الجزائر

إطلالة على عاصمة الثقافة الإسلامية 2011‏استحضار تاريخ واسترجاع ذاكرة



تنقضي سنة أخرى من عمر القضية الصحراوية لتضاف إلى سنوات طويلة من معاناة شعب وجد نفسه مكرها على العيش في مخيمات اللجوء والشتات، بسبب إنكار دولة جارة لحقه المشروع في تقرير مصيره.
ولكن سنة 2011 بقدر ما كانت سنة عانى فيها شعب الصحراء الغربية على غرار السنوات الماضية من ويلات الاحتلال المغربي، فإنها سنة عرفت أيضا محطات هامة تحسب لصالح القضية الصحراوية وعدالتها، وشكلت ضربة قوية لأطروحات نظام المخزن الواهية المدعية لفكرة مغربية الصحراء الغربية، ولعل أهم هذه المحطات القرار الحاسم الذي اتخذه البرلمان الأوروبي بتجميد اتفاق الصيد البحري الموقع بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ورفض تمديده سنة أخرى، بعدما أكد أنه يشكل خرقا صارخا للقانون الدولي باستغلاله لثروات شعب واقع تحت الاحتلال. ويكشف هذا القرار عن وجود أصوات داخل الاتحاد الأوروبي بدأت تفرض كلمتها بالتدريج على حكومات بلدانها من أجل إنصاف قضية شعب بعد أن اقتنعت بعدالتها وتيقنت من زيف مزاعم الرباط بان الصحراء الغربية ''مغربية"، وهو ما يؤكد أن التضامن مع القضية الصحراوية لم يعد يقتصر فقط على مؤسسات المجتمع المدني الأوروبي؛ بل بدأ يشهد تطورات إيجابية بما يفتح الباب أمام إسماع صوت هذه القضية داخل الهيئات والمؤسسات الأوروبية الرسمية.
وإذا كانت أوروبا فتحت عينا على النزاع الصحراوي، فإن عينا أخرى فتحها الكونغرس الأمريكي، الذي تبنى قبل ايام قليلة فقط قرار أقل ما يقال عنه انه تاريخي بعدما اشترط على المغرب ضرورة احترام حقوق الإنسان مقابل الاستمرار في استفادته من المساعدات المالية العسكرية.
ولأن الكونغرس يعتبر هيئة ذات وزن ثقيل في الولايات المتحدة وكثيرا ما يؤثر على السياسة العامة للبيت الأبيض، فإن اتخاذه مثل هذا القرار يبقي الأمل قائما في إمكانية توسع دائرة المتضامنين مع القضية الصحراوية لتشمل هيئات رسمية أمريكية. 
والمؤكد أن هذين القرارين كانا بمثابة صاعقة على مسؤولي نظام المخزن الذي يبدو أنه بدأ يفقد بعضا من حلفائه على المستوى الدولي، بعدما وجدت القضية الصحراوية من يتبناها داخل هيئات لها وزنها في صنع القرارات على غرار البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي.
والحقيقة أن القضية الصحراوية ما كانت لتعرف مثل هذه التطورات الإيجابية لولا الكفاح السلمي المستمر الذي انتهجته جبهة البوليزاريو وكل الحقوقيين الصحراويين للتعريف بعدالة قضيتهم وإسماع صوتها في أهم المحافل الدولية؛ وهو الكفاح الذي لقي تضامنا دوليا واسعا أيضا بتبني عديد المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية لهذه القضية، التي تبقى تشكل آخر قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية. ويبقى الأمل قائما في إمكانية ان تشهد القضية الصحراوية مزيدا من الانتصارات، خاصة مع وصول حزب الشعب الإسباني إلى سدة الحكم في اسبانيا التي تبقى المسؤولة تاريخيا عن مأساة شعب الصحراء الغربية باعتبارها المحتل السابق لهذا الإقليم. ومعروف عن هذا الحزب الليبرالي مواقفه المتضامنة مع الشعب الصحراوي والداعية إلى تسوية النزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليزاريو طبقا للشرعية الدولية ولوائح مجلس الأمن الدولي. التي تنص على ضرورة احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. ولم يخف هذا الحزب مباشرة بعد تسلمه قيادة الحكومة الإسبانية، دعمه للتوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع وفقا للوائح الأممية وبما يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، واعترف أيضا بمسؤولية اسبانيا التاريخية في المعضلة الصحراوية، في تلميح واضح أن مدريد أصبحت أكثر تفهما لحقيقة النزاع في الصحراء الغربية، وهي المسؤولية التي طالب بها المشاركون في أشغال المؤتمر الثالث عشر  لجبهة البوليزاريو المنعقد مؤخرا بمنطقة تيفاريتي بالأراضي المحررة. ويبدو أن حزب الوزير الأول الإسباني الجديد، ماريانو راخوي، قد استقبل الطلب بإيجابية في أول بيان أصدره حزبه وأكد من خلاله على مسؤولية مدريد التاريخية في إنهاء معاناة شعب بأكمله.
ومن يدري فقد يفضي العام الجديد في مسيرة الكفاح الصحراوي إلى استقلال شعب هذا الإقليم، خاصة أن جبهة البوليزاريو اختارت شعارا لمؤتمرها حمل عنوان ''الدولة الصحراوية المستقلة هي الحل''، وهي القناعة التي تكرست لدى كل الصحراويين مواطنين ومسؤولين، وزادتهم تمسكا بموقفهم المبدئي بإقامة دولتهم المستقلة والعيش تحت سماء الحرية...
وهي الحقيقة التي يجب على المغرب إدراكها وهو المتشبث بأطروحاته الواهية ويرفض رؤية الحقيقة كما هي وبالشجاعة التي يستدعيها الواقع، مستغلا في ذلك وقوف فرنسا إلى جانب أطروحاته الكاذبة؛ بل وتؤيده حتى في اعتداءاته المستمرة ضد شعب الصحراء الغربية.
وواصل نظام المخزن خروقاته وانتهاكاته لحقوق الإنسان الصحراوي في المدن المحتلة، من تعذيب واعتقال ومحاكمات صورية واختطاف وحتى تقتيل دون أن يتعرض لأي عقاب أو حتى أدنى مساءلة.

في الوقت الذي يتجه فيه الرأي العام الأوروبي أكثر فأكثر إلى دعم القضية الصحراوية، لاسيما من خلال رفض البرلمان الأوروبي تمديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب وتأكيده على ضرورة تقرير مصير الشعب الصحراوي، تبقى المنظمات الحقوقية وجمعيات برلمانية أوروبية ونواب أوروبيون وبعض الأحزاب الفرنسية ترى في حتمية تنظيم استفتاء حر وعادل لتقرير مصير الشعب الصحراوي حلا شرعيا لنزاع دام أزيد من 35 سنة بين جبهة البوليزاريو والمملكة المغربية في تعارض مع الموقف الرسمي الفرنسي المتحيز لكفة المغرب والمعرقل لمسار المفاوضات بين الطرفين.
وأكدت هذه الأحزاب والجمعيات في لقاء جمع ممثليها بجريدة ''المساء'' بمناسبة مشاركتها في أشغال المؤتمر 13 للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ''البوليزاريو''، أن مهمتها تعد جزءا من المهام الأممية الساعية إلى إيجاد حل عادل ونهائي للنزاع في الصحراء الغربية، لاسيما في ظل الظرف المتميز الذي تمر به القضية على الصعيد المحلي والدولي وتزايد حدة الانتهاكات المغربية في حق الصحراويين في المناطق المحتلة، كما تعتبر هذه المنظمات أن دورها يرمي لنقل صورة حقيقية وواضحة عما يجري في هذه المناطق أمام الصمت الدولي المطبق عليه.
وفي هذا الإطار؛ ركز السيناتور البلجيكي وممثل حزب الخضر جوزي دوبيي على الوضعية المقلقة لحقوق الإنسان في المناطق الصحراوية المحتلة بسبب تواطؤ بعض الدول الأوروبية مع سياسة النظام المغربي المعرقلة لاستفتاء تقرير المصير.
ودعا السيد دوبيي بصفته نائبا في البرلمان البلجيكي ومراسل حرب لأزيد من 20 سنة في قطاع غزة وأخيرا بالمناطق الصحراوية المحتلة إلى وجوب اقتناع هذه الدول بما فيها المغرب بضرورة السعي لإيجاد حل شرعي وعادل للقضية الصحراوية.
وعبر النائب البلجيكي الذي يتابع الصراع بين جبهة البوليزاريو والمغرب منذ 1979 عن قلقه الكبير لاحتمال عودة الصحراويين إلى الكفاح المسلح نظرا للانسداد الذي يعرفه مسار مفاوضات تقرير المصير منذ جويلية الماضي، داعيا إلى ضرورة احتكام المغرب إلى الشرعية الدولية في تسوية النزاع بما يكفل للصحراويين حقهم في الحرية والاستقلال.
وأشار في هذا الإطار إلى الموقف الإيجابي للاتحاد الأوروبي اتجاه القضية الصحراوية والذي ما فتئت عدة دول أوروبية تقتنع بها معتبرا ذلك توجها سياسيا يسير من الحسن إلى الأحسن في إطار دعم تقرير مصير الشعب الصحراوي.
وذكر في هذا الشأن بالقرار الهام الذي أقره البرلمان الأوروبي القاضي بمنع تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب في المياه الاقليمية الصحراوية، وهو ما اعتبره النائب البلجيكي عائقا كبيرا بالنسبة للدول المساندة للطرح المغربي وعلى رأسها فرنسا التي تسعى حسبه للضغط على هذا القرار على كافة المستويات السياسية والنقابية والجمعوية.
بدوره؛ انتقد ممثل الجمعية الفرنسية ''أصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية''، السيد بيار توتاين وهو متعاطف رفقة زوجته مع القضية الصحراوية لسنوات عديدة، بالصمت الدولي المطبق على قضية الصحراء الغربية، مشددا على ضرورة التزام المغرب بالشرعية الدولية وقبول تنظيم استفتاء تقرير المصير.
وأكد السيد توتاين أن جمعيته غير الحكومية ستستمر في تقديم المساندة والدعم اللازم للصحراويين المتواجدين في مخيمات اللجوء، ملحا في ذلك على وجوب إقناع فرنسا على تقديم الدعم السياسي المطلوب لهؤلاء اللاجئين في سبيل تحقيق الحرية ونيل الاستقلال، وقال ''إن جمعية أصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية ستضاعف من جهودها بالتنسيق مع كل الأطراف والهيئات السياسية والشخصيات لفرض حق تقرير مصير الصحراويين''.
وأضاف أن جمعيته دأبت على تنظيم ملتقيات وندوات أوروبية في مختلف المدن الفرنسية حول القضية الصحراوية بهدف لفت انتباه الرأي العام الدولي، لاسيما الفرنسي لدعم استفتاء تقرير المصير.
من جهته؛ أكد باتريك مارقاتي عن الحزب الشيوعي الفرنسي مساندته المطلقة واللامشروطة للقضية الصحراوية وتطلع الصحراويين لنيل الحرية والاستقلال، وأوضح أنه يستحيل إيجاد حل عادل وشرعي لمسألة الصحراء الغربية بعيدا عن استفتاء حر وشفاف يضمن للشعب الصحراوي تقرير مصيره بنفسه وحسبما يتوافق مع تطلعاته.
وانتقد مارقاتي الانتهاكات المغربية الجسيمة لحقوق الإنسان الممارسة ضد الصحراويين في المناطق المحتلة، إلى جانب الاستنزاف البشع للثروات الطبيعية الصحراوية وهو ما جعله يطالب بتدخل أممي عاجل للحد من هذه الممارسات التي اعتبرها منافية للشرعية الدولية.
ودعا ممثل الحزب الشيوعي الفرنسي القوى الدولية إلى ضرورة تطبيق مبادئ الديمقراطية والعدالة فيما يتعلق بالقضية الصحراوية باعتبارها نضالا شرعيا بشهادة العالم أجمع، مبرزا في ذلك عدم نية القادة والسياسيين الفرنسيين على طي صفحة الاستعمار المخزي بتعاونهم مع الأنظمة الاستبدادية ودعمها على حساب الشعوب المستضعفة.

تزخر الجزائر بشخصيات ذات أبعاد علمية، تاريخية واجتماعية، كما أن لهذه الشخصيات البارزة في تاريخ المغرب العربي الأثر الكبير في تبويب وتفصيل الحضارة الإسلامية من خلال البصمات الفكرية والعلمية والاجتماعية التي تركتها واضحة يستهدي بها الباحثون والدارسون والسالكون، وعندما توجت تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية جلبت معها هذه الشخصيات مستحضرة في سيرتهم تاريخ أمة وفي إبرازهم استرجاع ذاكرة وطنية تبرز من خلالها الجزائر بخصائصها وثقافتها وتراثها الثري.
لا يمكن الحفر في الذاكرة واستحضار التاريخ دون الرجوع والاستعانة بأمهات الكتب التي توزعت في بطونها نتفات من حياة هؤلاء العلماء التاريخيين، وقد تميزت عاصمة الثقافة الإسلامية تلمسان بفتح نوافذ مطلة على هذه الحقب التاريخية لتصور لنا مشاهد وتضيء بعض الأمكنة والأزمنة التي طالما مررنا عليها دون قراءة أو استنطاق أو توقف ولو للتزود من أجل مواصلة الطريق.
لم تكن هناك وسيلة أنجع من آلة التصوير والشرائط الوثائقية  في أفلام تحاول التقرب من التفاصيل وتستعين في بعض الأحيان بالمخيال إن استعصى عليها فتح نافذة من هذه النوافذ.
أنتجت دائرة السينما إجمالا 48 فيلما وثائقيا منها 13 فيلما وثائقيا خاصا بالتراث المادي وغير المادي لمدينة تلمسان، وفيلمين طويلين.
الأفلام الوثائقية الخيالية التي بلغت 46 فيلما تناولت مواضيع ثقافية متعددة ذات أبعاد تاريخية وتراثية وفنية تدور كلها حول حضارة تلمسان، حيث أوحت هذه الشخصيات الحضارية للمخرجين السينائيين الذين شاركوا في إبراز هذه الحضارة بأعمال فنية رائعة تجسدت في عدة أسماء تاريخية أبرزها الشخصية التاريخية ''سيدي بومدين شعيب الغوث''، كما أخذت الشخصيات النسوية قسطها من الاهتمام السينمائي وذلك من خلال الفيلم الوثائقي ''مزاهر، عالمات ومجاهدات''.
ولم تبق أضواء الكاميرات محبوسة في وجوه الأعلام والأقلام، بل امتد ضوؤها إلى معالم العمارة المغاربية والآثار الإسلامية، حيث أبرزت الكاميرات من خلال الضوء في فيلم وثائقي ''مساجد، زوايا وأضرحة أولياء الله الصالحين بني سنوس'' إلى جانب أعمال سينمائية أخرى مثل ''بستان تلمسان'' و''تلمسان تقاوم'' و''الشيخ قدور بن عاشور'' و''حلم النسور'' و''حصار تلمسان'' و''تلمسان أو النوبة الأندلسية''.
تلمسان باعتبارها امتدادا حضاريا للأندلس، بل كانت  توأمها في الحضارة العربية الإسلامية ولهذا هناك تفاصيل  كثيرة وبارزة من التشابه في ملامحهما الحضارية سواء من ناحية المضامين الروحية أو القامات الحضارية.
السينما في تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية لم تبق حبيسة قاعات السينما والأماكن الخاصة لفعاليات التظاهرة، بل انتقلت إلى الثانويات، حيث أشركت شباب تلمسان في هذا الحدث من خلال تنظيم مسابقة لأحسن روبورتاج مصور بوسائط الملتيميديا ووسائل الهواة، بما في ذلك الهاتف النقال حول موضوع عام ''تلمسان مدينتي''، حيث تم تسليم جوائز متنوعة على الناشئة تشجيعا لهم لاكتساب تقنيات التوثيق بالوسائل السمعية البصرية.
العروض السينمائية أيضا انتقلت إلى بلديات تلمسان والمدن المجاورة بعد العروض الشرفية في تلمسان.
كما تضمنت التظاهرة السينمائية في عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 بانوراما للأفلام الوثائقية والتي تعد حوصلة لجميع الأفلام المنتجة ضمن جو تنافسي تم خلاله عرض الأفلام المشاركة، كما تم اختيار أفضل العروض التي تحصلت على جوائز تقديرية من خلال لجنة تحكيم مختصة في السينما والسمعي البصري.
كما تم التوثيق للصروح التاريخية الإسلامية ومنها الصرح التاريخي دار الحديث التي تم تدشينها بتلمسان سنة 1937 من قبل جمعية العلماء المسلمين، والفيلم من إخراج سعيد عولمي، حيث أن دار الحديث بلغت رسالتها وقيمها عبر الأجيال وتخرج منها أساتذة أمثال الشيخ الزروقي، زوليخة قراري، الى جانب إسهامات الباحثين في التاريخ الإسلامي منهم محمد القورصو، عبد الحميد حجيات وعبد الهادي الحسني.
أما المساجد والزوايا فقد سلطت عليها الأضواء السينمائية من خلال ''مساجد، زوايا وأضرحة بني سنوس''، حيث يرحل بنا هذا الفيلم الوثائقي إلى أبواب المدينة، باب الخميس الذي ينفتح على قرى وروابي بني سنوس التي عاشت على أراضيها كافة الديانات السماوية بسلام وأمان، المعابد والكنائس التي حولت إلى مساجد كلها تحكي تاريخ الموحدين والزيانيين والشخصيات التاريخية كإبن خلدون.
''فيلم أبو مدين شعيب الغوت''، نافذة أخرى على الارتقاء الروحي من خلال المسالك الصوفية أبو مدين الذي استطاع أن يبسط جناحي برنوسه على جوهرتين حضاريتين بجاية وتلمسان ترك الأثر الطيب في كلا المدينتين بجاية وتلمسان، ترك الأثر الطيب في كلا المدنيتنين، فهو الشخصية التاريخية الصوفية التي مازال التلمسانيون يقدرونها إلى يوم الناس هذا ويرجعون الفضل إليها في انتشار الصوفية في المغرب العربي، الفيلم يتناول حياة هذا المتصوف المدفون بالعباد في أعالي تلمسان منذ أكثر من عشرة قرون، الشخصية التي لها محطات ذات إضاءة منفردة، العلم، الجهاد واللقاء الذي جمعه بقطب المتصوفة سيدي عبد القادر الجيلالي أثناء رحلته إلى الحج، ثم جهاده مع صلاح الدين، وعودته إلى أرض الوطن ثم رحلته من بجاية إلى تلمسان، حيث يوافيه الأجل، الفيلم أخرجه يحيى مزاحم وجسد فيه شخصية سيدي بومدين الفنان عبد القادر بوجاجة.
كما فتحت السينما نافذة أخرى تحمل عنوان ''مزاهر عالمات ومجاهدات'' وهي شخصيات جزائرية علمية وأخرى جهادية برزت أثناء الثورة التحريرية المباركة، الفيلم من إخراج إلياس بوخموسة الذي سلط فيه الضوء على كل من لالة ستي، لالة مغنية، جميلة بوحيرد، ومليكة حميدو تحكي بتفاصيل دور ومؤثرات المرأة الجزائرية في تسطير التاريخ وإثراء الذاكرة.
كما سطعت على ثرى تلمسان نجوم ثقافية أخرى أبهرت بناتجها الباحثين والدارسين مما فرض على مبرمجي تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية تخصيص ملتقيات لها، حيث خصصت وزارة الثقافة 12 ملتقى علميا، فعّل هذه الملتقيات 34 باحثا بين كاتب وناقد وأكاديمي، وكان فاتحة الملتقيات ''ملتقى الإسلام في المغرب العربي ودور تلمسان في انتشاره: تلمسان... أو قيروان الجزائر''.
المقتى الثاني ''الملتقى الدولي: صدى أعمال محمد ديب، كاتب بلا حدود'' و''ملتقى الشعر النسوي بتلمسان: هضبة لالة ستي.. موعد مع الشعر''.
كما اهتمت عاصمة الثقافة الإسلامية سنة 2011 بالتراث الثقافي غير المادي والكوريغرافية وكان ذلك اعترافا بالشيوخ وتثمين الطقوس الاحتفالية وتدوين الابداع الجزائري، حيث سجلت أعمال ونظمت معارض وكرمت شخصيات موسيقية أندلسية بالإضافة إلى الجولات الفنية، وقد تم تكريم الوجوه الفنية أمثال عبد الكريم دالي، العربي ورضوان بن صاري وعبورة.
كما تم إنجاز كتاب عن الجوانب التاريخية والموسيقية لـ''النوبة'' من خلال التقاليد المختلفة في المنطقة المغاربية، وكتاب خاص بتركيبة ''النوبة''، وكتاب حول الشعر ''الحوزي'' وشعراء تلمسان المنداسي، بن تريكي، بن مسايب وبن سهلة.
كما تم إعادة نشر كتاب ''الموشحات والأزجال'' وكتاب ''أوزان وألحان في ديوا شعراء تلمسان''.
كما تم تكريم خلال الأسبوع الرابع لمعرض ''النوبة'' من الصادق البجاوي والفنان الحاج محمد الغافور، حيث تم تصوير فيلم وثائقي حول حياة الصادق بجاوي، كما كان الحفل بالحاج الغافور من خلال عرض لسيرته الفنية.
هذه بعض النوافذ التي تمت الإطلالة منها على عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 ومن خلالها تم استحضار تاريخ واسترجاع ذاكرة، فكانت تلمسان النافذة التي حشدت هذا المشهد الحضاري والمدينة التي احتوت هذا البستان العلمي والغني والثقافي بكل ثماره المتنوعة وأزهاره الفنية العطرة فكانت تلمسان عاصمة للثقافة والفن والجمال.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)