طالب مستوردو وموزعو قطع الغيار، وزارة الصناعة بتقديم توضيحات حول مصير قطع الغيار الملائمة ( adaptable ) التي لا تستعمل في التركيبة الأولى عند خروج السيارات من المصنع، وبالتالي فهي لا تحوز على شهادة موافقة من صانع السيارات. مؤكدين أن دفتر الشروط الخاص بقطع الغيار الذي سيعرض قريبا ينص على وجوب حيازة قطع الغيار التي تستوردها الجزائر على شهادة موافقة من صانعي السيارات، وعدم السماح بدخول أي قطع أخرى لا تحوز على هذه الشهادة، بالرغم من أن هذه القطع الملائمة تتوفر فيها مقاييس النوعية وتحوز على شهادات موافقة للجودة من قبل مخابر عالمية معروفة وتستعمل في التركيبة الثانية أو ما يعرف بخدمات ما بعد البيع.أثار مشروع دفتر الشروط المتعلق بقطع غيار المركبات الذي انتهت وزارة الصناعة والمناجم، من إعداده مؤخرا والذي من المنتظر أن تعرضه قريبا، ضجة كبيرة في أوساط المتعاملين في المجال من مستوردين وموزعين الذين رحبوا بوجود مشروع ينظم القطاع. غير أنهم عبّروا عن رغبتهم في مناقشة المشروع مع الجهات الوصية لتوضيح بعض النقاط التي لا زالت «مبهمة»، كما قاله هؤلاء الذين أكدوا ل«المساء» أن المشروع الذي يهدف إلى محاربة قطع الغيار المغشوشة التي ظلت تدخل السوق الجزائرية لم يحدد مصير أنواع أخرى من قطع الغيار المعروفة بقطع الغيار القابلة للتكيف adaptable والتي «تتمتع بنفس مواصفات قطع الغيار الأصلية»، كون المشروع ينص على عدم استيراد قطع الغيار التي لا تحوز على شهادة موافقة من طرف منتجي السيارات.«لافتر ماركت» في الميكانيك كالأدوية الجنيسة في الصيدلةفي هذا السياق أوضحت مصادرنا أن صانع السيارات لا يصنع قطع الغيار بل يقتنيها من منتجي قطع الغيار أو ما يعرف ب«لي اكيب مونتي» الذين ينتجون له قطع غيار التركيبة الأولى التي تركب في السيارات قبل خروجها من المصنع. وبالتالي فإن صانع السيارات لا يقتني سوى قطع غيار التركيبة الأولى، ومنه فهو غير مخول بمنح شهادات موافقة لقطع الغيار الملائمة لهذه السيارات والتي يمكن تركيبها عند تغيير القطع الأصلية التي ركبت لأول مرة. الأمر الذي جعل ممثلي عدة ماركات عالمية معروفة لقطع الغيار ببلادنا يتسألون عن مصير هذه القطع الموجهة لسوق خدمات ما بعد البيع أو ما يعرف ب«لافتر ماركت» لأنها لا تحوز على موافقة صانع السيارات كما ينص عليه دفتر الشروط. والتي تبقى في متناول المستهلك الجزائري كونها تتماشى مع قدرته الشرائية لأن القطع الأصلية تسوق بأسعار جد باهظة.وتجدر الإشارة إلى أن قطع الغيار القابلة للتكيّف شأنها شأن «الأدوية الجنيسة في مجال الصناعة الصيدلانية» كما يسميها المختصون في الميدان، كونها «قطع نوعية تحمل نفس مقاييس القطع الأصلية من ناحية الجودة والأمن، وهي مستعملة في كل دول العالم، وتحوز على شهادات من قبل مخابر عالمية لها مصداقية في الدول المتطورة وليست مغشوشة».وكلاء السيارات لا يوفرون قطع الغيار بعد مدة من تسويق السياراتوذكر متعاملو القطاع أن نشاط موزعي ومستوردي قطع الغيار أضحى مكملا لنشاط الوكلاء المعتمدين لتسويق السيارات، في الوقت الذي يلجأ فيه العديد من الزبائن إلى موزعي قطع الغيار للاستفسار إن كانت قطع غيار السيارات التي يريدون شراءها متوفرة عندهم أم لا، قبل اقتناء هذه السيارات لتفادي الاصطدام بمشكل عدم توفر قطع الغيار بعد قدم سياراتهم. إذا علمنا أن وكلاء السيارات لا يوفرون قطع غيار السيارات التي يسوقونها بعد مرور سنوات قليلة فقط من طرح هذه السيارات في السوق، بالرغم من أن القانون يجبرهم على توفير قطع غيارها لمدة لا تقل عن 10 سنوات بعد الانطلاق في تسويقها حسبما أكده السيد زبير بلخيثر ممثل تجاري لماركات أوروبية لقطع الغيار الذي أضاف أن القطع المسوّقة بالجزائر تعد «الأرخس سعرا مقارنة بتلك المسوّقة بدول الجوار، كون المستوردين الجزائريين يتفاوضون جيدا قبل اقتنائها من المصدرين الأجانب حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن الذي يقصدهم هروبا من الوكلاء المعتمدين الذين يسوّقون هذه القطع في حال توفرها بأسعار جد مرتفعة».قطع الغيار الأصلية لا تنتج حصريا في بلد المنشأكما تحدثت مصادرنا عن نقطة أخرى تتعلق ببلد المنشأ، حيث يلزم دفتر الشروط المستوردين باستيراد قطع غيار ماركة معينة من بلدها الأصلي وليس من بلد آخر. مؤكدين أن هذه النقطة من الصعب تجسيدها كون أغلب الماركات العالمية أقامت مصانع تابعة لها في دول مختلفة مثلما قام به مصنعو السيارات بحثا عن اليد العاملة الرخيسة وامتيازات أخرى ذات علاقة بالضرائب وغيرها.واعتبرت مصادرنا أن استيراد هذه القطع من بلد آخر غير بلد المنشأ في زمن العولمة «ليس مشكلا بحكم انتشار المصانع في عدة دول». مؤكدين أن هذا الشرط يمكن تعويضه بمطالبة المستوردين بإحضار وثائق من الشركة الأم تؤكد بأن السلع المستوردة تابعة لها بحيث تكون هذه الوثيقة تشير إلى كل المعلومات التي تؤكد هوية المنتوج للتصدي لقطع الغيار المغشوشة التي تستورد من بلدان أخرى خاصة من آسيا وتسوق على أساس أنها تابعة لتلك الماركات العالمية المعروفة.الوزارة لم تستشر المعنيين لغياب جمعية تمثلهموإن رحب المتعاملون في سوق قطع الغيار بمبادرة الحكومة الرامية إلى اعتماد دفتر شروط ينظم السوق ويقطع الطريق أمام الدخلاء على المهنة حتى لا يبقى المجال فيها سوى للمحترفين، فإنهم عبّروا عن تخوفهم من بعض «الانعكاسات السلبية» التي قد تحدث بعد الشروع في تطبيقه، والتي قد تتسبب في حدوث ندرة وارتفاع الأسعار بسبب تقليص الاستيراد والتوقف عن استيراد قطع الغيار القابلة للتكيّف.وذكر موزعو ومستوردو قطع الغيار ممن تحدثنا إليهم بأن وزارة الصناعة لم تستشرهم ولم تأخذ برأيهم في إعداد هذا المشروع الذي يمس مباشرة بنشاطهم، مؤكدين أن مجال قطع الغيار هو «مهنة قبل أن يكون تجارة»، وهو بحاجة إلى ضوابط تضبطه وتنظمه لمحاربة الغش والتقليد الذي يضر بالاقتصاد الوطني وبالحياة البشرية بالنّظر إلى حوادث المرور التي تعود أسبابها لرداءة قطع الغيار التي لا تحترم مقاييس النوعية والأمن والسلامة.من جهتها أكدت مصادر من وزارة الصناعة والمناجم ل«المساء» أنها لم تستشر موزعي ومنتجي قطع الغيار لمناقشة دفتر الشروط بالرغم من أنهم معنيون مباشرة بسبب غياب هيئة أو جمعية رسمية تمثلهم، حيث قالت مصادرنا بأن الوزارة لا تستطيع استدعاء كل هؤلاء المستوردين والموزعين الذين يقارب عددهم 9913 مستوردا. غير أن هذا لا يعني غلق باب الحوار – تضيف مصادرنا – التي تحدثت عن إمكانية الإصغاء لممثلين عن هؤلاء المتعاملين في الأيام القادمة قبل اعتماد هذا الدفتر.وإلى جانب هذا التصريح حاولنا معرفة وجهة نظر وزارة الصناعة حول الموضوع ورأيها فيما قاله مستوردو وموزعو قطع الغيار، غير أننا اصطدمنا بتجاهل هذه الأخيرة التي طالبتنا بإرسال أسئلتنا عبر البريد الإلكتروني والتي لم تحظ بالرد بالرغم من المحاولات المتكررة للاتصال بها هاتفيا.مخابر مراقبة الحل الوحيد لمنع دخول قطع الغيار المغشوشةوبالمقابل اقترح المختصون في مجال قطع الغيار إقرار بعض التدابير لتنظيم سوق قطع الغيار ومنع دخول السلع المغشوشة التي تستورد من آسيا خاصة من الصين وطايوان، بإقامة مخابر تحليل لمراقبة نوعية قطع الغيار المستوردة والتأكد من مدى مطابقتها لمقاييس النوعية، بالإضافة إلى تكوين خبراء وأعوان الجمارك عبر المراكز الحدودية والموانئ لمراقبة الحاويات التي تدخل والتصدي لبارونات الاستيراد التي اعتادت على الربح السريع باستيراد سلع مغشوشة تهدد حياة أصحاب السيارات وركابها.كما طالب هؤلاء المختصين بالتركيز على معاينة وثائق الاستيراد والتأكد من مصداقيتها. مؤكدين أن بعض المستوردين يتحايلون على هيئات الرقابة من خلال التصريح الكاذب بخصوص الإعلان عن اسم البلد الذي استوردوا منه سلعهم، إذ عادة ما يصرحون بأن هذه السلع القادمة من الصين والإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول جنوب آسيا مستوردة من أوروبا مما يكلّف الدولة خسائر مالية جد ضخمة تقدر بالملايير عند دفع هؤلاء للحقوق الجمركية والرسوم على القيمة المضافة التي تختلف من بلد إلى آخر وتنخفض لما تكون السلع مستوردة من الاتحاد الأوروبي الذي وقّعت معه الجزائر اتفاق شراكة يلغي الرسوم الجمركية.المناولون يتهمون مصانع تركيب السيارات بإقصاء المنتوج الوطنيمن جهتهم رحب منتجو بعض قطع الغيار بالجزائر بدفتر الشروط الذي ستقدمه وزارة الصناعة للحكومة للموافقة عليه هذه الأيام والذي اعتبروه مبادرة للتقليل من فاتورة الاستيراد وتشجيع الإنتاج الوطني الذي لا زال ضعيفا ومتأخرا في هذا المجال بسبب غياب صناعة ميكانيكية في السنوات السابقة. وفي هذا السياق دعا السيد علي سامعي، مدير عام مساعد لمصنع «أركو» لصناعة البطاريات الحكومة لاتخاذ إجراءات قانونية تشجع الإنتاج الوطني، وتجبر مصانع السيارات المحلية على اقتناء قطع الغيار المنتجة بالجزائر، في الوقت الذي اشتكى فيه نفور هذه المصانع من الإنتاج الوطني واكتفائها بالتعامل مع ممونيهم الأجانب الذين يتعاملون معهم بباقي مصانعهم بالعالم.ويأتي ذلك في الوقت الذي وضعت فيه الحكومة شروطا تجبر مصانع تركيب السيارات ببلادنا على اقتناء قطع الغيار المنتجة محليا للوصول إلى رفع نسبة الإدماج إلى حدود 40 بالمائة بعد مرور خمس سنوات من الإنتاج. غير أن أغلب المناولين عبّروا عن استيائهم من عدم وجود إجراءات صارمة تجبر هذه المصانع على اقتناء قطع الغيار المحلية بالرغم من وجود قوانين تنص على ذلك.المناولة الجزائرية متأخرة وهي بحاجة إلى دعم وإعادة تأهيلوفي هذا السياق قال السيد العايب عزيوز، مدير البورصة الجزائرية للمناولة والشراكة في تصريح ل«المساء» أن المناولين الجزائريين في مجال السيارات لا يتجاوز عددهم 50 مناولا ينتجون بعض قطع الغيار من بطاريات وكوابل وغيرها وهم بحاجة إلى إعادة تأهيل ومرافقة من قبل الحكومة لتحضيرهم لمواكبة نشاط الصناعات الميكانيكية التي بدأت ترى النّور ببلادنا. مشيرا إلى أن النهوض بمجال المناولة ببلادنا يتطلب مدة طويلة قد تصل إلى 5 أو 6 سنوات للتحضير الجيّد وكسب خبرة وجعل مصنّعي السيارات يثقون في المنتوج المحلي قصد الوصول إلى رفع نسبة الإدماج التي لا تتجاوز حاليا 15 إلى 19 بالمائة حاليا عند مصنع «رونو الجزائر».وأرجع السيد العايب، عدم إقبال مصانع تركيب السيارات ببلادنا على قطع الغيار المنتجة محليا حسبما يقوله منتجوها إلى الشروط الصارمة التي يشترطها مصنع السيارات في مجال النوعية والأمان والذي يشترط على هؤلاء المنتجين المحلين حيازة شهادة «ايزو تي أس 1949» العالمية المعمول بها في المجال. مؤكدا أن المناولين الجزائريين بحاجة إلى إعادة تأهيل ومرافقة والاستفادة من الخبرة الأجنبية للحصول على هذه الشهادة. ويرى خبراء في مجال السيارات والميكانيك أن المناولة الجزائرية تبقى محدودة بسبب غياب صناعة ميكانيكية ببلادنا، كما أنها تعاني من نقص الكفاءة في اليد العاملة بحكم نقص الخبرة. مشيرين إلى أن هذا المجال بحاجة إلى استثمارات كبيرة وإمكانيات تكنولوجية وتقنية متطورة بالشراكة مع الأجانب للاستفادة من خبرتهم لتجسيد النّوعية ومواجهة المنافسة بالتمكن من إنتاج قطع غيار بقاييس عالمية حتى تتمكن من الحصول على شهادات المطابقة التي يشترطها صانعو السيارات لكسب ثقتهم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/03/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : زولا سومر
المصدر : www.el-massa.com