الجزائر

استجابة شبه منعدمة لنداء وزارة التجارة وتقاذف للمسؤوليات: تجار يستنزفون جيب المواطن في رمضان



تسجل منذ بداية شهر رمضان استجابة شبه منعدمة لدعوة وزارة التجارة بإطلاق تخفيضات قبل أسبوع من حلول الشهر الفضيل إلى غاية ثاني أيام عيد الفطر، في كافة أصناف المواد الغذائية و الألبسة و الأحذية و الأجهزة الكهرومنزلية، و الملاحظ في المحلات و الأسواق و الفضاءات التجارية، أن عادة رفع الأسعار في كل رمضان، تغلبت على كافة الاعتبارات، و بلغت أكثر من مئة بالمئة في بعض السلع، و هو وضع يحمل تجار التجزئة المسؤولية فيه لتجار الجملة و غرف التبريد و فاعلين آخرين في سلسلة التسويق.روبورتاج / أسماء بوقرن
أصبح رفع أسعار السلع مقترنا بشهر الصيام، الذي تحول من شهر للرحمة إلى فرصة لتحقيق أرباح قياسية على حساب جيوب المواطنين، ما جعل هذه المناسبة الدينية، تفقد الكثير من خصوصيتها، وهو ما أثقل كاهل العائلات، خاصة ذات الدخل المحدود، النصر قامت بجولة استطلاعية بأسواق وسط المدينة، و التقت بمواطنين أكدوا لنا أنهم لا يملكون المال الكافي لشراء ما يلزم لسد احتياجات أسرهم.
وقال كهل للنصر، بأن المواطن البسيط أصبح يكتفي بالمشاهدة، حيث لم يعد باستطاعته توفير وجبة إفطار كاملة، و تلبية طلبات أسرته التي تزيد في هذا الشهر، نظرا للارتفاع الفاحش الذي تشهده الأسعار، مشيرا إلى أنه كان يركز على اقتناء البطاطا و الطماطم، لكنه لم يستطع اليوم أن يشتري حتى الكمية الكافية من البطاطا، بعد أن قفز سعرها إلى 90 دينارا للكيلوغرام الواحد.
أما الفواكه، فلم يعد يشتريها بعد أن تضاعف سعرها، و ألقى باللوم على التجار الذين يستغلون المناسبات الدينية وخاصة شهر رمضان لرفع الأسعار و تحقيق الربح، مكرسين عادات خاطئة أصبحت تتكرر سنويا.
زيادات غير موحدة بين التجار
لاحظنا خلال زيارتنا لأسواق وسط مدينة قسنطينة كسوق بومزو، زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية، في مقدمتها الخضر و الفواكه، بنسبة تتراوح بين 20 إلى 100 بالمئة و أكثر، مقارنة بالفترة التي سبقت حلول رمضان بحوالي أسبوعين، من بينها الخس الذي قفز إلى 150 دينارا، بعد أن كان لا يتعدى 70 دينارا، كما وصل سعر الطماطم إلى 180 دينارا، بعد أن كان 90 دينارا.
كما أن سعر الخيار ا كان 70 دينارا و قفز إلى 160 دينارا، و يتراوح سعر الفلفل الحلو بين 140 و 160 دينارا، و بلغ سعر القرع «الجريوات» 140 دينارا، لكن هذه الأسعار ليست موحدة ، حيث سجلنا فارقا يتراوح بين 10 و 30 دينارا من تاجر لآخر .
في المقابل وصل سعر الموز إلى 280 دينارا بعد أن كان 220 دينارا، و كذلك الفراولة التي بيعت ب 180 دينارا أصبحت تعرض ب 280 دينارا، نفس الشيء بالنسبة لمواد غذائية أخرى، عرفت زيادات تتراوح بين 10 و 40 بالمئة، مثل الشعيرية «الدويدة». و ارتفع سعر الطماطم المعلبة و الحبوب ب 15 دينارا، و بلغ ثمن الكيس الصغير من الأرز 150 دينارا بعد أن كان 130 دينارا، و عرف مسحوق الحليب زيادة قدرت ب 50 دينارا.
و يختلف سعر الدجاج من محل لآخر بسوق بومزو، و يتراوح بين 550 و 750 دينارا للدجاجة الواحدة، و 370 دينارا للكيلوغرام الواحد، كما عرفت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعا ب 200 دينار. و لاحظنا أيضا ارتفاع أسعار مواد أخرى يزيد الإقبال عليها في الشهر الفضيل، مثل «الفلان»، و حلوى «الكاوكاوية» و الشامية «حلوة الترك».
باعة يربطون الزيادات بخلل في السلسلة التجارية
رفض الكثير من التجار و الباعة الذين تحدثنا إليهم خلال جولتنا الاستطلاعية، تفسير رفع الأسعار قبيل الشهر الفضيل و خلاله، و أسباب عدم استجابتهم لنداء وزارة التجارة بتقليص هامش الربح .في حين قال بائع خضار للنصر، بأن «الإشكال الذي يتكرر كل سنة في رمضان يعود إلى خلل في السلسلة التجارية، بدءا من الفلاح وصولا إلى التاجر» هذا الأخير يعد «الحلقة الخامسة» و لا يسعه سوى الخضوع لما يفرض عليه، مضيفا أنه كتاجر تفاجأ بالزيادات القياسية المفروضة في سوق الجملة، فيما حمل تاجر آخر المسؤولية لأصحاب غرف التبريد الذين يحتكرون السوق في المناسبات التي يرتفع فيها الطلب على المواد واسعة الاستهلاك، و يتحكمون في الأسعار.
و بخصوص النداء الذي وجهته وزارة التجارة، قال بأنه لا يستطيع تطبيقه، نظرا للأعباء الكثيرة التي يتحملها، كسعر النقل اليومي للبضاعة الذي يكلف 1200 دينار، بالإضافة إلى تسديد تكاليف الكراء و الكهرباء و الخسائر الناجمة عن رمي المنتوج غير الصالح، ما يجعل هامش الربح قليل جدا ، حسبه، مشيرا إلى أنه تضرر كثيرا بسبب الجائحة، و لا يستطيع تحمل الخسائر مجددا.
حملات لمجابهة الغلاء و تجار يصنعون الاستثناء
أطلق نشطاء على مواقع التواصل حملة لمجابهة الغلاء، تحت هاشتاغ « خليها تفسد» ، تفاعل معها كثيرون، فيما صنع بعض التجار الاستثناء، مثل التاجر حسام من البليدة الذي تم تناقل فيديوهاته و تصريحات زبائنه على نطاق واسع، بعد أن قام بتخفيضات كبيرة، حيث يبيع كل أنواع الخضر ب 25 دينارا للكيلوغرام الواحد، كما تم تداول صورة من سوق حجوط بتيبازة لتاجر خضار و فواكه، وضع لافتة على طاولته كتب فيها «أخي العزيز إن لم يكن لديك مال، فلا تستحي و تترك عائلتك بلا أكل، تفضل و خذ ما تحتاج لأبنائك، رزقي و رزقك من الله عز وجل».
بن عبد الرحمن محمد مصطفى إمام و خطيب مسجد الأمير عبد القادر
على التاجر أن ينظر بعين الرحمة و الشفقة للمشتري
قال بن عبد الرحمن محمد مصطفى، إمام و خطيب مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة للنصر، بأن الأصل في هذا الشهر أنه شهر الرحمة، فينبغي أن يكون التاجر فيه رحيما ، و ينوي بهذه الرحمة صدقة، فقد كان النبي عليه الصلاة و السلام جوادا و كان أجود ما يكون في رمضان، مضيفا بأنه من الجود و الكرم أن ينظر التاجر للمشتري بعين الرحمة و الشفقة، خاصة في هذا الزمان. و أكد الإمام بأن الأصل في التجارة هو أنها خدمة اجتماعية و تعاون، حيث قال الله عز و جل «و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان»، و ينبغي على الإنسان المسلم أن يمارس التجارة في ثوب من الرحمة العامة، حيث قال النبي صلى الله عليه و سلم « الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»، كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام في حديثه عن التجارة « أيها الناس إن التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من بر و صدق». و أردف قائلا بأنه من البر أن يكون التاجر رحيما بالمشتري، فقد قال نبينا عليه الصلاة و السلام «رحم الله رجلا سمحا إذا باع و سمحا إذا اشترى و سمحا إذا اقتضى»، و معنى السماحة، هي الرحمة و النظر بعين الشفقة للمشتري، كما أكد ، إذ ينبغي على المسلم إذا باع و اشترى و قضى بين الخصوم أن يكون سمحا رحيما، مشيرا إلى أن نية المسلم بالنسبة للتجارة يجب أن تكون نية صالحة، فالنبي عليه الصلاة و السلام قال « إنما الأعمال بالنيات» و ينبغي أن ينوي التاجر أن يكون رحيما، قبل أن ينوي الاعتداء على جيوب الناس و أن يتصور أنه يشتري أمرا ما ب10 دنانير و يبيعه بألف دينار، فليس هذا من الرحمة و الإسلام في شيء .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)