طلّت شمس المغيب معلنة عن قيامة الوريد، طلّت شمس تنبعث منها شرارة الجهاد، مسبوقة بمقطوعة الفلاح، موصولة بدندنات الخلاص، مفتوحة بطلاسم العهود، مختومة بأغاني الإنتصار، طلت شمس الفاتح من نوفمبر فهطلت العيون ودامت سيولتها، وبكت القلوب ونزفت جروحها، واستيقظت الذاكرة من سباتها فدفعت بالزهيمر الى جوفها، تبدلت الملامح ومالت حزن وأنارت أخرى سعادة كثرى، صوت الدقات انبعث وكان ذو لحن مدولب، دعت الذكريات ما مضى إلى منصة الارتقاء فتشرفت بالفخر وأعلنت المفخرة، وعلى مقربة من ذاك الحدث تعالت أصوات مكبوتة تحت طوابق الأرض منادية من طبطب فوقها، طالبت رحمة ودعوة جافية، قالت إني ضحيت بالنفس والنفيس، وبكل قطرة دم فداذ جذع شجرة و روح ابن آدم يُصْلِحُ و يُصَلَّحُ، إني حاربت مطولا و سهرت الليل العابر، على أمل استقرار دائم وأمن قائم، إني فضلت آخرتي فأديت روحي إلى وطني في دنياي ..إني عشقت جزائري، فتنفست هوائها المنمّق، ولم أرغب يوما في هجرها مطولا، لولا القدر خطفني من سبلها، كنت جنديا في جبالها. جرجرة والطاسيلي والهقار وغيرها تشهد على أذيتي، لكن فلذتي لم تكن يوما مبالية، بغير استقلال وطني .. وعبر ربوع بيتي كنت أسير مغاير لهجتي، فجزء مات وأنا في مهجعي، وجزء سقط في اعتلاء الهرم، والآخر أمام سيف صاحبي، ولكن الباقي كان مؤنِّسي، فغايتي يوما لم تمت ودربي كان مفبركا، وبالعوائق مغلفا.
غدروني في مذياعي المسائي، وجروني من عنقي إلى مقصلة الخشب فسلبوني رأسي و أساسي . لكنني يوما لم أمت، بل جثتي تحت التراب رقدت و لكن قلبي دائما كان منصتا، لصوت طفلي باكية، وانين أختي ساجدة، ونداء أمي شاهقة، گانت نفسي ولا تزال تجول بينكم و تحوم حولكم فتنشر ذكرى ماضٍ لم يعد و لكنه في البال حجز تذكرة من ذهب، اليوم عيد مولدي، الواحد من نوفمبر كان موعد نشأتي، لكن مارس كان يوما لتعيين لقبي فإتفق السابقين على دلعي، وهموا جمعا لحصاد زرعي، جبهة التحرير الوطني كانت ملبسي، ومن تشابك خيوطها نسجت قوتي، فيا نوفمْبَرِيُّ و يا أيها الجزائري، الشهم، المغوار ، القوي، المحارب، المقدام، الصلب العتيق أهديك نوفمبري فقبل علمي و سلم عليه تسليما ولحن للنشيد تلحينا وكرم روحي عطاء و تفانى في خدمة جزائري دهرا ..
نوفمبر اليوم يحملكم وفي الأحضان يستقبلكم، انه الجليل صاحب السمو والغني صاحب المقام فقدروه وكنوا له احتراما وللغد أجعلوه مآبا، وعودوا إلى الوراء خطوة تجدونني أسرد لكم تفاصيل عمرة، وكيف خططت بيان نوفمبر وشققت طريقي الى أفق جنة الخلد و الرضوان هنيئ البال.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/12/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : بن راحلة جمانة
المصدر : www.ech-chaab.net