الجزائر

إعادة النظر في طريقة التدريس والمناهج التربوية وحدها ستصنع المجتمع



إعادة النظر في طريقة التدريس والمناهج التربوية وحدها ستصنع المجتمع
"داعش" شر لم يأت من الفراغ لكنه حصيلة إساءتنا إلى تراثنا وديننافتح أبوب النشر لمن هبّ ودبّ في الجزائر أسقط جوهر المعرفة والإبداعالجوائز ليست مقاس النجاح ولتذهب ”نوبل” إلى المزابلينفتح الحوار مع الشاعرة رشيدة محامدي على أفق المعرفة بكل فضاءاتها وإفضاءاتها، إذ يقودنا الحديث معها من الشعر إلى الصوفية إلى التجربة الأكاديمية إلى الموسيقى وتجربتها في الغرب والاغتراب، إلى محصلة واحدة هي أنّ رشيدة تلك التي تشردت في شوارع الغربة كثيرا وتنازعتها أوطان وأمكنة مازالت وفية للنبض الجزائري بداخلها. في هذا الحوار تعود رشيدة إلى تجربتها الشعرية والأكاديمية والتقاطعات المعرفية لتلك التجربة على ما يحدث من حولها أدبيا معرفيا. بعد ”أوراد الدمعة” و”شهادة المسك” هل من جديد في الافق؟ على الرغم من ترجمة ”أوراد الدمعة” إلى اثني عشرة لغة آخرها الكردية السنة الماضية، وهي تدرّس في جامعات الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، غير أنني عندما أقرأها الآن أشعر أنها لم ترق إلى مستوى تتجاهلني اللغة فيه. تمنيت أنْ تعاملني اللغة في كل مرة كما لو لم أتكلمها يوما في حياتي. إن إصرار الكلمة على استحلاب قواها في كؤوس الشعر لم يعد كافيا، إنّه الوقت للنظر في مَوْقِدِ اللغة وجذوة حراكها، وهو الحرْف على نسق يُعطي للشعر توهجه الأنقى مع ذاته ويمتد بالنص الشعري إلى حادثة الصوت، بمعنى آخر سيبقى الشعر العربي دائما في انتظار شفتين تقولانه أو سيفقد الكثير من توابله، وهو ما يختلف عن حالة الشعر في الغرب. لقد كان ديوان ”أوراد الدمعة” تمرينا فنيا على ناي صوفي ربّما لم أقصده البتّة لأنّ التصوف لم يكن يوما حالة انتقائية بقدر ما هو حالة تماسّ مع الأسمى، إدراكنا إياها يعني حتمية أنّها لم تكن.جديدي هو تعمّدي القراءة لغير الكتّاب العرب، أتعبوني برداءة كتاباتهم التي صارت تملأ أسواق الكتب بلا معنى، لقد كثر الذباب على رُطبِ الإبداع الجميل، صرت قارئة نبّاشة بالإسبانية.. يملؤني هذه الأيام الشاعر أنطونيو ڤالاّ، آنّا بلڤرينْ، رفائيل ريفاس في انتظار نصوص تختطفني مني إلى أن وقعت في الشهرين الأخيرين أسيرة لروائي رَعَّدَ سكوني، إنّه الروائي يوسف زيدان الذي أعادني إلى صبابتي اللغوية و عنفوان عشقي للمقرؤء بروايته ”ظل الأفعى” خاصة ثمّ ”عزازيل” ثمّ ”النبطي”، قراءة ممتعة أدخلتني امبرطورية معرفة تغمز للفن بالفن، كما كتبت عنها في نشرة ”رِدْييسْ”. إذن إنّ قراءة صادقة أجمل من كتابات تافهة ملفقة. وعلى مهل تمّ إصدار مجموعة شعرية مشتركة باللغة الانجليزية لستة من الكتاب الأمريكيين من أصول عربية، منهم نعمة شهاب نيّة، جاك شاهين، آليسعلوسي رندا جرّار ورشيدة محمّدي وغيرهم، صدرت عن منشورات ”رِدْييسْ ”واسمها ”حُليْ للبرد”، وكان ذلك كل شيء لفترة ثماني سنوات تخللتها إصداري العديد من النّشرات حول مناهج تعليم الإنجليزية لغير الناطقين بها، وهو سبب استضافتي من طرف اللجنة العُليا الاسبانية لتطوير تعليم اللغة الانجليزية لكنني وجدت نفسي ومن جديد في شرك اللغات، وها أنا على مقاعد الدراسة بمعهد سارفانتيز أحضّر شهادة دولية في اللغة والترجمة بالإسبانية، وكما ترين لا عمر لهذين المعجزتين، الحب والمعرفة. يجب الإقرار هاهُنا أن تجوالي بين مختلف الولايات في أمريكا وطبيعة محاضراتي في أكثر من موضوع في العديد من الجامعات والمنظمات والجمعيات الناشطة شتّت الكثير من وقتي فأهملت الكتابة الإبداعية، لكنني كنت سعيدة بقدرتي على التعمق في الحالات واستيعابي العذب لما يدور حولي بما له وما عليه إنسانيا وإبداعيا، أكثر ما أهدر دم وقتي هو محاولتي ترجمة كل ما أصادف من العربي إلى الإنجليزي، خاصة الشعر الجزائري المعاصر والكثير من الاقتطافات من روايات واسيني لعرج مثلا بغرض تدريسها. لم أكن سعيدة كثيرا بذلك ولكنّها كانت حاجة أكاديمية بنوايا قُطرية فطرية ضيقة. بين هذا وذاك نسيتُ نفسي إلى حد بعيد لأتفكَّرَ فيها إلى حد أبعد. ”أوراد الدمعة” كانت تجربة صوفية أكثر منها شعرية. ما علاقة رشيدة بالتصوف، وهل تشاطرين من يقول إن التصوف هو مستقبل الإسلام في ظل صعود التيارات المتطرفة في الوطن العربي خاصة؟علاقتي بالتصوف؟ الجواب: لا أعرف. ”أوراد الدمعة” كانت تجربة صوفية أكثر منها شعرية؟ الجواب: أعترض. أثبت الشعر خلوده حيث تسربت إليه الصوفية ونفّحت مساربه بجمال الغيب الأبهى. كما أنني لا أميل إلى كلمة تجربة فالتجربة تعني الوصول إلى مجموعة ملخصات والانتهاء عندها، وتعني تلاشي الشّغف بالاستزادة من المعرفة، ما يمكن الحديث عنه هو المِراس في تعاطي الاشياء على منوال تدريبي لا نهاية له أبدا. لا يرتبط التصوف بدين معين فقد مسّ القلوب الرهيفة في كل الحضارات فهو الرهبنة في المسحية، وهو القبّالة في اليهودية وهو النِرْفانا في الهند. ثُمّ ما هذا اللُهاث الذي يُرْجِع كل ما هو مشعٌ أو رصين أو حكيم بسُمُوِه أوببناء جماله في التاريخ الإنساني إلى الإسلام؟ إنّه أمرٌ يزعزع قلب الحقيقة ويدسّ في فحواه مَرَجا مُرْعِبا ظالما، وكأنّ الانسانية لا تساوي شيء دون الإسلام، وهو ما يتعارض مع جوهر الإسلام نفسه. أليس الناس معادن كما يقول الرسول الكريم؟. وبناء عليه فمن الممكن أن يفيض الإسلام بزُلالِ تراثه المتصوف على بقية العالم ليس كردة فعل على مساحة القبح المنتشرة على أراضيه ولكن كإسهام في نشر نوع من الفنون الروحية لعلّها تُعيد للاطمئنان أدراجه في صدور الناس فتجدد جُرعات السكينة تسريباتها إلى القلوب الوجيعة على منوال يُهوّن على الانسان قسوة المدنية ويعيد ترتيب أولويات الأجندة البشرية كي لا تخسر إنسانها. إنّ ما يُخشى على التصوف هو النزول به إلى بهرج الاحتفالات وشعبويات الفلكلور وادعاء بعض أهل الكتابة و سائر الفنون له.لا يمكن للتصوف أن يكون صابونا لحمّامات الدّم ولا يمكن لتنّورة راقص الكون أن تصبح فستان عروسة. من قال أنّ التصوف حقنة سحرية لإزالة صدأ السكاكين التي تحُزّ الرقاب؟ من قال أنّ التّكية الزوايا عندنا هي مِصحّات نفسية تستدرك العبث الذي لقنونا إيّاه في المدارس من الصف الابتدائي إلى جلسات تأطير الدكتوراه في جامعاتنا؟ من قال بالمعرفة وحدها يمكن الرد على التطرف؟ وحين أقول المعرفة أعني المقدار الذي تجد فيه المعلومة العلمية متعتها ومقعدها على كرسي الحرية. إنّها معركة الأنفاس الطويلة والتعليم الذي يحترم عقل الصغار منّا، يُصغي إلى أسئلتهم ببهجة ولا يتوانى عن الإجابة عليها باهتمام. تعليم لا يحذف من مقرراته المدرسية مادة الموسيقى والرسم والمسرح و الرقص، وإنْ درّسها لا يجعل الدين عمودها الفقري.. تعليمٌ يؤسس تأطيرا جديدا لمادة القراءة كي تكون مادة رئيسية.. تعليم يقدم لطلابه سيرة العظماء بتفاصيلها الإنسانية البسيطة والُمريحة التداخل مع واقع الطالب نفسه، بل تعليم يتعمّد ذِكر أخطاء العظماء لأغراض تربوية لكي لايتحول الكبار إلى أساطير مُلحقة تلقائيا بالخرافات فيبعثون في نفوس الناشئة الخوف بدل الرهبة والنفور بدل الإقبال على من مضوا وباتوا بيننا نماذجا للمعرفة والتميُز. تعليمٌ يستضيف الأحياء من المبدعين إلى المدارس والمدرّجات ولا يُقيد إقامتهم ببرامج ثقيلة الدم عليهم أو على مستضيفيهم من الطلبة، لتكن المحبة هي البلوماسية بين أهل المعرفة و أطفالنا وشبابنا. يقينا لم يعد النّحاسُ المادة الأصلح لنحت الكمال ولا يمكن لكائن من كان أن يكون أكبر من الحياة. على التعليم ألاّ يقتلع قلوب رجالات الفكر والإبداع من تراثنا العربي، عليه ألاّ يحرمنا من استنشاق مغامراتهم العاطفية وقصص حبّهم حتى نثق فيهم أكثر، هل تحدّث كِتابٌ واحد مثلا عن كيف كان الأمير عبد القادر يعشق ”خيرة” ويُدللها؟ وهل تحدّثت كرّاسة واحدة كيف كان ابن باديس يغض الطرف عن ملامح الحبّ الوشّاجة بين طلاّبه وطالباته وأنّه رفض الفصل بينهما حتى في المراحل الثانوية؟ بل لم يُمانع أن تجلس الطالبة والطالب فيكتبا درسيهما على نفس الطاولة ولم يفرض الحجاب على الطالبات.. كيف تقاذفتك الأماكن.. مدريد، نيويورك، بغداد؟ في بغداد كانت دراستي وتدريسي للغة الفرنسية بالجامعة والترجمة إليها في بيت الحكمة والعمل بها في حقل الإعلام، وكلّها كانت صدف وضرورات احتاجها العراق منّي كبلد يعبر فوهة بركان لأكثر من عشرية تحت حصار مستبد لم يتكرر في تاريخ الشعوب كثيرا، كنت قادرة على العطاء فلم أبخل. الولايات المتحدة بلد قدّر قدراتي وبشهادة السفير إدريس الجزائر في حوار إذاعي وكلمة لتكريمي بعد اختياري من قبل الأمم المتحدة كأجود متحدثة لسنة 2004 ”لم يمر على الولايات المتحدة من المبدعين الجزائريين في الكتابة الإبداعية و الثقافة إلاّ رشيدة محمّدي، فكل من يأتي أمريكا من الجزائريين يأتون بتخصصات علمية دقيقة فيزياء، طب، معلوماتية..”. لا يمكن للتصوف أن يكون صابونا لحمّامات الدّم ولا يمكن لتنّورة راقص الكون أن تصبح فستان عروسة. من قال أنّ التصوف حقنة سحرية لإزالة صدأ السكاكين التي تحُزّ الرقاب؟ من قال أنّ التّكية الزوايا عندنا هي مِصحّات نفسية تستدرك العبث الذي لقنونا إيّاه في المدارس من الصف الابتدائي إلى جلسات تأطير الدكتوراه في جامعاتنا؟ استقر بك المقام في مدريد، وهو بلد مازال يحمل بصمات الإسلام الحضاري. برأيك كيف انحدر بنا المقام اليوم حتى صارت داعش ناطقة باسم الإسلام؟ كان دخولي مدريد دخولا أكاديميا بعد أن أقنعتْ نشراتي حتى لا أقول دراساتي رئيسة قسم اللغة الانجليزية في جامعة مونتكلار نيوجيرزي بتبنّيها، قامت تلك النشرات على قدر مما لم أعد أطيقه من التجاذبات العميقة داخلي، مَحَار لغوي استفزني لمفرط تحسُّسي للكلمة عموما بغض النظر عن بأي لغة تُنْتَجْ، قمت بترتيب ذلك الجهد على خلفية انغماسي في الإنجليزية كلغة أدرّس بها وأتعامل بها مع غُبار بيتي وخشخشة تقشير بَصًلي وانتظاري لإطعام عصافير طليقة يُعجبها أنْ تحط على رائحة خشب بيتي، لغة يشاكس بها طبيبي فارع جسدي، لغة أترك رسائل صوتية لأحبتي بها وأتناهشُها وتنهشُني في كل تقلُباتي الإنسانية.. لم يبق لي سوى البكاء والضحك بالإنجليزية، هذا الكم من التحادم اللسانيّ شكلا والباطني عمقا وجدتُ فيه حالة من الحركية الإبداعية فكتبت فيها وحولها أول تطبيقاتي الحسية دون تكبيلها بأي هدف تعليمي، بهذا الشرك الصابئ بين الانجليزية والعربية حققت مع ذاتي وصفة عشق مُبهجة لاقت بعد ذلك اهتماما كبيرا وبُّرمِجت لتّدرّس في جامعتي مونتكلار والآنيواي نيويورك، وهو ما شجعني على المواصلة فصارت تلك الكرّاسات مع الوقت دروسا مختبرية تطبيقية تُخصّص لطلبة يأتون من كل العالم لتعلّم الانجليزية ضمن برامج مكثّفة محدودة الفترة، وهو السبب وراء قدومي إلى إسبانيا رفقة فريق عمل من المتخصصين في اللسانيات وتاريخ اللغات لإعداد دراسة قابلة للتطبيق في أوروبا عموما إسبانيا أنموذجا ضمن البرنامج الأوروبي لتعليم الانجليزية كلغة ثانية.لستُ أدري إن سأستقر بإسبانيا أم لا، لكنني لم أجد دفئها في أي مكان آخر، وللعلم أنا لا ألمّح إلى أيّ نوع من الحنين المرضي الذي يتغنى أو ينحب به الكثير من العرب. أتعامل مع إسبانيا بنشوة ”الْكَمَاهُوَ”، ”آزإتْإيزْ”. تعاملي مع سمكة في صحن على مائدة طعامي رغم شوائها وتتبيلها المبالغ فيه حافظت على رائحة البحر فيها، غير أننّي أُسَلّمُ بواقع أنّها وقعت في شبكة صيّاد ماهر يستحق فرحة الفوز بها. وقد لا آكلها في النهاية. علينا الحذر كمثقفين من الحنين إلى الأندلس لأنّه سيُبرر وجود إسرائيل، حيث هي الآن في فلسطين. إنسان إسبانيا مشبّع بتواضع فيه الكثير مما يشبهنا سلوكا وملامحا. وأماّ عشق الاسبان للقراءة فظاهرة لم أرها في أي بلاد أخرى يُطبع في إسبانيا وحدها سنويا من الكتبِ مُعادِلُه في الوطن العربي كله في إسبانيا تعلمت الغيرة على الشمس، إذْ في سائب المحادثات أو في الجِدِّي منها عندما تتكلم عن أوّل بلد أوروبي استيعابا للسياح يعيد الإسباني السبب في ذلك إلى ”الشمس”، فكم سمش ضائعة في بلداننا العربية وكم سائح ذبحنا وإنْ لم نذبحه نُطعِمه سوء معاملة على خلفية التكفير السياحي الذي وجد السبيل إلى بلداننا على متن صحوات مُؤفْيَنَة بامتياز.لن تكون ”داعش” متحدثة باسم الإسلام أبد، ”داعش” ظاهرة إجرامية لم تخل حضارة واحدة من شبيهٍ لها في التاريخ الانساني قبل ثلاثين سنة فقط، هل نسينا ما حدث في كامبوديا والتأميل الحمر؟ في القرون الوسطى هل نسينا الإبادة الكنسية لمؤمنين بها ”ڤاليلو” أحد مشاهير ضحاياها؟ لبّ الدوّامة كما أرى هو كالتالي: إنّ وصاية أفراد الأرض على أسرار السماء هي فرصة لفئة من الناس لإفراغ ضغائنهم المرضية الاجرامية، أمّا حزّ الرقاب فقد كان من أنواع الترشيد في استعمال الرصاص في ثورة التحرير الجزائرية مثلا، لم يخل حتى صدر الإسلام أثناء حياة الرسول الكريم من ظاهرة حزّ الرقاب ولم يَنْهِ عنه. وبالقليل من المقارنات يمكن إدراج ”الحزّ الداعشي” تحت ما أتُفِق عليه اصطلاحا بالسُنّة التقريرية. أحذر من أن تكون داعش طُعما جديدا لإدخال النفسية العربية في دوّامة لتمرير سياسات حاقدة على تكويننا الانساني والإلقاء بنا في شرنقة عقدة الإحساس بالذنب الجماعية إزاء العالم اليوم، داعش قبح أصلّي كثيرا كي يزول أكثر من صلاتي كي تزول إسرائيل. يربط البعض بين الانحدار القيمي الذي يشهده كل ما يمثل الاسلام، خاصة لدى العرب، إلى القراءات الخاطئة للنصوص والتأويلات الفقيرة؟لو سلّمتُ بما تقلين ستسهل الإجابة ليست ”داعش” إلاّ تحصيل حاصل شرير لتاريخ امتّد لقرون كلما كان يزرع شوك التعصّبِ. وها نحن نجني جراحه إرهابا باستثناء طبعا المحطّات الصوفية التي تصدت لبشاعة التطرف وبذخ القبح بإعلاء الحب و قادت بروحها رياحين الممكن إلى أطاييب الخير مؤمنة دائمة بقدحة ما بين تلافيف شعث البشرية. إذا إتفقنا حول هذا الطرح، فدعيني أقول داعش شر أيْ نعم لأن التعليم في بلداننا العربية شرٌ أذكر عندما كنتُ أدرّس طلبتُ مقابلة مع مديري في الثانوية خصيصا لأقدم له ورقة بتاريخ وأسماء الأناشيد الدينية التي كانت أستاذة الموسيقى تُدرّسها كتطبيقات، ملخص الورقة أنّ 96 بالمئة، ما تقدمه من الأناشيد تدعو إلى الجهاد وكان ردّ المدير: ”وعلاش إحنا ماشي مسلمين والجهاد فرض” وخصَمَ أجر مردوديتي لبقية شهور السنة الدراسية. ”داعش” شر لأنّ النظر إلى المرأة مبني على ملف تاريخي مصدأ،كاذب وضاغن طالت فترة إسناد فتاوى الحيض فيه إلى الرجل. هل سمعتِ بمُفتية واحدة أُنْثى في مسيرة أربعة عشر قرنا؟ داعش شر لأنّ الاستسلام لمِزاج المقدس صار عادة مقدسة بدورها حوّلت أي فكر يقترب متسائلا عن المقدس إلى وضع اسم صاحبه على قائمة الإغتيال، إمّا بالتكفير أو بالتصفية الجسدية المقدّس هذه الوردة التي غرسها الإنسان برفق يديه مجسدا فيها رمزا غيبيا لإيمانه بوجود قوة عظمى ما تهيمن على مكامينه فلمّا اشتد عودها صارت بعبعا يريد أنْ يأكل الإنسان ذاته هذه هي قصة الإنسان مع المقدّس في كل الديانات، داعش شر لأن تقبّلنا للتفاسير تقبلا إيمانيا يفتقر إلى التنقيب وحرية الأخذ والعطاء فالعنعنات عن، عن، عن، عن هي وحدها ما يصمّم صدقية، مَثانينا مثلا. وأمّا بخصوص شروح القرآن فمازال يُستعمل حتى اللّحظة مصطلح ”التفسير” بدلالة ديكتاتورية.تقلب المعنى الصحيح للكلمة ”ففسّر” في العربية يعني أوضح غموض كلمة ما وبسّط معناه بلاغيا ولكنها بداعشية الأئمة والدعاة صارت تعني تقرّير قدراللفظة القرآنية ووضعها في مجمّدة المساجد والكتب المتاجرة بالدين لتصبح بعد ذلك المرجع الوحيد لا ثاني له، لقد افتقدنا مصطلحا كالتأويل مثلا الذي يبدو أكثر ليونة. داعش شر لأنّ المثقف العربي اختار أن يكتب أكثر بكثير مما يقرأ وأختار أن يلهث وراء عدد لقاءاته الصحفية المرئية والمسموعة والمقروءة أكثر من عدد الأفكار التي يطرحها على قارئه ويسمي ذلك إبداعا. داعش شر وأبْصِمُ بالعشرة كما هو الإجراء الإجباري في مطار (جي آفكاي) على العرب خاصة ولكنه شرٌ لم يأتي من فراغ أبدا.حتى الآن رشيدة وفية لصوت الشاعرة فيها. لماذا لم تكتبي الرواية رغم أنها ديوان العصر، كما يقال؟لو تجردتُ مني قليلا سأستطيع الإجابة، آسفة لم أستطيع.من خلال علاقاتك مع الطبقات المثقفة في الغرب، ماهي نظرتهم للإسلام من خلال أهله؟ لم يسألوني عن ديني يوما رغم اسمي الصارخ بمحمّديّتي. أجدني أجمل بمعدني الإنساني وأكثر استحقاقا للمحبة به. أنا محِبّة وعاشقة للإنسان أينما كان وكل من فاقني أخلاقا هو أكثر رُقيا مني. وجه الله في كل وجوههم ولكنّ يحدث أن يصارحني البعض عن سر هدوئي في بعض المواقف مقارنة بتوترهم الزائد عن تحمّل أجسادهم له فأجيب بابتسامة أو بحضن، ويَحدث أن تتصل بي صديقة وهي رئيسة قسم بالجامعة مبتهجة عند غُرّة الصباح لتقول لي: أريدك أن تذهبي معي هذا الأسبوع إلى المحامي ولا تسأليني لماذا؟ أُلقي نظرة على أجندتي فأجدها تسمح فأجيب: موافقة. ندخل مكتب المحامي، موضوع صديقتي: أريد أنْ أغيّرَ وصِيّتي، لا أريد أن تُحْرَقَ جثّتي بعد موتي أريد أن أُدْفَنْ. ما قررته الصديقة جاء على خلفية حوار هادئ، نسيتُ متى دار بيننا لكننّي أذكر أننا كنّا نحكي فيه عن الأمانة وأتذكر أنّ جملتي القصيرة الجسد أمانة هزّتها. هذا هو نسق علاقتي مع زملائي وأصدقائي على قلّتهم. يقال أنّ كل روائي هو في الأصل شاعر فاشل، هل هذا صحيح؟ هل علينا أن نقول أن كل شاعر هو روائي فاشل أيضا؟ ببساطة الرواية اشتغال على الانضباط والمعرفة وغالبية الروايات مفجوعة معرفيا في الجزائر، بمعنى أن حتى اللغة فيها مهزوزة ومشتته الثقة في ذاتها. فتح أبواب النشر في الجزائر جعل كل من هبّ و دبّ أن يكون روائيا أو شاعرا، لقد غاب عن الشعراء سمو روح الشعر وسقطت جوهرة المعرفة من عقد الرواية، فلا الترجمات مقياس نجاح ولا الحصول على جوائز ”قش بختة ” تعني النجاح. إن ما يعنيه النجاح للكاتب شاعرا كان أو روائيا هو مقروئيته بين الشباب، خاصة وحضوره المستمر لتفعيل ما كتبه بالاحتكاك الانساني بالناس. قامت بعض الدول العربية في السنوات الاخيرة باستنساخ تجارب بعض الجوائز الغربية بحجة توفير فرصة أكبر لعبور الرواية العربية إلى الغرب بالترجمة والترويج، لكن تلك التجارب عارضها البعض بحجة أنها قولبة الرواية العربية وصار الناس يكتبون من إجل الجوائز وليس الإبداع؟مش غلط إذا قرّر المال أن يحاول إسماع صوت المبدع الحقيقي العربي إلى الغرب، الغلط هو لَيْ عنق الأقلام بيد الكتاب أنفسهم وتطويعها لأسلوب كتابة مفرغ من هويته. الساحة الأدبية في كل العالم ليست ساحة لصولان وجولان الملائكة للشياطين نصيب فيها لا شك. أنا وأنت نعرف أنّ الجوائز الكبرى هي حِمل ثقيل على الكاتب العربي بل سجن يصعب ثقب جدرانه. إنها أغلال وإنْ كانت مصنوعة من الذهب وكثيرا ما توقف الفائزون بها عن الابداع بعد نيلها. لنكتب قائلين: فلتذهب نوبل إلى المزابل. في السنوات الأخيرة انتقلت السجالات الجامعية والنقاشات النقدية إلى الفضاء الأزرق الوسائط التكنولوجية الحديثة، حيث صارت مثلا ”الفايس بوك” أشبه بحائط سوق عكاظ الذي كانت تعلق عليه الاشعار قديما. برأيك هل ساهم هذا في إضافات نوعية لأشكال القصيدة أوالمواضيع المروج لها؟ هل تعرفين ما معنى كلمة ”فايسبوك”؟ كتاب الوجه، وعليه فهل يفصح ظاهر الوجوه دائما عن باطن الأعماق، الفايس بوك فرصة احتكاك جميلة بالآخر وفك حصار عن بعض المبدعين الذين أُغْلقت الرداءة الأبواب في وجههم وإن فتحتها فيريدون إستغلال أقلامهم مجانيا، ذلك زمن قد وَلّى، ستبقى المناقشات في الجامعات والملتقيات أنفع وأرقى لأنها تدفع باللقاء الإنساني دما ولحما في أحلى الصوّر، فالفيسبوك حفر في خجل البعض وقدمهم بعُقدٍ نفسية أقل.علينا الحذر كمثقفين من الحنين إلى الأندلس لأنّه سيُبرر وجود إسرائيل، حيث هي الآن في فلسطين. إنسان إسبانيا مشبّع بتواضع فيه الكثير مما يشبهنا سلوكا وملامحا. وأماّ عشق الاسبان للقراءة فظاهرة لم أرها في أي بلاد أخرى يُطبع في إسبانيا وحدها سنوياليست ”داعش” إلاّ تحصيل حاصل شرير لتاريخ امتّد لقرون كلما كان يزرع شوك التعصّبِ. وها نحن نجني جراحه إرهابا باستثناء طبعا المحطّات الصوفية التي تصدت لبشاعة التطرف وبذخ القبح بإعلاء الحب و قادت بروحها رياحين الممكن إلى أطاييب الخير مؤمنة دائمة بقدحة ما بين تلافيف شعث البشرية. رشيدة محامدي مسار في سطوررشيدة محمدي دكتورة وشاعرة، لديها 4 مجموعات باللغتين الإنجليزية والعربية، ومتحدثة مستقلة معتمدة في مجموعة من الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، عضو مؤسس لرابطة الكتاب الامريكيين العرب ومستشارة فيها، حاليا لديها مجموعة من الترجمات عربي إنجليزي فرنسي. إشتغلت في باسيفيكا راديو نيويورك لأكثر من عقد من الزمن. تشغل حاليا مستشارة في اللجنة الأوروبية للإبداع التعليمي ”يو سي سي تي” تخصص تعليم صوتيات اللغة الانجليزية كلغة ثانية. في سجلها عديد الجوائز داخل وخارج البلاد، منها ”جائزة مفدي زكريا الأولى للشعر1994”، الجائزة الثالثة للفن التشكيلي عيد الثورة 1992، وجائزة السي سي بي ”مراسل الشجاع” لباسيفيكا راديو سنة 2004، جائزة الأمم المتحدة لأحسن متحدث لسنة 2004 ”عن العلاقة بين المبدعين والأمم المتحدة”، جائزة أحسن قراءة لمربد سنة 2000 بغداد العراق. إضافة إلى جائزة مشتركة أكبر مبيعات سي دي شعري بقصائد بالعربي والانجليزي للشاعرتين العراقية بشرى البستاني ورشيدة محمدي متحف التاريخ العربي بكاليفورنيا 2008، جائزة ”البي بي سي” الثانية لترجمة التراث العربي (قصيدة حيزية) 1994 .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)