الجزائر

“إنتقائية" في ترتيب البيت!



“إنتقائية
مساعي حثيثة تجري على المستوى الأوروبي لترتيب البيت الداخلي بحثا عن الإستقرار المالي الممهد لإنعاش إقتصادي قادر على إستحداث حركية في شتى القطاعات الحيوية خاصة التي عصفت بها الإضطرابات الأخيرة.
هذه القناعة المبدئية المسجلة لدى القادة الأوروبيين لا تنطوي على مسار غير منته، بل أن الحيثيات الظرفية هي التي حتمت على هؤلاء البحث عن إطار يكون بمثابة فضاء للحديث عن عمق القضايا منها واقع وآفاق منطقة الأورو اليونان.
كل التصريحات السياسية الصادرة عن المسؤولين الأوروبيين لا تفرط في مؤشرات ملموسة في الباطن لها دلالات سياسية، تترجم الحرص على بقاء » المجال الحيوي« الأوروبي المرجعية الضرورية في الزمان والمكان وهذا ما يؤكد كل تلك »المواقف« المتوجهة نحو أركان منظومتها البنكية التي هي في حاجة ماسة إلى حوالي 62 مليار أورو ... في حين أن اليونان ما تزال تئن تحت وطأة الشروط المجحفة التي كبلتها بإسم مخطط إنقاذ عطل الحياة الإقتصادية والسياسية إلى درجة الإنهيار في هذا البلد الذي هو محمل الآن بحوالي 240 مليار أورو كديون على ظهر هذا البلد، وينوي الإستفادة من 16 و 20 مليار أورو... في الوقت الذي يشدد عليه بأن يضفي حساباته خلال عامين فقط.
وضن هذا التوجه، فإن الأوروبيين تحذوهم عزيمة قوية وإرادة لا تلين من أجل ترتيب البيت الداخلي وفق رؤية منطقية.. تساهم في دفع العمل المشترك إلى أقصى درجة حتى وإن كانت هناك اختلافات في وجهات النظر.. هذا كله مؤجل إلى إشعار آخر ريتما يتم ترميم كل ما يتطلب الأمر ترميمه في آجال محددة.. هذه الرؤية الإستراتيجية والبعيدة المدى لم يدرج فيها اليونان البلد المنسي.. الذي يكابد آثار أزمة مالية خانقة، اختار أن يسيرها أنطونيس سماراس الشخصية التي دخلت معترك التخلص من فخ برنامج التصحيح الهيكلي واضعة في نصب أعينها وأولوياتها رفع كل هذا الغبن الذي لحق بهذا البلد.
وفي هذا الشأن، فإن الأوروبيون مدعوين إلى الإجتماع يومي 28 و 29 جوان الجاري في بروكسل في قمة وصفت بالحاسمة قصد وضع ترتيبات العمل المشترك القادم.
،سبق هذا اللقاء محادثات معمقة بين كل من هو لاندومير كل ومونتي وراخوي توجت بتخصص 130 مليار أورو للنمو ... وهنا يتجلى ما مدى قدرة الرئيس الفرنسي على تمرير طروحاته المتعلقة بمسألة النمو التي لم يكن الألمان يستسيغونها نظرا لقوة إقتصادهم، الذي يحقق نموا معتبرا كل سنة حتى في عز التغييرات الحاصلة هنا وهناك .....
وما انبثق عن هذه الإتصالات الأولية تمهيدا لقمة بروكسل من حديث عن الإستعمار والعمل والإصلاحات الهيكلية، تبين حقا أن الأمة ليست مالية فقط وإنما هناك مؤشرات أخرى تحتاج حقا المزيد من العناية والإهتمام لتكوين الإحاطة من كل الجوانب.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الخط الذي سيكون في قمة بروكسل يستند إلى معالجة كمية المشاكل بأوروبا.
ومن زاوية أخرى، فإن مشاركة ماريا راخواي في الإجتماع الرباعي يعد رسالة واضحة في شقيها السياسي والإقتصادي، على أن مدريد ستحظى بكل الدعم لإخراجها من حالة الإنسداد التي لحقت بها جراء السقوط الحر لنظامها المالي ... وفي هذا الإطار، فإن ما يسمى بمنطقة الأورو دعت إسبانيا إلى إيداع طلب مساعدة يتعلق بمنظومتها البنكية .. وما يستدعي الإنتباه له هنا هو أن المؤسسات الأوروبية تدخلت في هذا الأمر منها صندوق المساعدة الأوروبي الآلية الأوروبية للإستقرار التي ستكون جاهزة يوم 9 جويلية القادم، كما أن وفدا يتكون من خبراء اللجنة الأوروبية، ومنطقة الأورو، وصندوق النقد الدولي سيزور إسبانيا للوقوف على قابلية هذا البلد بتدبير شؤونه المالية.
كل هذا يجري في الوقت الذي مازال اليونان رهين تلك الخطط المجحفة التي أطلق عليها إسم »إنقاذ« والتي أغرقت البلد في مشاكل عويصة جدا أثرت تأثيرا قويا حتى على الجانب السياسي وهذا بإجراء موعدين للإنتخابات... واستنادا للتصريحات الأولية للشخصية السياسية الجديدة سماراس، فإن إنشغاله الأول هو كيفية تخلص بلده من كل »الإلتزامات« و »الإرتباطات« التي بدأت في عهد بابا ندريو.
ويبدو الأمر معقدا جدا.. بالنسبة لليونان في اتخاذ أي مبادرة أحادية الجانب... دون استشارة الأطراف المشرفة على هذا العمل، نظرا لإنعدام أي مؤشر يوحي بأن اليونان يتمتع بكل الوسائل التي تسمح له بإنقاذ نفسه من هذه الورطة.. في حين أن إيطاليا استطاعت أن تحقق نتائج باهرة بإعتراف المؤسسات المالية الدولية.
ونظرة الأوروبيين لليونان تختلف عن تلك المتوجهة لإسبانيا- وهذا لعدة إعتبارات إلا أن الأزمة المالية لا تختار أي بلد وإنما هي واقع ناتج عن الآداء السيء.. وغياب الحكم الراشد وعدم التحكم في التسيير الصارم لدواليب الإقتصاد وترك الحابل على الغارب.. غير أن مفهوم التضامن يخضع لإنقائية مفضوحة، فما اقترح على إيطاليا وإسبانيا وبدرجة أقل البرتغال لم ينقل إلى اليونان.
لذلك فإن الأزمة في إسبانيا مجرد مخاض وقتي.
في حين أن ما يحدث في أثينا هزة قوية حركت كل مؤسسات هذا البلد وأظهرت إفلاسها وعجزها في إحداث التوازنات المالية الكبرى التي يطالب بها الأوروبيون لذلك فإن اليونانيون لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم في فترة وجيزة لأن الشروط كانت تعجيزية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)