الجزائر

إدريس لكريني يدرس ظاهرة التحول الديمقراطي



يسعى في كتابه إلى الإجابة عن إشكالية تحديد المداخل اللازمة لتأمين تحوّل ديمقراطي في المنطقة العربية بأقل كلفة.في كتابه الجديد بعنوان "تدبير أزمات التحوّل الديمقراطي.. مقاربة للحراك العربي في ضوء التجارب الدولية"، يؤكد الباحث إدريس لكريني أن الأقطار العربية ظلت من بين الدول الأقل تفاعلا مع المتغيرات الكبرى التي شهدها العالم بعد نهاية الحرب الباردة، مقارنة مع عدد من الأقطار في أميركا اللاتينية كالبرازيل والشيلي، أو في أوروبا الشرقية كبولندا ورومانيا، أو في بعض البلدان الأفريقية كجنوب أفريقيا ورواندا والتي راكمت مكتسبات سياسية واقتصادية هامة اعتمادا على المعطيات التاريخية والانعطافات التي شهدها العالم.
ويرصد الكتاب، الصادر عن المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، في فصله الأول مفهوم وأنماط التحوّل الديمقراطي، وأزمة التحوّل في المنطقة العربية من حيث أسبابها وتداعياتها. كما يتناول سياقات الحراك "العربي" من خلال التطرق إلى عدد من الحالات من تونس وليبيا وسوريا ومصر واليمن والمغرب والجزائر والسودان، ومجمل الإشكالات المطروحة في هذا الخصوص على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، والتدخلات الخارجية، وولوج التيارات الإسلامية للحكم.
أما الفصل الثاني فتم تخصيصه لمجموعة من التجارب الديمقراطية الحديثة في أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية، وفي آسيا وأفريقيا، مع تناول وتحليل للآليات المعتمدة في تدبير مختلف الإشكالات والأزمات التي رافقت التحوّل في عدد من الدول، مع التوقف عند الدّروس المستفادة في هذا الشأن عربيا، سواء في ما يتعلق بالمداخل القانونية والسياسية والاقتصادية والأمنية المعتمدة، قبل تناول دورالعدالة الانتقالية في تدبير أزمات التحوّل الديمقراطي في ضوء عدد من التجارب الدولية والإقليمية في هذا الخصوص.
ويسعى لكريني في هذا المؤلف، الذي جاء في 280 صفحة من الحجم المتوسط والصادر بدعم من مؤسسة "هانس زايدل"، إلى الإجابة عن إشكالية رئيسية تتعلق بتحديد المداخل اللازمة لتأمين تحوّل ديمقراطي في المنطقة العربية بأقل كلفة، عبر استيعاب الإشكالات المطروحة في هذا الشأن من ناحية، وكذلك التراكمات النظرية والتجارب الميدانية الدولية الحديثة من ناحية أخرى.
وذلك في رأيه لا يكون إلا انطلاقا من ثلاث فرضيات أساسية، أولاها تحيل إلى أن الأزمات السياسية والأمنية القائمة في عدد من دول المنطقة تعكس حجم الإكراهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتراكمة من جهة، وعدم اختيار المداخل اللازمة والكفيلة بدعم التحول الديمقراطي من جهة أخرى. وثانيها تشير إلى أن استحضار التجارب الدولية الحديثة في هذا الصدد سيجعل التحول ممكنا في المنطقة، كما سيسمح بانتشال الحراك من "القتامة" الحالية التي ألصقت به؛ بربطه بالإرهاب والاستلاب الأمني والتراجع الاجتماعي والاقتصادي.
أما الفرضية الثالثة فتقضي بأن اعتماد العدالة الانتقالية يمثّل مدخلا سلسا لتدبير أزمات هذا التحوّل، ولتجاوز الارتباكات التي تطبع المشهد السياسي لعدد من دول الحراك، بما يدعم مشاركة الجميع في بناء دولة تتّسع للجميع. ويقطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومع مظاهر الفساد والاستبداد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)