدي بدلة جديدة ويعود من باب آخر غير الذي خرج منه تحت نفس الحماية التي كان يتكئ عليها دوما.. ويبقى هو، هو ضد الحريات، ضد القانون، ضد النزاهة والشفافية.. يعشق استعباد الشعوب ولا يفكر في مستقبل الدول بقدر تفكيره في المكائد والدسائس التي ستضمن له الاستمرار في إهانة الشعوب..
إنه "الكابوس" الذي يعري هشاشة المجتمعات العربية ويكشف ارتباط نخبها الزائفة بديمقراطية تقوم على إبادة الآخر، لحظة الثورة التي تحققت ليست كافية لوحدها للوصول بالدولة العربية إلى بر الأمان، فحماية الثورة بقتل البشر لا معنى له، لأن حق الحياة أقدس الحقوق وأولها على الاطلاق، وما دمنا نحتفل بإبادة فئة شعب لأنها تنتمي إلى التيار الفلاني أو الدين العلاني، تحت ذريعة الإرهاب أو أي كان، فهذا لا يعني إلا أمرا واحدا أننا لا ندرك أهمية الاختلاف الذي يؤسس للوجود.. وهذا هو الكابوس الذي احتقر به مبارك على مدار عقود شعبه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)