استغلال المياه المستعملة..رهان الأمن الغذائي

تحوز الجزائر موارد مائية تقليدية، تقدّر حسب الدراسات ب 18 مليار متر مكعب سنويا، منها 12.5 مليار في الشمال (10 مليار م3 سطحية و2.5 مليار م3 باطنية) و5.5 مليار في الجنوب (الصحراء) (0.5 مليار م3 سطحية و5 مليار م3 باطنية غير متجددة)، وتعد أكبر نسبة من هذه المياه التقليدية موجهة للقطاع الفلاحة بنسبة تفوق 62 في المائة من إجمالي الاحتياجات، حسبما أوضحه الدكتور سفيان سقاي ل "الشعب".أكّد الأستاذ بالمدرسة العليا للفلاحة الصحراوية بالوادي سفيان ، أنه وبفعل التغيرات المناخية الممثلة في الجفاف والتصحر والتلوث، بالإضافة إلى زيادة الاستهلاكات نتيجة تزايد الساكنة وتطور نمط الحياة، فإن الضغط والحاجة للمياه التقليدية يتزايدان بشكل ملفت جدا، خاصة إذا علمنا أننا في منطقة تشتكي ندرة في المياه، إذ أن متوسط ما يحصل عليه المواطن الواحد لا يتجاوز 1000 م3 سنويا.
وأمام هذه الضغوطات، أصبح من الواجب البحث على مصادر أخرى لتغطية النقص الموجود مع المحافظة على الثروة المائية التقليدية، خاصة الباطنية غير المتجددة، للأجيال القادمة، في هذا الإطار فكرت السلطات العليا للبلاد في استغلال المياه غير التقليدية، وهي المياه المحلاة (الناتجة عن عملية التحلية) والموجهة للاستهلاك البشري وقطاع الصناعة والمياه المستعملة المصفاة والمستعملة والتي يفترض أن توجه للقطاع الزراعي.
ومن أجل تحقيق ذلك، أنجزت الدولة عدة منشآت لتحلية مياه البحر في الشمال والمياه الجوفية في الجنوب ومحطات تصفية المياه المستعملة، هذه الأخيرة تقدر ب 200 محطة، تنتج حوالي 500 مليون م3 سنويا حسب أرقام 2022، وفقا لما ذكره محدثنا، معتبرا أن هذه الكمية المنتجة إذا ما استعملت في السقي، فإنها ستسمح بتوفير كمية من المياه التقليدية، تكفي لما يفوق 6.8 مليون من الساكنة لمدة سنة كاملة، ولنا أن نتصور ما سيحدث إذا تضاعفت الكمية.
وأشار الدكتور سقاي في نفس الوقت، إلى أنه ونظرا لخصائصها، فإن السقي بالمياه المستعملة المصفاة، يساهم في زيادة خصوبة التربة عن طريق إضافة العناصر المغذية خاصة في حالة التربة الرملية، كذلك توفر هذه المياه المصفاة وبكميات كبيرة، في ظل شح الأمطار، سيسهم في رفع المساحات المسقية، وهذا ما تطمح له السلطات العليا للبلاد، وتعمل عليه وزارة الموارد المائية التي تتوقع الوصول إلى 1 الى 1.2 مليار م3 من المياه المصفاة من الآن حتى سنة 2030، ممّا سيسمح بسقي 400.000 هكتار سنويا باستعمال تقنيات سقي مقتصدة للمياه.