الجزائر - A la une

إصدار أمر بالتوقيف الدولي في قضية "سوناطراك2"تأكيد إرادة الدولة في فك خيوط الفساد



إصدار أمر بالتوقيف الدولي في قضية

يعد إصدار أمر بتوقيف الوزير السابق للطاقة والمناجم، شكيب خليل، سابقة بالنظر إلى المنصب الذي شغله طيلة سنوات والتهم الموجهة إليه والمتعلقة بتلقي رشاوى وتبييض أموال وإبرام صفقات مخالفة للتشريع واستغلال النفوذ والوظيفة وقيادة جماعة إجرامية عابرة للحدود، كما يعد دليلا على الإرادة في كشف ملابسات قضية "سوناطراك 2" في إطار سياسة مكافحة الفساد التي شدد عليها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لاسيما في الخطاب الذي تطرق فيه إلى هذه القضية بالذات.فرئيس الجمهورية كان قد قال في رسالة بمناسبة الذكرى المزدوجة لإنشاء الاتحاد وتأميم المحروقات "لا يجوز لي أن أمر مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخرا من أمور ذات صلة بتسيير شركة سوناطراك.. إنها أمور تثير سخطنا واستنكارنا لكنني على ثقة من أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا".
وكانت تلك الكلمات رسالة واضحة إلى الجهات المعنية وإلى المشككين في مجريات هذه القضية التي أسالت الكثير من الحبر داخل وخارج الوطن، ولاغرابة في ذلك فهي تمس أكبر شركة في الجزائر وفي إفريقيا، كما أنها تتعلق بمبالغ كبيرة تفوق 20 مليون دولار
و175 مليون أورو، حسب النائب العام لمجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي.
وهي الأموال التي يتساءل الجميع اليوم وبعد إصدار أوامر التوقيف ضد المتورطين عن إمكانية استرجاعها. وتحدث النائب العام عن الموضوع في الندوة الصحفية التي نشطها، أول أمس، حين قال إن العدالة الجزائرية "متفائلة" بخصوص إمكانية استرجاع أموال سوناطراك المتواجدة بالخارج في إطار التحقيق القضائي المتعلق بقضية "سوناطراك 2"، والمتواجدة حاليا بفرنسا وسويسرا وإيطاليا وعدد من دول الخليج العربي.
حيث شرع قاضي التحقيق مؤخرا في إجراءات استرجاع هذه الأموال التي تم وضعها مع القضاء السويسري في إطار مكافحة جرائم تبييض الأموال. ويواصل القضاء الجزائري القيام بإجراءات مماثلة مع فرنسا وإيطاليا وعدد من الدول الأخرى.
والملفت للانتباه هو ما قاله النائب العام من أن التحقيقات القضائية الخاصة بالملف والتي تخص الفترة الممتدة من 2003 الى 2011 توصلت إلى اكتشاف "شبكة دولية منظمة" مختصة في تقديم الرشاوى مقابل الظفر بصفقات أجنبية مع شركة سوناطراك وأنها حولت هذه الأموال "بتقنيات بنكية معقدة خاصة" نحو عدد من دول أوروبا وآسيا والخليج العربي وكذا الولايات المتحدة الأمريكية، واصفا ذلك ب«الإنجاز" للعدالة الجزائرية. حيث أن "بعض الأشخاص تلقوا مبالغ مالية ضخمة في إطار الوساطة للظفر بالصفقات. وهي المبالغ التي كانت تدفع لبعض مسؤولي مؤسسة سوناطراك وقطاع المحروقات أو أقاربهم ومعارفهم الذين تربطهم بهم علاقات شخصية ومادية".
وحسب المصدر، فإن السلطات القضائية الأجنبية قبلت بكل الإنابات القضائية الدولية التي تقدم بها القضاء الجزائري في إطار التحقيق الخاص بقضية سوناطراك.
وفي هذا السياق، تم اتخاذ جملة من الإجراءات الأخرى تتعلق خصوصا بتجميد وحجز أموال المتهمين المودعة بالجزائر، بالإضافة إلى حجز تحفظي للأملاك العقارية والأملاك العقارية المنقولة".
للتذكير، فإن التحقيقات حول القضية فتحت منتصف شهر فيفري الماضي مباشرة بعد التحقيق حول ملف آخر المسمى "سوناطرك1" المتورط فيه الرئيس المدير العام السابق للشركة محمد مزيان رفقة نوابه.
كما تجدر الإشارة إلى أن الخيوط الأولى للقضية ظهرت في إيطاليا، حيث فجرت القضية مما أدى بالقضاء الإيطالي إلى إصدار أمر بالقبض الدولي على فريد بجاوي الذي يعد أحد الأشخاص المطلوبين من العدالة الجزائرية ضمن التسعة الذين أعلن عنهم النائب العام، وهو متابع في نفس القضية التي تخص مجمع سايبام في إيطاليا والمتهم بدفع رشاوى ما بين 2007 و2009 من أجل الحصول على سبعة عقود في الجزائر بقيمة إجمالية تقدر ب8 ملايير أورو. وتقدر قيمة الرشاوى، حسب القضاء الإيطالي، ب197 مليون دولار سلمت لوكالة "بيرل بارتنرز ليميتد" المتواجدة بهونغ كونغ ويمتلكها فريد بجاوي، حسب الصحافة الإيطالية.
وسرعت هذه القضايا من قرار الحكومة بإنشاء الديوان المركزي لقمع الفساد في بداية مارس الماضي.
وقال المدير العام للديوان، السيد عبد المالك سايح، أمام الصحافة عقب حفل تدشين مقر الديوان "بصفتي قاضيا فأنا مطلع على قضايا الفساد منذ 30 سنة. أظن أن هذه الظاهرة استفحلت بشكل كبير بالنظر إلى العدد والضرر المسجل في كل ملف. وفي سياق ميزته فضائح الفساد التي لم تستثن شركات عمومية استراتيجية في وقت أضحى دور مثل هذه المؤسسة أكثر من مفيد في الجزائر".
وأضاف سايح أن "الفساد أكيد ... ونحن هنا للتصدي لهذه المشكلة، فالنصوص موجودة والإمكانيات متوفرة والإرادة السياسية موجودة... لابد إذن من التحلي بالرصانة حيال هذه المسألة".




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)