الجزائر

إعادة كتابة تاريخ النساء في رواية "بعيدا عن المدينة" لآسيا جبار.



تشكِّل إعادة كتابة التاريخ هاجساً لدى آسيا جبار في معظم أعمالها الروائيّة التي ميّزت مرحلتها الثانيّة وإن كان حضوره في أشكال مختلفة، وقد كان لتكوينها الأكاديمي في هذا المجال دور بارز في اتخاذ ها لهذا المنحى، حيث سعت إلى إسناد فعل الحكي إلى النساء اللواتي يحاولن ومن خلال فضاءات البوح إعادة ترميم التاريخ الرسمي المليء بمساحات الصمت . يعدّ التاريخ مكوناً من المكوِّنات الثقافيّة التي يتأسّس عليها الطابع الحضاري للأمّة في مواجهة تحولات الحاضر و قضاياه، فضلاً عن كونه يمنحها هويّتها المتفرِّدة بين الأمم، لذلك نجدها تسعى لحفظه و بعثه عبر الأجيال كي يحمي كيانها الوجودي من الزوال. ولعلّ الهالة القدسيّة التي تلفّ هذا الخطاب في الأوساط الشعبيّة تكشف عن تحوله إلى بنية منغلقة، فيكتسب بذلك الشرعيّة المطلقة بوصفه المصدر الوحيد للحقيقة المطلقة. لكنّنا لو نظرنا إليه من الناحية التقنية لوجدنا أنّه طريقة للنظر إلى التجربة البشريّة، إذ يتناول بالدراسة حياة الإنسان الاجتماعيّة عبر العصور المختلفة، لذا فهو بالدرجة الأولى صناعة بشريّة تخضع بشكل أو بآخر إلى ضرورات العصر وسياقاته المختلفة و التي ينبغي الإحاطة بها لفهم مضامينه الحقيقيّة . وبالعودة إلى التاريخ الإسلامي نجد أنّ مرحلة تدوينه قد جاءت متأخرة أي بعد قرابة قرنين من نزول الوحي ، وفي مرحلة شهدت فيها الأمّة الإسلاميّة الكثير من التحولات السياسيّة التي أفرزت نتائج وخيمة أدّت إلى انقسام المسلمين فيما بعد (كالانقسام إلى سنّة وشيعة و خوارج مثلاً)، ممّا أدى إلى تدخل السلطة في توجيه الخطاب التاريخي ، و بمعنى آخر فقد كان الخطاب السياسي هو الخطاب الموجّه لغيره من الخطابات الأخرى، لذا نستطيع القول بأنّ التاريخ الإسلامي قد قُدِّر له أن ينشأ في كنف البلاط ، الأمر الذي يجعلنا نعيد النظر في قناعاتنا التاريخيّة ووضعها محل نقاش .

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)