إفريقيا وشمالها المتخلف

ما يحدث في كأس أفريقيا يكاد يتطابق مع ما يحدث في السياسة والتنمية والاقتصاد، وباستطاعتنا ان نرى من خلال المباريات التي تخوضها الفرق المغاربية مدى اتساع الهوة بين الدول الإفريقية ودول شمال افريقيا، فأفريقيا تتقدم وتتطور في كل شيء ودول المغرب العربي تكاد تكون قارة وحدها بمعزل عن افريقيا، و ربما سيأتي يوم ويكتشف الشباب المغاربي جنة افريقيا وفرص الحياة فيها فتتحول الحرقة نحو الشمال إلى حرقة نحو الجنوب وبدلا من الموت في المتوسط سيموتون في الصحراء القاحلة، وهنا لا تجد دول افريقيا من حل سوى بناء جدار عازل بينها وبين دول شمال افريقيا التي لا تريد أن تفهم أن كل شيء فلت منها، الكرة والاقتصاد والمجتمع وكل شيء. كل شيء يمضي نحو الأمام إلا شؤون دول المغرب العربي تسير نحو الخلف، لقد خسرت تونس في مباراتها وخسرت المغرب وتعادلت الجزائر ولكنه تعادل لا يختلف عن الخسارة، وكل هذه الخسائر ليست في واقع الحال خسائر في الكرة ولكنها تعبر عن فشل في الحكم الراشد والسياسة الحكيمة والتخطيط الاستراتيجي. رواندا التي خرجت من حرب أهلية مثخنة بالجراح في اواسط التسعينات والتي كان الكل يعتقد أنها بعد خروجها من حمام الدم ستدخل في ظلام التخلف، لملمت جراحها بسرعة وهاهي ثاني اقتصاد في إفريقيا بعد جنوب افريقيا، وهاهي جيبوتي الدولة الصغيرة التي لا يتعدى تعداد سكانها مليون نسمة تبعث مشروعا واعدا يتمثل في اكبر منطقة حرة في افريقيا، دون أن ننسى دولا افريقية أخرى تسير بهدوء وصمت نحو القمة في الوقت الذي تنحدر فيه الدول المغاربية بضوضاء وفوضى نحو الهاوية، أيها الناس الحكاية لم تعد حكاية هزائم في كرة القدم ولكنها حكاية منطقة لا تريد أن تعيش بالمنطق تتوفر على كل الفرص للانطلاقة ولكنها تأبى ذلك وتعتقد أن انتصارا في مباراة للكرة قد بصنع لها مجدا. ولا تستغربوا ان استيقظنا يوما ووجدنا حالنا مع دول افريقيا كحال المكسيك مع الولايات المتحدة الامريكية .