يرى الكثيرون في السفر عبر الطائرة أحسن وسيلة لسفر مريح، سريع وآمن، فيما يعاني آخرون
من ''فوبيا'' الأماكن العالية، ويشعرهم ركوب الطائرة بالذعر والخوف، ولو تعلق الأمر بالسفر لنصف ساعة فقط.. وبين هذا وذاك لا يخلو السفر جوا من المفاجآت غير المتوقعة
وطرائف تنسج خيوطها بين السماء والأرض.
الرفيق قبل الطريق مثل قديم يؤمن به منير صديقي، ابن حي بلوزداد الشعبي، المغترب بنيويورك الأمريكية، ويعتبره لازمة ترافقه في السفر مثل حقيبته، خاصة إذا كانت الرحلة طويلة، وهذا بسبب تجربة متعبة عاشها منير في رحلة من الجزائر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر لندن.
راكب حرم آخر من النعاس 12 ساعة
يقول رفيق وهو يستحضر ذكرياته مع أول رحلة قادته إلى الولايات المتحدة قبل عشر سنوات، حيث يعمل اليوم سائق سيارة أجرة بنيويورك: أتذكر أنني حضرت نفسي جيدا يومها للسفر، عملا بنصيحة أصدقائي الذين سبقوني إلى أمريكا، تجنبت النوم ليلا مادام أمامي متسع من الوقت للنوم في الطائرة في سفر سيستمر لـ12 ساعة .
وبالفعل لم ينم منير ليلته، غير أن عيونه لم تذق النوم أيضا طيلة الرحلة، بسبب المسافرة التي جلست بجواره رفقة ابنيها اللذين دخلا في بكاء متواصل، والأمرّ أن أحدهما سكب كوب العصير على قميصي وهو يحاول أخذه من يد شقيقه، ناهيك عن صراخ أمهما ، واستمرت معاناة محدثنا مع رفيق سفره طيلة الرحلة إلى أن حطت الطائرة في مطار هيثرو اللندني.
لكن في الحقيقة محدثنا كان على موعد مع معاناة أكبر في رحلته إلى نيويورك، بسبب الراكب بجواره أيضا، مواصلا: تبادلت التحية مع الراكب الذي كان يجلس أمامي وأنا أغالب النعاس، وما لبثت أجلس في مكاني حتى أمطرني بوابل من الأسئلة عن اسمي، ومن أي ولاية أنحدر، والسبب وراء سفري، وإن كنت مرتبطا أم لا وأسئلة عن أدق الخصوصيات، وما كدت أجمع أنفاسي للرد على الكم الهائل من أسئلته حتى راح يحكي عن تفاصيل حياته، وكيف فاز في قرعة البطاقة الخضراء لدخول الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يتوقف عن الكلام إلا وأنا أنزل سلالم الطائرة أجر أقدامي جرا، لم أستطع حتى أن أكلم صديقي الذي كان في استقبالي ونمت لـ14 ساعة متواصلة بعدها .
الرعب من الطائرة
الخوف من ركوب الطائرة يلازم الكثير من المسافرين الذين تجبرهم الظروف على ركوبها اضطرار ، على غرار تجربة عاشها مضيف في الجوية الجزائرية، رواها لنا زميله في نفس المؤسسة.
يقول محدثنا: سافر زميلي في عطلة قصيرة إلى لندن، وعند توقفه في مقهى لندني التقى جزائريا هناك، تبين أنه من نفس حيه في العاصمة، وبعد أن تجاذبا الحديث ظهر أنهما سيسافران في اليوم الموالي على نفس الرحلة إلى الجزائر .
لكن غير المتوقع، يضيف محدثنا، أن المضيف الذي وصل قبل وقت قصير من إقلاع الطائرة وجد الشاب الذي تعرف عليه بالأمس في انتظاره وعلامات القلق بادية عليه، وراح يلومه على تأخره، وبمجرد إقلاع الطائرة بدأ مسلسل رعب هذا الأخير، الذي راح يُكبر ويتمسك بمقعده تارة وبملابس صديقي تارة أخرى، ولم يتوقف عن الصراخ والعويل وسط حيرة باقي الركاب، ولم يتمكن أحد من تهدئته، خاصة بعد مرور الطائرة على مطبات هوائية، حيث راح يقسم للمضيفات بأغلظ الأيمان أن الطائرة توقفت في السماء لتعاود الإقلاع مجددا، وعند هبوط الطائرة في مطار هواري بومدين أكد المسافر المرعوب أنه يخشى الطائرة، لهذا يبحث دائما عن رفيق يعينه على تجاوز خوفه .
رحلة إلى كندا دون تأشيرة ولا تذكرة
حادثة أخرى لا تقل طرافة كان مطار الجزائر الدولي مسرحا لها السنة الماضية، ولايزال موظفو المطار يتذكرون تفاصيلها، أبطالها زوجان شابان من تيزي وزو، اقتطعا تذكرة للسفر إلى باريس لقضاء شهر العسل، ولأنهما كانا متعبين من تحضيرات حفل الزفاف الذي تم أياما قليلة قبل موعد السفر، غلبهما النعاس بمجرد ركوبهما في الطائرة، غير أن مفاجأة كانت في انتظارها بعد مرور ساعتين من التحليق، حيث استغرب العريس بعد استيقاظه من تأخر الطائرة بأكثر من نصف ساعة عن موعد وصولها إلى باريس، ليجيبه الراكب بجواره أن الطائرة وجهتها كندا. وتبين أن خطأ ارتكب على مستوى المطار دون أن يتفطن له أحد فانتهت رحلة شهر العسل من الشونزيليزيه إلى ثلوج مونتريال .
شرّ البلية ما يضحك
يروي السيد ابراهيم محمودي، وهو تاجر، حادثا طريفا عاشه في رحلة من العاصمة باتجاه الجنوب، حيث تعرض راكب إلى وعكة صحية، ومثلما هو معمول به في مثل هذه الحالات راحت المضيفة تسأل إن كان هناك طبيب بين الركاب يمكنه إسعاف المريض الذي كان في وضع حرج، والمفاجأة كانت أن جميع ركاب الطائرة انفجروا ضاحكين، والسبب أن 90 بالمائة من ركاب الطائرة كانوا أطباء في طريقهم للمشاركة في مؤتمر طبي، والمهم أن المريض وجد العناية اللازمة التي قد لا تتوفر له في أي مستشفى بعد أن خرج الأطباء من هستيريا الضحك.
أما السيد عثمان سبحان، رئيس نقابة الطاسيلي للطيران، فيتذكر تجربة طريفة عاشها زميل له في المؤسسة قبل سنوات، في رحلة من العاصمة إلى وهران، حيث كان قائد الرحلة مستعجلا للوصول في الموعد لارتباط عائلي في مدينة وهران، لكن لحظات قبل إقلاع الطائرة انتابت أحد الركاب حالة من الخوف والرعب، ومثلما هو معمول به في قوانين الملاحة الجوية، يجب إنزال الراكب حتى لا يؤثر على باقي الركاب.
غير أن الطيار وخشية تضييع الوقت وجد حيلة لامتصاص قلق الراكب، فاستدعاه لغرفة القيادة، وقدم نفسه على أنه المغني المناعي من وادي سوف، واقتنع الراكب المذعور بكلام الطيار للشبه الكبير بينهما، وراح طيلة الرحلة يغني له من أغاني المناعي الشهيرة إلى أن حطت الطائرة في مطار وهران في موعدها، قبل أن يكتشف المسافر أنه راح ضحية كذبة بيضاء.
تونس والمغرب في نفس الرحلة
يتذكر العم محمد مبروك، معلم متقاعد، ذكرياته في رحلة قادته قبل عشريتين إلى المغرب على متن الخطوط الجوية المغربية، وكان بين الركاب شيخ سبعيني كان في طريق عودته إلى المغرب بعد زيارة ابنه المقيم في الجزائر، وبدا على العجوز القادم من ريف المغرب أنه لم يسبق أن سافر عبر الطائرة.
يواصل محدثنا: عندما التحق الركاب بأماكنهم، تبيّن أن العجوز أخذ مكان غيره ورفض النهوض، ورغم إلحاح طاقم الطائرة وصاحب المقعد رفض التحرك من مكانه، قبل أن نفاجأ بمسافر مغربي آخر كان يجلس أمامي ينهض من مكانه، ويكلم العجوز في أذنه، فنهض العجوز مباشرة وجلس في مكانه، وسط حيرة جميع الركاب، وعندما سألت الراكب أمامي كيف أقنع العجوز، قال إنه أكد له بأن الجهة التي يجلس فيها وجهتها تونس، والجهة المقابلة وجهتها المغرب .
أنفلونزا الخنازير في الطائرة
أما الإعلامي رضا، فيعود بنا إلى السنة التي عرفت انتشار فيروس انفلونزا الخنازير، حيث كان محدثنا مسافرا إلى الدوحة القطرية، وأثناء الرحلة عانى أحد الركاب من الحمى، وبعض الأعراض التي قد تظهر على المصاب بأنفلونزا الخنازير، الأمر الذي أحدث حالة هلع وسط المسافرين، خاصة بعد ارتداء طاقم الطائرة للأقنعة، وأخذوا في رش المكان بمواد خاصة، وسط ذعر الركاب في رحلة كان أمامها ثلاث ساعات أخرى لتحط في المطار، قبل أن يظهر أن المسافر كان يعاني من تعب بسيط .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/12/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: سلمى حراز
المصدر : www.elkhabar.com