الجزائر

استنطاق مخاوف الإنسان وأحزانه



"تحتضن "فيلا عبد اللطيف" إلى غاية 8جانفي الجاري، معرضا مميزا للفنان التشكيلي محمد عزوق تحت عنوان "توبة"، وهو عبارة عن تركيب ونحت ولوحات تضع الإنسان أمام نفسه وتحثّه على التفكير في تغيير سلوكاته التي قد تؤدي إلى الدمار إن استمرت.يطرح الفنان التشكيلي محمد عزوق في هذا المعرض الذي تنظمه الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، تساؤلات وتأمّلات فلسفية وواقعية حول مستقبل الإنسان في عصر التكنولوجيا، في تشكيلة من الأعمال الفنية التي جمعت بين النحت والتركيب والرسم قدّم فيها الفنان طرحا جديدا ومثيرا.
ترتبط كلّ الأعمال المعروضة مع بعضها في طرح الفكرة الرئيسية وتطويرها كما في تلك الأعمال التي تتناول مسألة "الحرب واللاجئين من خلال صور الضياع والبؤس الذي يعيشه هؤلاء"، وقد اهتم المبدع في النماذج التي جسدها بالحالات النفسية و المظهر الخارجي لهؤلاء دون التركيز على ملامحهم الشخصية ليقول في النهاية "إنّ ما يهم هو تلك الحالة من الضياع التي يعيشها هؤلاء دون تمييز".
وتنغرس ريشة الفنان في تلك الأعمال المعاصرة التي يطغى عليها اللون الأبيض والأسود أعماق الإنسان الحالي لاستنطاق مخاوفه وأحزانه وأحيانا العنجهية والغرور المدمّر الذي يميزه. وكان الفنان يقول لهؤلاء انظروا حولكم وامنحوا فرصة لأنفسكم للتحكمّ في سلوككم وردود أفعالكم.
وصرح الفنان لواج أنّ هذا المعرض "جديد واستغرق انجازه قرابة السنتين" مضيف أنّه استغل فترة الوباء وانعكاساتها على نفسية وسلوك الناس لإنجاز هذه الأعمال للتعبير عن المحنة التي يعيشها الناس بسبب هذا الوباء. ويواصل الفنان الحديث في تركيباته على الضياع الذي يعشه الإنسان في هذه الدوامة وسط إفراط كبير في استعمال التكنولوجيا خاصة في مجالات الاتصال.
وفي تركيبة بعنوان "التوبة" أقيمت في زاوية من جناح العرض يعرض محمد مجموعة من الثياب الرثة والمتّسخة تحيط بها أضواء أفقية وينبعث من ورائها صوت تسرب المياه التي تسقط على الثياب لتنظيفها من الذنوب. عمل يشير إلى أنّ الحلّ هو في التخلّص من آثار تلك السلوكيات والمواقف السيئة والعودة إلى طريق الصواب.
وفي إحدى التركيبات المعنونة ب"الغربال" يقترح الفنان الحلّ للمعضلة المطروحة في معرضه، ويجسّد في هذا العمل الفني المعبّر غربلة مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها الإنسان مثل الغرور والانفعال وغيرها. جسد الفنان المساوئ في سبع كلمات باللون الأسود وبعد الغربالة تتحوّل إلى كلمات بيضاء، وينصح الزوّار وعشّاق هذا الفن "بتناول قرص الايمان" وهو إبداع أنجزه الفنان كحوصلة لمعنى هذا المعرض.
للإشارة، محمد عزوق من مواليد 5 ديسمبر 1973 في الجزائر العاصمة، أحبّ الرسم منذ الصغر وشجّعه عمه الذي كان معماريا ورسّاما على ولوج عالم الفن التشكيلي. عمل هذا الفنان بنصيحة عمه ودخل المدرسة العليا للفنون الجميلة في الجزائر العاصمة عام 1993، وحصل على دبلوم الدراسات الفنية العليا. شارك بعد تخرجه في العديد من المعارض الوطنية والدولية، والتي لفت إليه أنظار المعجبين والعارفين.
نال هذا المبدع عدة جوائز منها جائزة أفضل فنان أجنبي، في مسابقة الفن التشكيلي الدولية في نيس بفرنسا، كما فاز بالميدالية الفضية في معرض باليابان عام 2014 وجائزة "نسر مدينة نيس الفرنسية". حصل كذلك على الجائزة الفخرية الدولية لنادي Zervas Art Club Unesco" في معرض باريس الخامس للفنون.
ويقوم هذا الفنان باستمرار بمراقبة وتحليل الجانب الاجتماعي والنفسي للإنسان، في تعامله مع محيطه وهو يبحث دوما في أعماله عن التفاصيل التي ستحدد الملامح المتتالية التي نكتشفها في أعماله المعاصرة، وذلك من خلال لوحاته ومنحوتاته وتركيباته.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)