لا أحد من المسؤولين يريد أن يخرج إلى الرأي العام طاي طاي بشأن موضوع الإصلاحات المعروضة على البرلمان، والكل يختفي وراء الآخر، وهو دليل على أن لا أحد داخل النظام مقتنع بهذه الإصلاحات، أو أنه بينه وبين نفسه يرفضها رفضا قاطعا ويريد بقاء الحال على حاله، وذلك إما لأنه مستفيد من الوضع أو أنه يخشى على تأثر مصالحه بأي تغيير في البلد، رغم أن القاعدة تقول دوام الحال من المحال.
لم نسمع في برلمان زياري، وهو يفتح ملف الإصلاحات، لا نقاشا ولا حجة ولا برهانا ولا هم يحزنون، ولكن كل الذي شوهد وسمع لا يختلف في شيء عن لعبة البينغ بونغ التي تقذف من جهة لأخرى، وكأن لا أحد يريد تحمّل تبعاتها. الحكومة تختفي وراء رئيس الجمهورية لتغطية نقائص مشاريعها، وتقول إن عبد العزيز بوتفليقة هو من أمر بذلك، والأفالان صاحب الأغلبية يسعى إلى تخييط مشاريع القوانين ويعدلها وفق مصلحته الحزبية ويرمي بالكرة في مرمى رئيس الجمهورية الذي كلفه بذلك. والمعارضة تدعو الرئيس للتدخل لأن إصلاحاته تتعرض للالتفاف عليها من قبل أحزاب التحالف، وتقوم بالغمز واللمز على أن هيئة عبد القادر بن صالح لم تتكفل بمقترحاتها خلال جلسات المشاورات. ووزير الداخلية يرمي بالمسؤولية في ساحة المعارضة ويقول إن مصالحه تبنت ما سلم لها في تقرير بن صالح. وتقرير عبد القادر بن صالح الذي قال إنه سلمه في وقته إلى رئيس الجمهورية، لا أحد اطلع عليه من الجزائريين ولا أحد يدري إن كان التقرير موجودا، ما عدا الجهات التي تتخاصم اليوم بشأنه في البرلمان.
وسط هذا المشهد الكاريكاتوري الذي جعل كل طير يلغي بلغاه ، السؤال المطروح: لماذا السلطة دائما تختار الطريق المظلم المليء بالمطبّات، عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات، بالرغم من أن الوصول إلى الديمقراطية طريقه معروف وواضح، والقضاء على الفساد آلياته محددة ومعلومة، وتحقيق العدالة الاجتماعية ليست بحاجة إلى عصا سحرية ولا إلى خاتم سليمان لتكريسها في أرض الواقع. إن غياب الإرادة في الإصلاح وعدم الإيمان بإمكانية بناء دولة لا تزول بزوال الرجال، هي التي جعلت كل المشاريع التي تخرج من حين لآخر، تهدف إلى إنشاء ربع ديمقراطية ومحاربة ثلث الفساد وليس كله، وبناء شبه برلمان وليس برلمانا صحيحا وسيدا، وتكوين فزاعة حكومية وليس جهازا تنفيذيا فعالا، وإصدار دستور مؤقت وليس مستديما. والغريب في الأمر أن كل هذا يحدث رغم أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قال ذات يوم إنه يرفض أن يكون ثلاثة أرباع الرئيس.
h-slimane@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : ح. سليمان
المصدر : www.elkhabar.com