الجزائر

إدراج الجرائم الاقتصادية في صحيفة السوابق لحماية الاقتصاد



أكد وزير العدل، حافظ الأختام، الطيب لوح أمس، أن مشروع القانون الخاص بالإجراءات الجزائية، أدرج الأحكام الخاصة بالجرائم الاقتصادية، كالاختلاسات والرشوة والمخالفات الأخرى في صحيفة السوابق العدلية للشركات، بهدف حماية الاقتصاد الوطني. واعتبر في سياق متصل العقوبات المقيدة في صحيفة السوابق القضائية بموجب هذا النص، «لا يمكن أن تشكل مانعا لتوظيف الأشخاص ما لم تتنافى الجريمة مع الوظيفة المراد شغلها»، موضحا بأن الهدف من هذا الإجراء هو تسهيل الإدماج الاجتماعي لاسيما وأن فترة رد الاعتبار تعتبر فترة طويلة.وقدم السيد لوح في عرضه لمشروع قانون الإجراءات الجزائية أمام نواب المجلس الشعبي الوطني في هذا الإطار، مثالا عن الإدماج الاجتماعي للمسبوقين قضائيا في جميع الوظائف التي يترشحون لها، باستثناء منع من تورطوا في جرائم اقتصادية كالرشوة والاختلاسات في التقدم لوظائف المتعلقة بالمقتصدين أو المحاسبين، وكذا منع من أدينوا في جرائم الأحداث من الترشح لوظائف تتعلق بمجال الطفولة والتربية.
وأشار الوزير إلى أن النص يعزز حقوق الدفاع ويكرس الحقوق والحريات المعمول بها ومنها تعزيز قرينة البراءة وتبسيط إجراءات الطعن بالنقض.
وقسم الوزير التعديلات التي جاء بها النص، إلى ثلاثة محاور أساسية، يتعلق الأول بمراجعة الأحكام الخاصة بالإكراه البدني، من خلال إعادة النظر فيه وفق ما يتماشى والمادة 11 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص على «عدم جواز حبس الشخص بسبب عدم وفائه بالدين وبالتزام مادي تعاقدي»، موضحا بأن رفع الإكراه البدني كان في السابق يتم بواسطة شهادة الفقر أو شهادة الإعفاء من الضرائب، فيما يقترح المشروع أن يتم إثبات العسر لدى النيابة بأية وسيلة، حيث تملك هذه الأخيرة وسائل وصلاحيات تتأكد من خلالها من صحة الوثائق.
ويقترح المشروع في هذا الإطار، من المدين دفع نصف المبلغ مع دفع البقية على أقساط في آجال يحددها وكيل الجمهورية بعد موافقة صاحب الإكراه البدني، مع إتاحة إمكانية الطعن بالنقض لتوقيف حكم التنفيذ.
أما النقطة الإيجابية الأخرى التي تناولها المشروع ضمن هذا المحور، حسب ممثل الحكومة، فهي تقليص مدة الحبس التي أصبحت سنتين كحد أقصى بدلا من 5 سنوات، في الجنايات دون المخالفات. فيما يتعلق المحور الثاني من المشروع بصحيفة السوابق القضائية، التي لم تعدل منذ 1966، باستثناء بعض المراجعات الخفيفة، حيث يقترح في هذا الإطار استحداث صحيفة السوابق القضائية للأشخاص المعنويين أي الهيئات والمؤسسات، قصد مطابقة قانون الإجراءات الجزائية مع قانون العقوبات وسد الفراغ القانوني في هذا المجال.
ويقترح النص أن تركز بصحيفة السوابق القضائية جميع العقوبات الجزائية التي تصدر ضد الأشخاص المعنويين، لتسهيل استغلالها من طرف السلطات العمومية في إطار تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية، سواء كانت عقوبات مدنية أو تجارية.
وذكر الوزير في هذا الصدد بأنه، في حال إصدار عقوبات تسجل في صحيفة السوابق القضائية، يحدد القانون كيفيات تطبيقها من قبل القضاة والولاة ووزارة الداخلية والمالية والتجارية والمحكمين في الصفقات العمومية والمؤسسات العمومية.
كما يقترح المشروع أيضا إدراج صحيفة مخالفات المرور وصحيفة الإدمان على المواد الكحولية وتوسيعها لتشمل جرائم المخدرات ويدرج عقوبة العمل للنفع العام لمدة معينة عوض الأحكام المقيدة للحرية.
ومن بين النقاط الإيجابية التي تضمنها المشروع أيضا حسب الطيب لوح إتاحة الفرصة للمواطن للاطلاع على الأحكام الصادرة في حقه والمدونة في صحيفة السوابق العدلية «ب 2» التي تضم كل الأحكام الجزائية، بعدما كانت في القانون الحالي غير ممكنة، مشيرا إلى أن اعتماد هذا الأمر جاء لتكريس الشفافية وتجسيد الإصلاحات القضائية المعتمدة في الدول المتقدمة، حيث يتم التبليغ بهذه الأحكام عن طريق وكيل الجمهورية، في حين كان التبليغ في السابق محصورا في الإدارات والقضاة بصفة عامة، بينما لم تتضمن صحيفة السوابق العدلية «ب3»، جميع العقوبات الموجودة في «ب1» و«ب2».
في سياق متصل، ذكر وزير العدل بأن المشرع أتاح إمكانية تسليم صحيفة السوابق العدلية «ب 3» لغير المعني من قبل الجهات القضائية في القنصليات لتجنب تنقل الأشخاص المعنيين لاسيما منهم العاجزين، وذلك عن طريق التوكيل.
أما النقطة الأخيرة التي اعتبرها السيد لوح إيجابية في المشروع، فتتعلق بالإجراء الخاص برد الاعتبار، والذي تم تقليص مدته من أجل تسهيل إدماج المحكومين في الحياة الاجتماعية، حيث كان المدان ينتظر في السابق 5 سنوات للاستفادة من رد الاعتبار، بينما تم تقليص المدة في النص الجديد.
إصلاحات رئيس الجمهورية كرست تعزيز حقوق الإنسان
وفي رده على أسئلة النواب بعد جلسة مناقشة المشروع، وخاصة تلك التي وجهت له من قبل المعارضة ممثلة في جبهة القوى الاشتراكية، التي شككت في استقلالية القضاء، أوضح الطيب لوح أن إصلاحات كثيرة وقعت تحت إشراف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فيما يتعلق بتعزيز حرية الأشخاص وحقوقهم، معتبرا بأن هذه المكاسب لا يمكن لأحد أن ينفيها.وأشار إلى أن هذه الإصلاحات كانت من أبرز مطالب الحقوقيين وتحققت اليوم بعد أن كانت غائبة في سنوات التسعينات.
وأعطى الوزير أمثلة كثيرة حول محاور الإصلاح الذي مس قطاع العدالة، حيث ذكر بأنه «في مجال إجراءات التلبس التي تشمل المثول الفوري والأمر بالإيداع من عدمه، أصبحت من اختصاص قاضي الحكم في الجلسة، وليس من صلاحيات النيابة التي كما هو معروف تابعة للوزارة»، لافتا إلى أن «هذا الإصلاح الميداني الذي يطبق الآن هو أساسي وجوهري ومطلب من مطالب الحقوقيين منذ سنوات طويلة ولم يتحقق إلا بتوجيه واضح لضمان استقلالية السلطة القضائية».
كما ذكر الوزير أمثلة أخرى في هذا المجال، منها تمكين المحامين من زيارة موكليهم، حيث أكد أن هذا الإجراء يعد من مكاسب تعزيز حقوق الإنسان ودعم الحريات التي تطبق اليوم بتوصيات وتوجيهات من رئيس الجمهورية، عكس ما كان موجودا في سنوات التسعينات، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية تعمد دسترة العديد من الحقوق والحريات في 2016 حتى لا يتم التراجع عنها، وعزز حق الدفاع وجعله مقدسا من أجل تقريب المنظومة القضائية من المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان».
كما ربط الوزير إدراج صحيفة السوابق الخاصة بالمخالفات المرورية، في المشروع بمساعي الحد من الارتفاع في حوادث المرور، حيث قدم في هذا الصدد أرقاما عن حوادث المرور التي بلغت 249.178 في سنة 2016، قبل أن تنخفض إلى 247.833 حادث في 2017.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)