الجزائر

افتتاح الأيام الثقافية النمساوية بتلمسان 




احتضن المركز الدولي للصحافة بتلمسان ليلة الأربعاء إلى الخميس العرض الشرفي للفيلم الوثائقي الموسوم بـ''دار الحديث .. فضاء علم وعبادة'' للمخرج سعيد عولمي، حيث عرف العرض حضورا قياسيا للجمهور حتى أن عددا كبيرا منهم تابعوا الشريط وقوفا بسبب ضيق القاعة، بالمقابل؛ حنت قلوب التلمسانيين إلى أيام الدراسة في دار الحديث التي أسستها جمعية العلماء المسلمين وقتئذ إبان الاحتلال الفرنسي.
قال المخرج سعيد عولمي بخصوص الفيلم إنه يروي ذاكرة أول مدرسة جزائرية بنتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة ,1934 واعتمد في عمله، الذي تطلب عاما كاملا، على الشهادات الحية لبعض الأساتذة والتلاميذ الذين  انتموا إليها، وكذلك باستجواب بعض المؤرخين على غرار محمد القورصو وعبد الحميد حاجيات، كما استند إلى الأرشيف واستنطاق الأماكن التي لها علاقة بدار الحديث.
أبدع المخرج في تحريك عدسة الكاميرا بين أروقة وأقسام وطاولات مدرسة الحديث، واستطاع أن يحرك مشاعر التلمسانيين الذين تأثروا لحد البكاء حنينا لذلك العهد، لاسيما وأن المدرسة تخرج منها أعظم العلماء وتتلمذ فيها أهم المشايخ بالمنطقة ووقفت حائلا في وجه طمس العربية والهوية الإسلامية من طرف المستعمر الفرنسي الذي حاول بشتى الوسائل غلق دار الحديث التي تعتبر رمزا من رموز الهوية الوطنية، إذ وقفت في وجه مخططات المستدمر الفرنسي الساعية إلى طمس مقومات الشعب الجزائري.
ويرى المخرج أن مدة 80 دقيقة غير كافية للحديث عن المدرسة ويعتقد أنها تحتاج إلى سلسلة وثائقية وليس فيلما وثائقيا واحدا، واستعرض البدايات والنواة الأساسية لبناء دار الحديث والتي جاءت بمبادرة من العلامة عبد الحميد بن باديس الذي ألح على ضرورة إنشاء مدرسة لتعليم أبناء المنطقة تعاليم الدين الإسلامي واللغة العربية، وتوجت بتضامن أهالي المنطقة بشراء أرضية المدرسة وتشييدها، وقد أشرف على بنائها العلامة البشير الإبراهيمي وفق الهندسة المعمارية الإسلامية، وافتتحت المدرسة بحضور العلامة عبد الحميد بن باديس وهنا استحضر المخرج شهادات التلاميذ والأساتذة الذين مروا على دار الحديث وأبرز هذه الشهادات شهادة محمد طالب الإبراهيمي نجل الشيخ البشير الإبراهيمي، الذي عدد الأهداف التي قامت عليها المدرسة من خلال الصمود في وجه الاستعمار الفرنسي الذي حاول بكل السبل إغلاق دار الحديث.
وبالعودة إلى التاريخ، فإن فكرة دار الحديث برزت في بداية الثلاثينات حينما خطت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين خطوات جبارة في ميدان التعليم باللغة العربية عن طريق إنشاء مدارس حرّة غير ممولة من طرف الاستعمار الفرنسي، في الوقت الذي اتخذت فيه هذه الأخيرة لنفسها مدارس كبيرة للتعليم باللغة الفرنسية مسخرة كل الإمكانيات الموجودة آنذاك.
وقد وضعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كل الثقة في الشيخ البشير الإبراهيمي لاختيار أعضاء اللجنة الجديدة وتضم 32 عضوا، وتم فيما بعد شراء قطعة أرض سنة 1935م، وكانت عبارة عن دكان ليهودي اسمه (بن يشّو) يستغله لبيع الحبوب، ويروى أن اليهودي كان على علم بأن أهالي تلمسان من المسلمين سيشترون الأرض وهي تقع على مرتفع وتنحدر كل عام ببضع سنتيمترات يعني أنها لا تصلح للبناء على المدى البعيد فتم البيع.
ولقد كان لهذه المدرسة طابعها الحضاري الإسلامي، وكانت بحق مفخرة الجزائر، وكان لها الشرف في أن تكون أول مدرسة تبنيها جمعية العلماء من الأساس إلى السطح على نمط الهندسة المعمارية الإسلامية في الأندلس، وتتكون من طابق أرضي فيه مسجد للصلاة، وقاعة وضوء في الطابق السفلي، وقاعة للمحاضرات وخشبة للمسرح ومكتب إدارة المدرسة في الطابق الأول، أما الطابق الثاني فيحتوي على خمسة أقسام للدراسة، وبعد الاستقلال تم توسيع الدار بزيادة بعض المرافق كالمكتبة وقاعة الأنترنت.

دعت سفيرة النمسا بالجزائر السيدة ألوزيا فرجاتر أول أمس بتلمسان، إلى تعميق آفاق الشراكة بين البلدين ليتعدى ذلك المجال الثقافي، وصرحت أن هناك عملا ينتظر البلدين في هذا المسعى، خلال إشرافها على افتتاح الأيام الثقافية للنمسا بمناسبة مشاركتها في تظاهرة »تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية«.
وأوضحت السيدة ألوزيا فرجاتر أن مشاركة النمسا في هذه التظاهرة الثقافية العالمية لا يجب أن تختزل في احتفالية تلمسان ولابد أن تتعزز في أكثر من مجال، مشيرة إلى أنه بمثل هذه الشراكة ستتوطد علاقة الصداقة التي تجمع الجزائر والنمسا.
وبخصوص نوعية المشاركة النمساوية، كشفت المتحدثة أنها تتمثل في معرض صور فوتوغرافية جمعت مصورا جزائريا ومصورا نمساويا حول المعالم الإسلامية في العاصمة فيينا، كدليل على الرغبة في تعزيز التقارب بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، لهذا الغرض تم تعيين المصور الجزائري مولاي أحمد بلحول والنمساوي كريستيان فاختر الذي شارك في ورشة الصور الفوتوغرافية التي نظمها الاتحاد الأوروبي بالجزائر العاصمة في الخريف الماضي.
وقالت السفيرة إنه من الشرف الحضور إلى بلد صديق كالجزائر يحتضن تظاهرة كبيرة، وتابعت تقول إنه بالرغم من بساطتها فهي نابعة من القلب، حيث تسعى إلى إضافة بعد آخر للثقافة الإسلامية من خلال فن التصوير وعبره يمكن الحديث عن الثقافة في النمسا، ونبهت إلى ''أن معرفة الآخر والتفتح عليه سيمكننا من معرفة أنفسنا أكثر".
وكشفت المتحدثة أن عدد المسلمين بالنمسا مقدر بنصف مليون نسمة من إجمالي السكان المقدر عددهم بثمانية ملايين نسمة، يعيشون في كنف السلم والهدوء، وأضافت -في هذا الصدد- أن النمسا كانت السباقة إلى الترخيص لممارسة الشعائر الدينية، حيث تستعد العام المقبل إلى الاحتفال بمئوية صدور قانون منح الاعتماد والترخيص في ممارسة الشعائر الدينية بحرية.
يذكر أن المصور الجزائري أنجز عمله في مدة أسبوع بدعوة من السفارة النمساوية، ووسم معرضه ''مسلمون في فيينا''، ويبرز في 31 صورة مختلف المعالم الإسلامية وحياة المسلمين في العاصمة النمساوية، أما نظيره النمساوي فقد عرض 33 صورة.
وبالموازاة، فقد تم عرض فيلم وثائقي أنجزه التلفزيون الجزائري تحت عنوان ''مسلمون في بلد موزار''.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)