الجزائر

إفرازات التغيير في أرض الكنانة تحت رقابة القوى الكبرى الثورة المصرية بعيون أمريكية وإسرائيلية



 تبقى إفرازات ثورة الشارع المصرية التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك تثير اهتمام ومتابعة مختلف المصالح الاستخباراتية ومراكز الدراسات وصناعة القرار، خاصة الأمريكية والإسرائيلية، اللتان تعتبران القاهرة أهم محاور التغيير في المنطقة العربية.
ويتضح لصانع القرار الأمريكي أن أي تغيير للموازين السياسية الداخلية في مصر يمكن أن يؤثر على مستقبل المنطقة، حيث تظل مركزية الدور الإقليمي المصري قائمة. فمصر المنهكة اقتصاديا، جرّاء سنة كاملة من عدم الاستقرار، تظل بناء على ''التزامات دولية وإقليمية'' مرتبطة بواشنطن وتل أبيب من خلال اتفاقية كامب دافيد، منذ سنتي 1978 و1979، واتفاقية ''الكويز'' نهاية 2004، إضافة إلى الدعم العسكري والاقتصادي بـ''حوالي 3 ,2 إلى 5, 2 مليار دولار سنويا''.
ويبدو أن النظام الجديد سيظل عرضة لضغوط دولية، بالنظر لدور مصر، سواء بالنسبة للملف الفلسطيني أو السوداني، أو المسائل الإستراتيجية المتعلقة بالمياه والصراع غير المحسوم مع إثيوبيا، وكذا الاختراق الأمني مع التغيير في ليبيا.
ويتضح أن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما كانت لها قراءة واقعية، فقد تفادت الأخطاء التي سقطت فيها إدارة سلفه جيمي كارتر قبيل الثورة الإيرانية في 1979 مع تشبثها بنظام الشاه. فالنظام الأمريكي الذي تبنى مقاربات إستراتيجية جديدة في عهد الحروب ''اللامتوازية'' والنزاعات ذات النطاق المحدود، اعتمدت على نظرة زاوجت بين مفهوم القوة الصلبة واللينة، التي أبرزها كل من جوزيف ناي وريتشارد أرميتاج تحت مسمى ''القوة الذكية''، والتي سمحت بعزل النظام المصري، دون الحاجة إلى استخدام القوة العسكرية، ودعم، منذ البداية، حركة الشارع المصري، والتي برزت أولى علاماته مع خطاب الرئيس أوباما في القاهرة في .2010
وتتقاطع المقاربة الأمريكية مع نظيرتها الإسرائيلية في ضرورة الإبقاء على الوضع المصري تحت السيطرة، وتفادي حدوث تغييرات تقبل الموازين في المنطقة، وهو ما ذهب إليه وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، ايفي ديختر، حينما شدد أن اتفاق السلام المصري الإسرائيلي خط أحمر لا يمكن لتل أبيب السماح بتجاوزه.
وبعدما قلبت الثورة خريطة القوى السياسية، وأعادت تشكيلها لتتضمن للمرة الأولى وجودًا قانونيا شرعيا للقوى السياسية ذات المرجعيات الإسلامية، إذ حصل حزب ''الوسط'' على الترخيص لممارسة العمل السياسي، وجماعة الإخوان على حق العمل العلني، مع بروز حزب ''العدالة والحرية''، فضلا عن الدور المتصاعد للسلفيين، وهو يعكس معادلات سياسية جديدة ومختلفة.
وموازاة مع محاولات شخصيات مثل محمد البرادعي وعمرو موسى التموقع، تضع واشنطن وتل أبيب أربعة سيناريوهات في الحسبان، هي سيطرة الإخوان المسلمين وحلفائهم على السلطة، وهو خيار لا يمكن لواشنطن رفضه، خاصة بعد تأكيد أوباما أن ''الولايات المتحدة سترحب بكل الحكومات التى تنتخب ديمقراطيا وبطريقة سلمية''، أو انفلات أمني وبقاء نفوذ المؤسسة العسكرية لفترة انتقالية جديدة مع تدهور الوضع الاقتصادي والأمني، وعدم القدرة على التحكم في الوضع وهو خيار غير مقبول، أو تحالفات سياسية تعجز عن السيطرة على الوضع، وبقاء الفوضى والاضطراب، وهو أيضا مرفوض.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)