الجزائر

إضراب الفاشلين



 لم نخطئ التقدير حين قلنا سابقا بأن رؤساء الأندية المحترفة لم يتخلّصوا بعد من رواسب التسيير الهاوي، ولم نكن لنحيد عن الحقيقة بالتأكيد على أن احتراف الكرة ونجاح المشروع في الجزائر يدفعنا دفعا إلى ''التخلّص'' من كل ما يمت بصلة لهواية ممارسة اللّعبة وتسييرها، بمن في ذلك الرؤساء ''المخضرمين''.
حين أسمع بأن رئيس شركة رياضية ذات أسهم يعلنها صراحة بأنه في إضراب، عقب مساع دون جدوى لحلّ معضلة شحّ الأموال لأندية محترفة دون سواها، كحلّ أخير يفهم منه على أنه نداء استغاثة، فذلك في نظري ليس له سوى معنيين لا ثالث لهما.
''خرجة'' عبد الحكيم سرّار، الرجل الأول للشركة التي تسيّر أحد أكبر الأندية الجزائرية، تحمل في طياتها دلالات الاستخفاف بالأنصار والشارع الرياضي السطايفي وحتى الرأي العام الرياضي، ويصوّرنا هذا التصرّف، أمام جيراننا العرب على الأقل، بأن أنديتنا يتحكّم فيها أشخاص لا يفرّقون حتى بين قوانين الهواية وقواعد الاحتراف.
وبمعنى أدق، لا أعتقد بأن أي عاقل يمكن له أن يتصوّر بأن مديرا عاما لشركة خاصة، يعجز عن ضمان ''ربح'' أو عائدات مالية أو فوائد لشركته لتسديد رواتب عماله ولاستمرار النشاط الاستثماري لشركته، يقدم، ليس على الاستقالة وإيداع حصيلة نشاطه، إنما على الخروج إلى الشارع ليعلن إضرابه تظلّما على الدولة حتى ''يلوي ذراعها'' لتموّل مشروعه الفاشل، أو -بالأحرى- لتضخ في حساب شركته غير المنتجة أصلا، الملايير لتصنع له نجاحا وهميا.
وإذا كان في نظري هذا الطرح هو أحد المعنيين في موقف سرّار المبتدع، فإن المعنى الثاني، وهو الأقرب إلى الصواب، يلفه قالب شعبوي يرمي إلى حشد تعاطف الجماهير السطايفية ضد السلطات المحلية وفي مقدّمتها والي سطيف، من خلال القول بأن من سبق الوالي الجديد في هذا المنصب كان في قمة'' الكرم، حين كان يغدق عليه بالأموال في العهد الهاوي بإشراك المستثمرين في تمويل الوفاق، في وقت لم يتبّن الوالي الحالي لسطيف سياسة سابقه الذي تزامن تواجده في قسنطينة مع بلوغ ''السنافر'' نصف نهائي الكأس، نفس التفكير في التعامل مع فريق يملك شعبية منقطعة النظير.
إضراب الرئيس هو إعلان غير صريح عن الفشل وتنصّل من المسؤولية، وهو أيضا تقزيم لشأن ومكانة فريق ''عين الفوّارة'' العريق، وهو سلوك يحدّد أحد الأسباب الرئيسية في فشل الاحتراف في المهد، طالما استمر استخفاف المعمّرين والمستفيدين من ريع الكرة، ولم يستحوا وهم يضحكون على أذقان الأنصار الأوفياء من أبناء ''الزوالية''.
كان جدير بسرّار الاختيار بين ''الأسود'' و''الأبيض'' وأن لا يميل إلى اللّون الرمادي، من خلال التصرّف مرة واحدة باحترافية والتحلي بجرأة كبار الرؤساء والقول ''إنني فشلت وسأرحل''، بعدما تم ''ترحيل'' أغلب أبناء الوفاق من اللاّعبين واستبدال التكوين بالاستيراد، حتى لا يأتي عليك يوم يقال لك ''ارحل يا رئيس''.


rafeec2005@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)