الجزائر

إصلاحات ''عدم الانحياز''



 اختلطت عليّ الأمور وأنا أشاهد نشرة الثامنة، ليلة أول أمس، فقد كنت مسبقا أعلم أن هناك ثلاثة أحداث مهمة، من جهة اجتماع الثمانية، ومن جهة أخرى اجتماع دول عدم الانحياز، إضافة إلى مشاورات الإصلاحات التي أمر بها رئيس الجمهورية، وظننت لوهلة أن مشاورات الإصلاح هي اجتماع دول عدم الانحياز بالنظر للذين استقبلهم بن صالح وتواتي وبوغازي، حيث ذكروني بالثمانينات والسبعينات، وأصبحوا على شاكلة هيئة دولية لم يعد لها محل من الإعراب.. فلمن لا ننحاز؟
 كيف لا وهم الذين لا نراهم إلا في المناسبات والانتخابات، وكأن الهيئة التي نصبها الرئيس ويشرف عليها فتحت باب أرشيف الجمهورية لتأخذ كل من ظهر ولو مرة واحدة في الساحة السياسية الجزائرية للاستشارة حول مستقبل الجزائر، التي تجاوزت هؤلاء كثيرا، والدليل على ذلك أن الكثير من الشباب (لمن يشاهد التلفزيون أو يقرأ الجرائد) اكتشفوا الكثير من رؤساء الأحزاب الذين ظهروا فجأة في ثوب منقذي الجزائر، وكل واحد منهم يصوّر نفسه على أنه الربان الذي سيقودها إلى بر الأمان.
فكيف لدولة أن تتحدث عن مستقبل شباب الجزائر وتناقشه مع أناس أكل عليهم الدهر وشرب، ولا يعرفهم الشباب لا من قريب ولا من بعيد؟ وكيف لنا أن نقنع شباب اليوم الذي لا يفكر إلا في الحرفة والعيش الأفضل في بلدان أخرى بأن المشاورات الحالية لفائدته ولمستقبله حتى يبقى في الجزائر ويخدمها.
والأغرب من كل هذا أن الذين تتشاور معهم السلطة الآن للقيام بإصلاحات ديمقراطية لا يطبقونها حتى في بيوتهم. فمعظمهم، حتى لا نقول كلهم، رؤساء أحزاب منذ أن ولدت هذه الأخيرة في التسعينات ولا يحترمون التداول على السلطة ويغتنمون فرص الانتخابات لبيع المراكز الأولى في قوائمهم الانتخابية لانتهازيين مستعدين لدفع الملايير من أجل الحصول على مقعد في المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة.
أتركونا من هذا الهراء الذي أضحى مجرد تمثيلية أبطالها عدد من المسؤولين لإضفاء الشرعية على نظام فقد فيه الشعب، وخاصة الشباب، كل الثقة وأصبح كآلهة الأولمب في ثقافة الإغريق، التي تجتمع في السماء من أجل تقرير مصير الشعوب.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)