الجزائر

إفريقيا خيار استراتيجي على جبهتين والشراكات حل لتطوير اللوجستيك


إفريقيا خيار استراتيجي على جبهتين والشراكات حل لتطوير اللوجستيك
يعتبر الخبير الاقتصادي كاتب الدولة السابق للاستشراف والإحصائيات بشير مصيطفى، أن إفريقيا بالنسبة للجزائر تمثل استراتيجية على جبهتين، تتمثل الأولى فيما تتيحه الجزائر لدول القارة من إمكانيات لتطوير اقتصاديات لا سيما في مجال التصدير والتبادل التجاري مع باقي دول العالم، فيما تتمثل الثانية فيما تتيحه السوق الإفريقية من فرص لتسويق المنتجات الجزائرية وترقية الاقتصاد الجزائري؛ من خلال الاستثمارات والشراكات المتاحة في دول القارة، مؤكدا أن إفريقيا تشكل اليوم خيارا استراتيجيا بالنسبة للجزائر.فحسب الخبير مصيطفى فإن إفريقيا التي وضعت رؤية استشرافية من أجل النمو تمتد إلى غاية 2065، والتي تعتبر الجزائر طرفا فيها وأكثر الدول تحكما في أهداف هذه الرؤية، تعوّل على ترقية المؤهلات الاقتصادية بالقارة بما فيها دعم سياسة التصنيع، غير أن مشكلة إفريقيا حسبه، تكمن في أنها لا تملك لوجيستك للتصدير، ولذلك فإن الجزائر تُعتبر أهم بوابة بالنسبة لدول القارة بالنظر إلى كون التصدير عن طريق المتوسط، يُعد أقرب طريق وأقل كلفة مقارنة بالتصدير عبر المحيط.من هذا المنطلق يعتبر السيد مصيطفى أن الجزائر التي تمتلك منشآت مرفئية أهم وأكبر من تلك التي تتوفر عليها المغرب وتونس، تحتل موقعا أفضل لتكون منطلقا للمنتجات الإفريقية الموجهة للتصدير، ولذلك يمكنها استهداف هذا العامل في إطار ترقية علاقاتها الاقتصادية مع دول القارة السمراء.أما الجبهة الثانية التي يمكن للجزائر استهدافها، حسب الخبير الاقتصادي، فهي ترتبط بمساعي الجزائر لتطوير وتكثيف صادراتها إلى إفريقيا، حيث تعتبر السوق القارية، حسبه، مفيدة جدا بالنسبة للجزائر، التي تملك سوقا داخليا ضيقا جدا قوامه 40 مليون نسمة مع ضعف الطلب على المنتجات بالنظر إلى انخفاض القدرة الشرائية، «وبالتالي هذا لا يكفي لتكون هناك سياسة العرض بالنسبة للإنتاج».في ظل هذا الوضعية تبقى أمام الجزائر، حسب كاتب الدولة السابق للاستشراف، 3 خيارات لتوسيع مجال تسويق منتجاتها، إما التوجه إلى سوق المغرب العربي الذي يمثل 100 مليون نسمة، أو سوق الشرق الأوسط والخليج أو السوق الإفريقية. ومقارنة بمستوى التنافسية الضعيف التي تواجهه المنتجات الوطنية في كل من السوق المغاربية والخليجية، تبقى السوق الإفريقية تحتل أولوية الخيارات بالنسبة للجزائر، «لأن المنافسة فيها أقل حدة، وتقتصر على المنتجات الصينية واليابانية، وبما أن الصين تُعتبر اليوم شريكا للجزائر في إطار الاستراتيجية الإفريقية للشراكة، فهي ستكون داعمة لتوسع المنتجات الجزائرية في إفريقيا، لتبقى المنافسة محصورة فقط في اليابان الذي يمكن منافسة منتجاته في إطار شراكات ناجعة في إفريقيا.انطلاقا مما تقدم، يخلص الخبير بشير مصيطفى إلى أن الجزائر يمكن أن تطور اقتصادها على جبهتين في إفريقيا، تتمثلان في التصدير من إفريقيا عن طريق الموانئ الجزائرية، والتصدير إلى إفريقيا عن طريق الصناعة والفلاحة والصناعات الغذائية والطاقات المتجددة والاتصال والمعلوماتية. غير أنه يرى أن هذه الرؤية تكمن في الأهداف الاستراتيجية، لكن في الميدان حقا لا نملك الإمكانيات اللازمة حاليا لتجسيد كل هذه الأهداف، «لأن الخط البري توقف على مستوى الحدود مع النيجر، وخط الألياف البصرية الذي يصل إلى نيجيريا لازال متعطلا، وخطوط سكك الحديد أيضا متعطلة بسبب نقص الاستثمارات في إفريقيا، فضلا عن كون اللوجيستيك الذي تمثله الرحلات الجوية الدولية مع إفريقيا يُعد ضعيفا».هذا الواقع يفرض، حسب محدثنا، بذل جهود أكبر لتطوير الإمكانيات اللوجيستية، حيث اقترح في هذا الصدد بعث شراكات ناجعة بين الجزائر والاتحاد الإفريقي ومع البنك الإفريقي للتنمية، من أجل مد شبكات السكة والطرق وتطوير الأسطولين الجوي والبحري، معتبرا بالتالي، التحدي الأول الذي سيواجه الجزائر في تنفيذ هذه الاستراتيجية تحدي اللوجيستيك، غير أنه يرى أن هذا التحدي في متناول الجزائر، التي عليها فقط نسج شراكات وبعث استثمارات ناجعة بالشراكة مع المؤسسات المالية الكبرى؛ كالبنك الإفريقي للتنمية والبنك الدولي.الجزائر ستكون مصدّرة في غضون 10 سنواتأما بخصوص مدى استعداد الجزائر للتصدير لإفريقيا فيذكر السيد مصيطفى بأن رؤية التصدير بالنسبة للجزائر تدخل في إطار النموذج الجديد للنمو، حيث يعترف بأن في الوقت الحالي ليس لدينا الكثير مما يمكن أن نصدّره، «لكن سيكون لنا ما نصدره في المستقبل»؛ وذلك لسبب بسيط، هو أن خطة الجزائر ليست مسطرة لعام أو عامين، والخطط التي سيتم إقرارها في إطار المنتدى الاقتصادي الإفريقي ستمتد إلى 10 سنوات فما فوق؛ «وبالتالي في 2025 أو 2030 سيكون للجزائر ما تصدّره؛ لأن المعروف لدى الاقتصاديين أنه عندما ينتهي النفط ينتهي الريع ويبدأ الاقتصاد».في نفس الفكرة يذكر كاتب الدولة السابق، بأن الجزائر وضعت خارطة طريق جديدة ضمن نمط النمو الجديد الذي يمتد حتى 2019، مشيرا إلى أن هذا النمط يؤهل البلاد لتكون مصدّرة في غضون 10 سنوات، «وخلال هذه المدة سيتم التحضير للإمكانيات اللوجيستية كالطرق وشبكات التصدير الجوية والبحرية وغيرها..».وإذ يعتبر القارة السمراء واحدة من أهم الخيارات الاقتصادية بالنسبة للجزائر وليست الوحيدة، يرى مصيطفى أنها تبقى تشكل خيارا استراتيجيا، لأن الجزائر تربطها بإفريقيا علاقات تاريخية، خاصة أنها شريك سياسي للجزائر منذ سنوات طويلة.كما يؤكد محدثنا وجود العديد من العوامل المشجعة لضبط بوصلة الاقتصاد الجزائري باتجاه إفريقيا، ومنها العلاقات الدبلوماسية الجيدة والهامة التي تربط الجزائر بدول إفريقيا؛ كونها عضوا في كل المؤسسات الإفريقية، السياسية والاقتصادية والمالية.وحول تأثير بعض الأوضاع السياسية والأمنية في عدد من دول القارة على الخيار الجزائري، يرى السيد مصيطفى أن العاملين السياسي والأمني سيتم أخذهما بعين الاعتبار في إطار المنتدى الاقتصادي الإفريقي، وأن ذلك يمثل جزئيات في إطار المخططات الاستراتيجية التي يتم وضعها، والتي تشمل الهندسة الكبيرة الثابتة وكذا المتغيرات، التي يمكن، حسبه، أن تدفع إلى تصحيح الخيارات الجزئية، مثل اعتماد استثمارات قصيرة المدى، على حد تعبيره.وعن تأثير ذلك على فكرة إنشاء منطقة للتبادل الحر بتمنراست، يقول الخبير مصيطفى إنه لا يعتقد أن هذا الخيار سيكون أفضل من طريقة بناء الاتحادات الاقتصادية والجمركية، موضحا أن مناطق التبادل الحر لم تبق معتمدة في العالم في ظل تنامي خيار الاتحادات المالية والاقتصادية والجمركية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)