فتحت مديرية الثقافة والفنون لولاية المسيلة، الباب المشاركة في تظاهرة "ارث الفراشة" والتي سيتم خلالها إعادة انجاز لوحات الفنان ناصر الدين دينيه، وذلك في الفترة ما بين 10 إلى 12 أوت داخل.تعد هذه التظاهرة وفق ما أوضحه منظميها تظاهرة في الفن التشكيلي يتم من خلالها إعادة إنجاز لوحات الفنان الفرنسي ناصر الدين دينيه الذي عشق الجزائر ودفن بأرضيها، وقد سطرت المديرية شروطا للمشاركة في فعالياتها التي تنظم على مدار ثلاثة أيام، ومن بينها نذكر أن يكون سن المترشح ما بين 18 إلى 28 سنة من الجنسين، وتكون بلوحة واحدة فقط، واللوحة المشارك بها تكون بقياس مفتوح وبتصوير رفيع النوعية مع إرسال بفيديو يلخص مراحل إعادة إنجاز اللوحة لا يتجاوز الخمس دقائق، كما يتم إرسال اللوحة المراد المشاركة بها مرفقة بالاستمارة التي يجب سحبها من موقع المديرية، مزودة بكل المعلومات المطلوبة، على أن ترسل اللوحة قبل تاريخ 10 من شهر أوت الداخل.
كما أوضحت الجهة المنظمة أن اللوحات المشاركة ستهتم بها لجنة تحكيم متخصصة يتألف أعضاءها من فنانين تشكيلين، ستختار منها الفائزين الثالث بالمراتب الأولى.
الجدير بالذكر، الفنان نصر الدين دينيه، هو رسام مستشرق فرنسي، ولد في باريس سنة 1861م في وسط عائلة برجوازية، قام في بداية حياته برحلة ناجحة إلى مدرسة الفنون الجميلة، فاستطاع الفوز بميدالية من صالون الفنون لقصر الصناعة عام 1884م، كما تحصل على منحة دراسية إلى الجزائر، البلد الذي سبق له زاره عام 1883م، في الجزائر زار كل من مدينتي ورقلة والأغواط، وقد أثرت فيه الصحراء الجزائرية وبقى فيها خمس سنوات كاملة.
لدى عودته إلى باريس عام 1889، عرض دينيه لوحاته التي رسمها عن مدينة بوسعادة في المعرض العالمي وفاز بالميدالية الفضية، لكن تأثير الصحراء الجزائرية لم يفارقه فعاد مرة أخرى إلى بوسعادة التي عشقها ليبقى هذه المرة فيها بشكل دائم، حيث تعرف أكثر على تقاليد المنطقة وعادات السكان وأصبح يتكلم العربية بطلاقة، وتصادق مع رفيق حياته سليمان بن إبراهيم الذي كان صديق عمره ورفيق دربه.
شارك في عدة معارض في الجزائر، من بينها معرض العام 1906 ومعرض العام 1922، فأصبح عضوا مهما من الرسامين الفرنسيين الموجودين في الجزائر، ولكن دينيه كان يشغله حب الصحراء وأناسها عن أي أمر آخر فأخذ في السفر بصحبة صديقه سليمان ليتعرف على الصحراء عن قرب وعن علاقة العرب بالبربر، وفي سنة 1913 أعلن دينيه إسلامه وغير اسمه من الفونس إتيان دينيه إلى نصر الدين دينيه، ليصبح الرسام الفرنسي المسلم، وقد أحدث إسلامه ضجة في أوساط المعمرين الفرنسيين وفي أوساط الطبقة الفنية في فرنسا فاتهموه بالخيانة، ولكن نصر الدين دينيه لم يعبأ بكل ما أوكل إليه من تهم وبكل الكلام الذي حيك عنه، ذلك انه اتخذ الإسلام دينا بكل قناعة وهو الأمر الذي اكسبه نوعا من القوة، وبعد الحرب العالمية الأولى عام 1914م صدر للفنان العديد من الأعمال الرائعة التي لم يلبث الفرنسيون رغم إعجابهم بها أن وصفوه بالخيانة،سافر دينيه إلى مكة المكرمة عام 1929م لأداء فريضة الحج فأصبح الحاج نصر الدين.
وبعد انتهاء موسم الحج في 2 أفريل 1929، سافر الحاج نصر الدين إلى باريس حيث توفي هناك بعد أشهر قليلة في 24 ديسمبر 1929م، ونقل جثمانه بعدها إلى مدينة بوسعادة في ضريح ليستريح في المدينة التي لطالما عشقها.
وفي الثلاثينيات من القرن الماضي أنشا في بوسعادة متحف نصر الدين دينيه لا زال لحد اليوم موجودا وهو من أكبر المتاحف.
أعمال دينيه تحمل في طياتها التمثيل والمحاكاة والواقع الاثنوغرافي، تلخص درايته وفهمه للثقافة واللغة العربية وهذه ميزته عن الفنانين المستشرقين الآخرين، مما مكنه العثور على نماذج عارية في الجزائر الريفية، وهو أمر صعب في هذه المجتمعات العربية الآمازيغية، يمكن وصف معظم أعماله قبل سنة 1900 بأنها "مشاهد بشرية واقعية ومعاصرة"، كما زاد اهتمامه بالإسلام، وبدأ برسم الموضوعات الدينية، وكان نشطا في ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الفرنسية، من بين أعماله ترجمة لقصيدة ملحمية لعنترة بن شداد سنة 1898.
ومن أهم مؤلفاته الرسالة القيمة " أشعة خاصة بنور الإسلام"، وقد ترجمها راشد رستم وهي رد على الفكرة التي يذيعها القساوسة القائلة أن الإسلام لم يأت بجديد، "الحج إلى بيت الله الحرام" وهو من آخر ما ألفه وقد ترجمت خاتمته ونشرت في مجلة جمعية الشبان المسلمين بقلم "توفيق أحمد"، "الشرق كما يراه الغرب" وقد ترجمها عمر فاخوري ونشرت بدمشق مع رسائل أخرى تحت عنوان "آراء غريبة في مسائل شرقية"، "السيرة النبوية" وجاءت في مجلد كبير ألفه مع صديقه الجزائري الحميم سليمان بن إبراهيم، وزينه بالصور الملونة الكثيرة من ريشته الخاصة يمثل فيها المناظر الإسلامية في الجزائر ومعالم دينية فيها وطبع باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وقد ترجمه للعربية الدكتور عبد الحليم محمود ومحمد عبد الحليم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/07/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نسرين أحمد زواوي
المصدر : www.elhayatalarabiya.com