راهنت المرأة الصحراوية على تحقيق الكرامة لنفسها ولأبناء شعبها، وعلى أن تكون عامل تغيير في زمن النزاع ومصدر تجانس وتناغم لأسرتها ولمكونات مجتمعها، وهي تحيي، ككل نساء العالم، اليوم العالمي للمراة، المصادف ل8 مارس من كل سنة. وبقدر ما تشبثت المرأة الصحراوية بكفاح شعبها وعدالة قضيتها، نجت في معركتها وأبهرت العالم بقوتها في التحدي والصبر والانخراط في النضال الذي يخوضه الشعب الصحراوي ضد الاحتلال المغربي منذ أربعون سنة. فكل واحدة من موقعها، من داخل البيت وضمن مؤسسات البلاد وعلى مستوى جمعيات ومنضمات المجتمع المدني بمخيمات اللاجئين وبالاراضي الصحراوية بما فيها المحتلة وحتى من خارج حدود الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، أسماء كثيرة لنساء صحراويات كتبت أسماؤهن بأحرف من ذهب في سجل الحركات التحررية عبر العالم. وهن اليوم، مثل الامس، رافضات للخضوع للظلم والتعذيب والاضطهاد والاعتقال والحصار والتجويع، بفعل ممارسات المحتل المغربي الخارق للشرعية الدولية و للمواثيق الاممية التي تنص على تنظيم استفتاء تقرير المصير في اطار مسار حل النزاع في الصحراء الغربية. ويعود الإحتفال باليوم العالمي للمرأة ليذكر في كل مناسبة بالنساء المضطهدات في العالم جراء الحروب والنزاعات التي جردتهن من أبسط حقوقهن في العيش الكريم كما يجري للنساء الصحراويات اللائي لازلن يعانين، في الأراضي المحتلة، ويلات الاحتلال وظروف العيش تحت تحت نير الاستعمار. أمنتو حيدار، فاطمة مهدي وأسماء كثيرة لوزيرات تداولن على مناصب بالحكومة الصحراوية وفي مؤسسات المجتمع المدني وأخرى لديبلوماسيات، وما أكثرهن، هن عينات ونموذجا لقوة العزيمة والارادة والريادة في مجتمعهن بصبر وقوة تحمل. حضور دائم ونضال مستمر وتحدي لبشاعة الاحتلال ويضم السجل النضالي للصحراء الغربية المحتلة أسماء نساء تركن بصمات واضحة في الوعي الجماعي وتظل معاناتهن في المناطق المحتلة وجنوب المغرب مستمرة باستمرار الاحتلال المغربي. وبشكل يومي، تواكب المرأة الصحراوية تطورات قضيتها ولا تدخر أي جهد لتكون حاضرة تتقدم المظاهرات ومختلف الفعاليات النضالية بالاراضي المحتلة، ناهيك عن نضالها من داخل سجون الاحتلال كما يجري للأسيرات الصحراويات كأمثال محفوظة بمبا لفقير، وقبلها النكية الحواصي وحياة الركيبي والزهرة الأنصاري وغلية الجماني وأم الفضل جودة وفاطمتو الصابي. كلهن جابهن ومازال، ممارسات مهينة وحاطة من الكرامة الإنسانية بسبب مشاركتهن في الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية السلمية المطالبة بالحق في تقرير المصير وحماية ثروات الشعب الصحراوي والمتضامنة مع المعتقلين السياسيين الصحراويين. وفي رسالته الى المرأة والأم الصحراوية (18 فيفري)، أعاد الرئيس الصحراوي، ابراهيم غالي، التذكير بما تتحمله من صعاب في ظل الاحتلال ومعناتها اليومية معه ... الا انها كما قال لم تتوان عن تولي المسؤوليات الجسام في المشروع الوطني الصحراوي، وتصدت بجدارة واستحقاق لأصعب المهام في بناء المؤسسات الوطنية . المرأة الصحراوية لم تكتف بولوج القطاعات الأكثر حيوية مثل الصحة والتعليم والإدارة، بل إنها ساهمت في دعم الواجهة العسكرية، فكانت الأم والأخت والزوجة الوفية المثابرة المندفعة لخدمة الأبناء والإخوة والأزواج المقاتلين في صفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي، بل وكانت حاضرة حتى في خضم المعارك في الجبهات الأمامية، كما استشهد بذلك الرئيس غالي. ولا زالت المرأة الصحراوية بالاراضي المحتلة وبجنوب المغرب عرضة للاضطهاد والقمع ولانتهاكات فظيعة بحقها من اغتصاب واعتقال وتعذيب وحتى التصفية الجسدية وغيرها من الخروقات التي ينتهجها الاحتلال المغربي ضد الشعب الصحراوي والنساء على وجه الخصوص. مقابل ذلك، تحرص الدولة الصحراوية على تسطير سياسة وطنية تصون كرامة هاته الشريحة من المجتمع والنهوض بوضعيتها وتعزيز مكانتها، واستشراف مستقبل أكثر فاعلية للرقي والرفع من مساهمتها في مخططات السياسات العمومية. كما ما فتئت تنبه الرأي العالمي وفي مقدمته الامم المتحدة الى وضعها تحت نير الاحتلال وتدافع عن قضاياها لحمايتها الاجتماعية وحقوقها الكونية لضمان سلامتها الجسدية والنفسية، والنضال من أجل الحرية والاستقلال والسيادة مستمر. عماد من أعمدة المجتمع، هكذا هي المرأة الصحراوية التي احتفت بعيدها على غرار نساء العالم، فدورها البارز في المجتمع ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، وبناء أركان الدولة والنضال من أجل حق الشعب الصحراوي في الحرية، جعل منها نموذجا يقتدى به ويضرب به المثل في مجال النضال والكفاح والتضحية من اجل بناء الوطن. وتؤكد القيادة الصحراوية على أن المرأة عنصر أساسي في رسم ووضع السياسات العمومية وفاعلا اقتصاديا على أساس مرجعية دستورية صلبة. مساهمات في التنمية الاقتصادية ودور رائد في الحقل السياسي والدبلوماسي وكانت المرأة الصحراوية، منذ بداية الاحتلال، تعي مسؤولياتها التاريخية والتحررية وتحدت في ظل هذا الظروف القاسية والاحتلال. وفي مخيمات اللاجئين، أثبتت المرأة الصحراوية صمودها وقدرتها على تحمل قساوة الطبيعة والمناخ في ظل الشتات والحرمان بسب الاحتلال وجدار العار المغربي الذي يقسم الشعب الصحراوي. كما أبرزت الدور الريادي والطلائعي الذي تلعبه في بناء الأسرة والمجتمع جنبا الى جنب مع الرجل في كافة مناحي الحياة، فضلا عن مشاركتها السياسية والدبلوماسية في التحسيس بالقضية الصحراوية وتنوير الرأي العالمي بها كل ما أتيحت لها الفرصة. فكما هو معروف على المرأة الصحراوية بزيها المؤلوف في كل المناسبات الرسمية منها وغيرها، تعمل دون كلل وترفع صوتها عاليا عبر العديد من المنابر محليا ودوليا من أجل رفع الظلم عن ابناء شعبها وتحصيل مزيد من التضامن مع القضية الصحراوية. كما أنها تتولى اليوم الكثير من المناصب القيادية والمسؤوليات والمهام داخل هيئات جبهة البوليساريو ومؤسسات الدولة الصحراوية ومناصب ديبلوماسية كثيرة عبر العالم. ويشهد لها بجديتها في العمل داخل مؤسسات الدولة الصحراوية كما أنها تحظى بمكانة مرموقة في عديد الهيئات القارية البرلمان الإفريقي وغيره. وعلى غرار ذلك، فان المساهمة في التنمية الاقتصادية وفي المجال الاجتماعي ودورها في المحافظة على الثقافة والموروث الصحراوي لا ينشق عن الجانب السياسي فيما تقدمه حرصا منها على الاستعداد بالشكل الجيد ريثما تتبوأ بلادها مكانتها في مصف الامم بكامل سيادتها على أراضيها. فالمرأة الصحراوية مستميتة في وجه الاحتلال ومجندة من أجل بناء الوطن، اذ قالت المناضلة والناشطة الحقوقية، أميناتو حيدر، الفائزة مؤخرا بجائزة نوبل البديلة للسلام: سنواصل دفاعنا عن حقوق الإنسان، وسنبقى واقفين.. ولن نستسلم أبدا للعدو، أو لليأس. فلا تراجع ولا استسلام.. والمعركة إلى الأمام .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/03/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محيوز ي
المصدر : www.alseyassi.com