الجزائر

استعادة آلاف المخطوطات والأعمال غير المنشورة لسيلين



بعد مرور ما يقرب من 80 عاما على سرقتها، عاودت آلاف الصفحات، التي كتبها الكاتب والطبيب الفرنسي لويس فيرديناند سيلين، مؤلف الرواية الأسطورية "رحلة إلى نهاية الليل"، الظهور من جديد، حسب موقع "بليج تايمز" الإلكتروني.من المعروف أن سيلين اتهم بالتعاون مع ألمانيا النازية ومعاداة السامية. وعندما فر من باريس إلى ألمانيا، سرقت منه الأوراق التي ظهرت اليوم، والتي تضم في الجزء الأكبر منها، كتابات له لم تنشر بعد، من شقته الباريسية الكائنة بمنطقة مونتمارتر. ومن بين الأوراق رواية غير معروفة، وربما ثلاثة كتب أخرى لم تنشر، ومن المقرر أن تنشرها "دار غاليمار". من جهتها، احتفت صحيفة "لوموند" بهذا الاكتشاف التاريخي لأوراق سيلين المفقودة، التي أقرت المكتبة الوطنية الفرنسية بصحتها. ومن المقرر أن تتولى المكتبة مسؤولية حماية المخطوطات، بناء على رغبة ورثة الكاتب، كما ذكر الموقع. من أبرز ما تضمنته الأوراق التي عثر عليها رواية غير معروفة بعنوان "لندن"، وتجري أحداثها أثناء الحرب العالمية الأولى، وعمل آخر بعنوان "كاسي بايب" (وقود المعركة)، الذي لم يعرف منها سوى فصل واحد، جرى نشره في مجلة كانت معروفة في أربعينيات القرن الماضي.
من الممكن النظر إلى هذه القصة الأخيرة، التي تدور في زمن الحرب هي الأخرى، باعتبارها تكمل مجموعة السيرة الذاتية المؤلفة من روايات "رحلة إلى نهاية الليل" (1932)، و"الموت على الائتمان" (1936)، والروايتان الأيقونتان اللتان جرى نشرهما تحت اسم لويس فيرديناند أوغست ديستوشيز "كوربيفواف" (1894) و"باريس" (1961). من بين المخطوطات التي عثر عليها أيضا، عدة نسخ من غير تلك المنشورة لرواية "الموت على الائتمان" و"فرقة غوينغول" (1943)، بجانب عدد من الوثائق الأدبية، وأخرى مرتبطة بالسيرة الذاتية، وهي تفتح آفاقا جديدة حول أعمال وشخصية سيلين، الذي يعد واحدا من أهم الروائيين الفرنسيين خلال القرن ال20. ذكر موقع "بليج تايمز" أن المخطوطات كانت في حوزة جان بير تيبودات، الناقد المسرحي والصحافي السابق لدى صحيفة "ليبراسيون" اليومية. وأكد تيبودات أن الأوراق جرى تسليمها إياها منذ 15 عاما من جانب متبرع غامض، بشرط واحد، وهو عدم الإعلان عنها قبل وفاة أرملة سيلين، لوسيت ديستوشيز، التي توفيت عن 109 أعوام في نهاية عام 2019.
نقل الموقع عن "لوموند الفرنسية" تصريحا لتيبودات قال فيه: "منذ سنوات عديدة، اتصل بي أحد قراء (ليبراسيون)، وقال إنه يريد إعطائي بعض المستندات. في اليوم المحدد، وصلتني أكياس ضخمة تحوي أوراقا مكتوبة بخط اليد. وكانت بخط سيلين. وأعطاني هذا الشخص المستندات بشرط واحد: عدم الإعلان عنها قبل وفاة لوسيت ديستوشيز، لأنه لا يرغب في إثراء أرملة الكاتب". وتلقى تيبودات جبلا من الوثائق، نحو متر مكعب من الورق. وكانت هذه النسخ الأصلية والوثائق التي سُرقت من الشقة الباريسية التي سكنها الكاتب وزوجته في شارع غيراردون حتى جوان (حزيران) 1944، والتي هربا منها، بسبب التهديد الذي شكله تحرير باريس على زواجهما. في عام 1951، صدر عفو في حق سيلين، وأصبح قادرا على العودة إلى فرنسا، بعد عدة سنوات في المنفى في الدنمارك.
وندد الكاتب بسرقة أوراقه، لكن جميع التحقيقات لاستعادتها باءت بالفشل. وذكر سيلين حينها أنهم سرقوا أيضاً مخطوطة كبيرة بعنوان "وصية الملك كروغولد"، لم تنشر، وقد ظهرت بين الأوراق المسترجعة، من بين قصص قصيرة ورسائل وصور أخرى. وألقى سيلين باللوم في عملية النهب على الكورسيكي من أصل يهودي، أوسكار روزمبلي، الذي اقتحم منزله الباريسي بعد تحرير العاصمة الفرنسية، واستولى على المخطوطات التي ظلت مخفية طوال 77 عاما. تجدر الإشارة إلى أن روزمبلي، حوكم في سبتمبر 1944 بتهمة اقتراف "أفعال غير شريفة"، واتُهم بارتكاب عمليات سطو أخرى، وأمضى بعض الوقت في السجن قبل أن يهرب إلى الولايات المتحدة. أما سيلين، فقد توفي عام 1961 في مدينة ميودون، بالقرب من باريس، التي لا تزال تستقبل كتاباً شبابا يعتبرون سيلين مرجعا لهم.
من ناحية أخرى، من المقرر أن يذهب جزء من مخطوطات سيلين إلى صناديق المكتبة الوطنية الفرنسية، التي اعترفت بصحة وأصالة المخطوطات. ومن بين هذه المخطوطات ما يصل إلى أربعة كتب من المحتمل أن تتولى "دار غاليمار" نشرها، باعتبارها الجهة المحررة لباقي أعمال الكاتب المثير للجدل. من جهتهم، أعلن ورثة سيلين وكاتب سيرته الذاتية والمحامي فرنسوا غيبول، عن تبرعهم بالمخطوطة الأصلية من رواية "الموت على الائتمان"، إلى المكتبة الوطنية الفرنسية، كي تشملها بحمايتها بجانب رواية "رحلة إلى نهاية الليل".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)