الجزائر

إقبال على التكفل بمجهولي النسب بغليزان للتخفيف من معاناتهم



بدأت كفالة الأطفال مجهولي النسب تتجذر بغليزان في مجتمع ريفي ومحافظ، حسبما تبينه آخر الاحصائيات لمديرية النشاط الاجتماعي. وإذا كان الأزواج الذين يحرمون من الإنجاب هم الأكثر اهتماما بكفالة الأيتام ومجهولي النسب، فإن المديرية المذكورة سجلت أيضا إقدام عائلات لها أولاد وكذا نساء غير متزوجات على كفالة هؤلاء الأطفال المتخلى عنهم.
وحسب السيدة عبد الله، مساعدة اجتماعية بمديرية النشاط الإجتماعي، فمن 40 إلى 45 عائلة تتولى سنويا كفالة مجهولي النسب من الجنسين بعد التقدم بطلبات في هذا الشأن. وقبل الموافقة تخضع ملفات طالبي الكفالة “لدراسة معمقة ومتابعة ميدانية” من قبل الجهات المختصة لمعرفة مدى توفر شروط التكفل لدى العائلات الطالبة، لاسيما من حيث الظروف الإجتماعية والمعيشية والقدرة على القيام بشؤون المكفول. وتجتمع كل ثلاثة أشهر اللجنة المكلفة بدراسة الطلبات للنظر في الملفات حتى يتم تمكين العائلات المؤهلة لاستقبال الأطفال المتخلى عنهم للتكفل بهم.
وتقوم مديرية النشاط الإجتماعي ب”المتابعة الدائمة” للمتكفل بهم وتبقى في اتصال دائم مع العائلات الكافلة للمساعدة على تسوية أي مشاكل تواجهه من جهة، ولمراقبة كيفية رعاية الطفل المتكفل به والتصدي لأي إهدار لحقوقه أواستغلاله لأغراض معينة، مثل التسول وغيره.
ويسمح التكفل بالأطفال مجهولي النسب بالعيش في دفء العائلة وعدم الحرمان من الحنان، خاصة في مرحلة الصغر التي تعتبر مصيرية في حياة الإنسان ومفصلية بالنسبة لتوازنه في المستقبل، حسب المساعدة الإجتماعية.
وبالفعل تقول نبيلة، البالغة من العمر 16 سنة، التي قدمت إلى مديرية النشاط الإجتماعي رفقة كفيلتها لتسوية مسائل إدارية أنها تعيش في حضن العائلة طفولة سعيدة مع هذه الأم التي ترعاها منذ 13 سنة، والتي لا تتركها محتاجة لأي شيء وتعاملها كالبنت المدللة، ولا تحس يوما أنها ليست أمها الحقيقية. ومن جهتها تقر الأم الكفيلة أن هذه الطفلة جلبت لها السعادة، ولذلك قامت بكفالة طفل عمره اليوم 6 سنوات ليؤنسها ويكون أخا لنبيلة.
وحتى لا يصطدم الطفل المتكفل به بأي مشكل نفسي عند الكبر، يتم إبلاغه في سن مبكرة بأنه متكفل به، مثلما تقول الآنسة فاطمة (38 سنة)، صاحبة ورشة خياطة، التي تكفلت ببنت في السنتين من العمر وتمنحها كل الحنان وتسهر على تنشئتها، لتكون على قدر عال من التربية وتصبح في المستقبل عنصرا فاعلا في المجتمع. وترى سامية (موظفة)، والتي تكفلت هي الأخرى ببنت ذات ربيعين، رغم أن لها ابنة أنجبتها منذ خمسة عشر سنة، أن إبلاغ الطفل أنه متكفل به يجب أن يتم بمساعدة أخصائي نفساني حتى لا يتسبب له ذلك في أزمة تؤثر على حياته.
غير أن أهم مشكل يواجهه معظم المتكفل بهم يبرز في سن المراهقة، عندما يأخذهم تفكيرهم في رحلة البحث عن الأم البيولوجية ومعرفة أسباب تخليها عنهم. وتبدأ هذه الرحلة من مديرية النشاط الإجتماعي باعتبارها هي التي تحتفظ بملفات كفالتهم، غير أن هذه الرحلة لا تغدو أن تكون سرابا، فيتوقف المراهق عن نبش الماضي ويتعود على تقبل الوضع والتخلي عن مواصلة البحث عن الأم التي أنجبته.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)