الجزائر

إنتاج الطّاقة في الجزائر..مُنحنيات تصاعدية



مورّد أساسي للسّوق الأوروبية بالغاز بفضل استثمارات "سوناطراك"سجّل الإنتاج الجزائري من الطاقة الأولية سنة 2021 ارتفاعا بنسبة 13.9 % مقارنة بسنة 2020، حيث بلغ 164.4 مليون طن معادل بترول، حسبما جاء في حصيلة لوزارة الطاقة والمناجم، مشيرة إلى ارتفاع بنسبة 40 % من صادرات الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المميّع، وذلك بدافع الطلب القوي من زبائن أجانب.
تأتي الحصيلة التي نشرتها وزارة الطاقة لتوافق المعطيات الأخيرة التي جاءت في نشرية منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، التي كشفت أن الجزائر حققت منذ عام 1971 أكثر من 600 اكتشاف للنفط والغاز على أرضها، واستثمرت لأجل ذلك ما يقرب من 185 مليار دولار منذ 1985، هذا جعل إنتاج النفط والغاز في الجزائر، يصل إلى 164 مليون طن من النفط المكافئ بحلول نهاية عام 2021، أي بارتفاع قدّر ب 14 % مقارنة بعام 2020 وبأكثر من 3 أضعاف، مقارنة مع مستويات 1971.
وأكّدت النشرية التي استندت إلى تصريحات وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، أنّ الجزائر أصبحت من موردي الغاز الأساسيين في السوق الأوروبية بحصة تفوق 11 % من واردات أوروبا من الغاز لعدة عقود، وهذا بفضل استثمارات مجمّع "سوناطراك"، حيث حرصت خلالها على احترام التزاماتها التعاقدية ما مكنها من كسب ثقة الشركاء الأوروبيين، وعليه وبالموازاة مع ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، عرفت صادرات الغاز سنة 2021 ارتفاعا معتبرا قدر ب 40 % (54% بالنسبة للغاز الطبيعي، و13% بالنسبة للغاز الطبيعي المسال) ليصل الاجمالي إلى قرابة 56 مليار متر مكعب.
وتأتي هذه النتائج كتتويج للمجهودات والاستثمارات التي قامت بها شركة سوناطراك، والتي صنّفت باكتشافاتها الثلاثة الجديدة خلال الثلاثي الأول من عام 2022، كأول شركة في العالم العربي، وقد استطاعت بفعل نشاطها المكثف من رفع حجم الإنتاج الأولي التجاري من المحروقات بما يقرب عن 14 % مع نهاية عام 2021 مقارنة بسنة 2020، وبأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة مع مستوى سنة 1971، علاوة على ذلك قد استطاعت سوناطراك أن تضيف إلى رصيدها، اكتشافا جديد بأدرار، والذي تشير تقديرات الأحجام المكتشفة بشأنه إلى احتياطيات ما بين 48 و150 مليون برميل، ليرفع الكشف الجديد، حصيلة سوناطراك إلى 8 اكتشافات نفطية وغازية خلال 2022.
وبتكثيف عمليات الاستكشاف يُتوقّع أن يرتفع إنتاج الجزائر من الغاز الطبيعي بنسبة 4 % بحلول عام 2026، ما سيزيد من حصة الجزائر في الأسواق الدولية، وهذا بعد أن ارتفعت صادرات الغاز الجزائري بنسبة 71 % خلال 2021 مقارنة بالعام السابق، لتسجّل 12 مليار دولار المحروقات تمثّل نحو 18 % من الناتج المحلي، و91 % من عائدات الصّادرات، ونحو 50 % من إيرادات ميزانية الدولة.
ويؤكّد في هذا الصدد، المحلل الاقتصادي سعد سلامي، أنّ نسبة الارتفاع في إنتاج الطاقة الأولية المتمثلة في 13.9 %، هي نتيجة كبيرة مردّها إلى الحوكمة في الاقتصاد الجزائري وحسن تدبر الشأن الطاقوي، وحسن دراسة المؤثرات الاقتصادية الإقليمية والدولية، كما تعود إلى القرارات السيدة والتحديات الشجاعة التي رفعها رئيس الجمهورية، مثل تلك المتعلقة بإنهاء استيراد مشتقات البترول من بنزين ودييزل، والتحول لإنتاجها في الجزائر، ما أدّى إلى مضاعفة الجهود لتغذية السوق الوطنية بها.
ويوضّح ذات المتحدّث، أنّه بقراءتنا للمناخ العام لهذا التحول الحاصل في اقتصاد الطاقة بالجزائر، فإنه لا بد من الإشارة إلى العوامل التي مكنت من تحقيق هذا الارتفاع، فمحلياً، أدّت خطة الإنعاش الاقتصادي الممتدة من 2020 إلى 2024 إلى إحداث نقلة في قدرات الإنتاج للطاقة الأحفورية تلبية للطلب الداخلي المتزايد، وكذا لمواصلة الوفاء بالتزامات الجزائر في الأسواق الدولية، بينما أدّت التغيرات الجيواستراتيجية الحاصلة على المستوى الدولي، إلى الإخلال بنظام التزود بالطاقة عالمياً، ما أدّى إلى انحسار إمدادات الطاقة خاصة في أوروبا، وكلها عوامل فرضت حتمية الانتقال السريع إلى مستويات إنتاج طاقوي أعلى، بحيث نمت بنسبة 40 بالمائة في 2021 مقارنة مع معدل 2020.
ويفيد سلامي أنّ للجزائر سياسات تمدّد طاقوي، تعتمد في تجسيدها على تكثيف عمليات الاستكشاف، وتطوير منشآتها القاعدية واللوجستية الطاقوية، وتسعى من خلال ذلك إلى تحقيق أهداف إستراتيجية قريبة الأمد، تتمثل في مضاعفة صادراتها الطاقوية نحو أوروبا، تلبية للتحول الكبير في الطلب على الطاقة، وتعزيزاً لقدراتها الإنتاجية المستقبلية، سطّرت الجزائر مشاريع طاقوية ذات أبعاد إقليمية، مثل المشروع الخاص بتصدير الكهرباء مع الشريك الإيطالي، وخط أنبوب الغاز الممتد من نيجيريا حتى أوروبا، إضافة إلى التركيز المتزايد على الطاقات البديلة كالأمونيا الخضراء والهدروجين الأخضر اللذان يضافان إلى المزيج الطاقوي المتجدّد، على رأسه الطاقة الشمسية.
وللاستمرار في نفس النهج التصاعدي، سبق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مع نهاية العام الماضي، أن وجّه وزير الطاقة والمناجم، بالشروع في العمل على زيادة إنتاج الغاز بغرض المحافظة على معدل الاستهلاك الوطني من جهة، وتقوية التصدير من جهة أخرى، تنفيذا لالتزامات الجزائر مع شركائها الأجانب، كما أعرب الرئيس صراحة عن طموح الجزائر لمضاعفة إنتاج الغاز الموجه حصرياً للتصدير، بالقول خلال افتتاحه لمعرض الإنتاج الجزائري منتصف شهر ديسمبر من العام الماضي "نحن ننتج حاليا قرابة 102 مليار م3 من الغاز، نستهلك نصفه محلياً، أتمنّى أن نصل، خلال 2023، إلى إنتاج 100 مليار م3 من الغاز موجه فقط للتصدير".
كما سبق للرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، أن أوضح في حديث لنشرية "ميدل ايست ايكونوميك سورفاي"، أنّ الشركة ستستثمر ما قيمته 40 مليار دولار خلال المخطط الخماسي للاستثمار الخاص بسوناطراك (2023-2027)، حيث سيتم تخصيص أكثر من 30 مليار دولار للاستكشاف والإنتاج بهدف الرفع من الإنتاج على الأمدين القصير والمتوسط، وإعداد حافظة مشاريع مستقبلية لاسيما فيما يخص الغاز الطبيعي، وينتظر حسب حكار أن تدخل العديد من المشاريع التي هي قيد الإنجاز، الخدمة في السنتين القادمتين، ويتعلق الأمر باستغلال حقول حاسي موينة وحاسي باحمو في الجنوب الغربي وبحقول ايسارين وتين فويي تبنكوت في الجنوب الشرقي للوطن، كما يرتقب تجسيد مشاريع أخرى في 2023 و2024، لاسيما في حاسي الرمل وحمراء وأوهانات وتوات.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)