كيف يقتنع أبناء جيل الاستقلال بخطابات جيل الثورة ''النارية'' ضد فرنسا الاستعمارية، وهم يرون في الميدان ما يتناقض مع هذه الخطابات. فأغلب مسؤولي الجزائر لا يرتاحون إلا في باريس، صحيا ونفسيا. ثم لماذا أصدرت باريس قانونا يمجّد تاريخها الاستعماري دون مراعاة مشاعر الجزائريين، بينما تستميت ''جهات'' جزائرية في عرقلة صدور قانون يجرّم الاستعمار منذ سنوات.
وهناك مثال آخر صارخ على إهانة ذكرى الشهداء والمجاهدين، نرجو أن نجد له تفسيرا لدى ''حماة الوطنية''، من مسؤولين أو ممثلي المنظمات الثورية. ويتعلق الأمر بالإهانة التي تلاحق شهداء الثورة، وتحديدا أعضاء مجموعة الـ22، على بعد أمتار فقط من قصر الحكومة.
''الإهانة الرمزية'' التي نتحدث عنها، والجزائر تحتفل بمرور نصف قرن على وقف إطلاق النار الذي مهد لاستقلال البلاد، تتمثل في وضع صور رخامية لمجموعة الـ22 التاريخية بالتناظر مع صور رخامية لحيوانات روضة الأطفال المحاذية لقصر الحكومة. ويمكن لأي زائر مشاهدة صور رخامية لحيوانات أليفة، كالقط والسحلية وغيرهما، معلّقة بعناية على سياج حديدي هو في الواقع سياج روضة للأطفال، وعلى السياج ذاته ـ بالتناظر ـ تم تعليق لوحات رخامية بنفس الحجم والمقاييس تظهر صور مجموعة الـ22 التاريخية.
وعندما بحثنا في قصة هذه الصور، توصلنا إلى أن صور الحيوانات الخاصة بالروضة تم وضعها خلال عشرية الثمانينات، بينما عُلّقت صور مجموعة الـ22 في نوفمبر 5991 بمبادرة مشتركة من بلدية الجزائر الوسطى وتنسيقية أبناء الشهداء آنذاك ''تكريما لهم''.
وطبعا السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إذا كان وضع صور الحيوانات بالتناظر مع صور المجاهدين عملا مقصودا فهذه كارثة، أما إذا كان وضعها نابعا عن عدم إدراك القائمين على هذه العملية التكريمية بـ''الأبعاد'' الرمزية للصورة، فتلك كارثة أخرى.. واجتهاد خاطئ.
وفي هذا المستوى ألا يبدو الخطاب ''الثوري'' الذي يردده المسؤولون الجزائريون كل عام بمناسبة أو بدون مناسبة، خطابا خشبيا، شبيها بتأبينية رئيس كوريا الشمالية الراحل ''كيم جونغ إيل'' الذي قيل في بيان رسمي إنه توفي بسبب ''الإجهاد الذهني''!
belramddz@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : رمضان بلعمري
المصدر : www.elkhabar.com