اعتزل الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد السياسة نهائيا منذ استقالته الشهيرة مطلع التسعينيات، تاركا وراءه كثيرا من الألغاز يتجادلها من عايشوه من سياسيين وعسكريين إلى اليوم.
لم يسبق لبن جديد منذ ذلك التاريخ أن دخل سجالا سياسيا ردا على اتهامات تلاحق فترة حكمه أو شارك في نقاشات سياسية، ولم يكد يظهر إلا في مناسبات قليلة استجابة لدعوات خاصة من الرئيس بوتفليقة في ذكرى الثورة التحريرية.
كانت استقالة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في حد ذاتها أكبر لغز عن مسار الرجل في رئاسة الدولة، منذ ذلك التاريخ يتجادل سياسيون وعسكر وقياديون في ''الجبهة الإسلامية للإنقاذ'' المحظورة، إن كان الشاذلي بن جديد استقال أم أقيل، ولم يصدر عن الرجل منذ ذلك التاريخ ما يؤكد أو ينفي إحدى الفرضيتين عدا تصريحات قليلة منقولة عنه يذكر فيها ''استقلت برضاي التام من دون ضغوط من أية جهة كانت''. ابتعد الشاذلي بن جديد عن الأضواء كلية سنوات التسعينات، كرد فعل على اتهامات حملت الرجل مسؤولية ''انحراف المسار السياسي'' وترك الجمل بما حمل دون تحمل للمسؤولية، ثم عاد للظهور مطلع الألفية استجابة لإشارات ''رد الاعتبار'' التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لمن سبقوه إلى الحكم، وبات حضور بن جديد إلى الاحتفالية السنوية المخلدة للثورة التحريرية مألوفا إلى جانب علي كافي والراحل أحمد بن بلة.
ولم يشفع للشاذلي بن جديد ابتعاده عن الأضواء في أن يصنع الجدل في محطتين، الأولى قبل خمس سنوات لما تحدث في ملتقى حول قائد القاعدة الشرقية عمارة بوقلاز نظمته مديرية المجاهدين بالطارف، وبرغم اختصاص كلمة الشاذلي في وقائع تاريخية وفقا لمنظوره، إلا أن روايته فجرت جدلا شغل الساحة في تلك الفترة، إلى أن أصدر بن جديد توضيحا مطولا بدأه يقول: ''ليس من عادتي الرد على ما يكتب حولي وحول فترة حكمي في الصحافة الوطنية. فقد آليت على نفسي التزام الصمت، ليس هروبا من قول الحقيقة، وإنما شرفي كمجاهد وحسي بالمسؤولية كرجل دولة يمنعاني من الخوض في قضايا حساسة تتخذ، للأسف الشديد، عندنا في غالب الأحيان طابع النقاش العقيم والمهاترات السخيفة وتصفية الحسابات والتجريح''. ولم تكن الجدلية التاريخية لتهدأ إلا وفجر الشاذلي بن جديد سجالا جديدا، يتعلق هذه المرة بفترة حكمه وعلاقته بالإسلاميين ثم مغادرته الحكم، في حوار للصحيفة اليابانية ''أسيان ستاديس''.
ذكر الشاذلي بن جديد في ذلك التصريح عن توقيف المسار الانتخابي: ''لقد كنت مع استمرار المسار الديمقراطي، لكن أعضاء حزب جبهة التحرير الوطني كانوا خائفين وطلبوا مني إلغاء نتائج الانتخابات وإعادة إجرائها. رفضت ذلك احتراما للدستور وللعهد الذي قطعته عندما أقسمت على المصحف بأن أحترم إرادة الشعب الجزائري. ما هو الرد الذي كان سيقابلنا به الرأي العام الوطني والدولي لو ألغيت الانتخابات؟ كان سيعتقد أن الإصلاحات التي باشرها الشاذلي لم تكن إلا مناورة للبقاء في السلطة. ولهذا السبب قررت التخلي عن كل شيء. قدمت استقالتي احتراما للشعب الجزائري. استقلت برضاي التام من دون ضغوط من أية جهة كانت''. وحمل تصريح الشاذلي يومها رفضا لأن يكون طرفا في أي ''سجال''، بعد أن قرأ في تعليقات على تصريحاته رائحة محاولة الزج باسمه في جدلية السياسة، فقال: ''حاول البعض أن يوهم الرأي العام بأن الشاذلي بن جديد أراد خلط الأوراق، أو أنه حاول أن يؤثر على الحراك السياسي الجاري الآن، أو أنه يطرح نفسه كبديل محتمل للخروج مما يسميه البعض أزمة''.
آخر ظهور للرئيس الأسبق يعود إلى جنازة الرئيس الأول للجزائر أحمد بن بلة، في 11 أفريل الماضي، وكان متوقعا أن تصنع مذكراته الحدث في الصالون الدولي للكتاب قبل أسابيع، لكن تدهور حالته الصحية، فيما يبدو، دفع عائلته لتأجيل عرضها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/10/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : عاطف قدادرة
المصدر : www.elkhabar.com