نشرت : الأحد 10 سبتمبر 2017 20:36 كيف وأنت تعي قول ربك حاكيا عن خليله إبراهيم { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ، وتُدرك في الوقت نفسه قول نبيك المختار عليه الصلاة والسلام : «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ» .نعم قد يغلبك حماسك وهمتك لدينك فستنفذ طاقتك وجهدك في تربية الآخرين، وأقصد بهم ما سوى أسرتك وأولادك، ومن هم تحت مسؤوليتك.لكن ذلك لن يعفيك مطلقاً؛ فمبدأ التوازن مبدأ رباني، أما سمعت بسيد المُربِيّن الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهو يقول في حديث سلمان مُخاطباً أبا الدرداء رضي الله عنهما بقوله «إِنَّ لِرَبِّكَ عليك حَقًّا، وإِنَّ لِنَفْسِكَ عليك حَقًّا، ولأهْلِكَ عليك حَقًّا. فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ » .ومبدأ الأولويات في شرعنا مبدأ واضح، فالله يوجه الخطاب لعباده المؤمنين ويدخل في ذلك المربي صاحب الرسالة كذلك، يقول تعالى: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا} ويدخل في النفس أولادك أيها المربي فهم جزء منها، وها هو رَبُّ العزة يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يبدأ بإنذار عشيرته الأقربين، يقول سبحانه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} .ولا شك أن كل مُرّب ومُرّبِية يُريد صلاح أولاده جميعاً، فهو يدعوا الله تعالى بما جاء في وصف الله تعالى لعباد الرحمن بقوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} .وحتى تصل إلى أن تكون الزوجة والذرية قُرَّة عين لك، لابد أن تسأل نفسك ما دوري في أسرتي وداخل بيتي ومع أولادي.هل أمرتهم بالصلاة واصطبرت على ذلك، كما أمرني ربي بقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } .هل حرصت على إيجاد البيئة والرفقة الطيبة لأولادي؟هل قننّت ونظمت وتابعت متابعة تربوية جادة طريقة تعامل أولادي مع وسائل التقنية ووسائل التواصل الحديثة؟ ...!هل قمت بواجبي التربوي والأسري تجاه من أعول؟!وقبل هذا وذاك، هل منحتهم جزء من وقتي وخصصت لهم لقاءا يوميا أو أسبوعيا، لمتابعة أحوالهم وشؤونهم الخاصة...!هل أقوم بمساعدتهم في توفير احتياجاتهم، ومراقبة ومتابعة سلوكياتهم، والأخذ على أيديهم فيما يصبون إليه وينشدونه. هل أقدم لهم جرعات تربوية، نصائح وتوجيهات إرشادية، وفق ومنهج وهدي نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم.هل قمت ووضعت خطة منزلية بالاشتراك مع أهلي وأولادي، والبحث في طريقة وإمكانية تطبيقها في الواقع الحياتي.هل اهتممت بالترفيه التربوي مع أسرتي وأولادي، وغرست من خلالها قيما نافعة.أيها المُربِيّ هل تقوم بمتابعة أحوال أسرتك وأولادك، بشكل دوري.هل تقوم بملاحظة واقعهم السلوكي واحتياجاتهم التربوية أولاً بأول...فإن لم يكن لك من ذلك نصيب فعليك بإعادة بوصلة الاهتمام التربوي، ومراجعة نفسك ومحاسبتها على التفريط والإهمال." بيتك .. بيتك" أيها المُربيّ هو مسؤوليتك وواجبك الشرعي.فمثلما مسؤولية الرعاية واجبة فالتربية أوجب وأولى. !سل نفسك أيها المُربيَّ.أين أنت من هذا كُلِّه؟تحدث معها بوضوح وشفافية، واحتفظ لنفسك بالإجابة!ولاأخالك تجهل تقريع وتوجيه نبيك. (كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يعول)قُمّ وتَحرَّك من مجلسك الآن، وبادر على الفور للنظر في احتياجات الأسرة والأولاد والجانب التربوي المفقود وابدأ برسم المعالجات.لا بأس في الاشتراك مع أهل بيتك في وضع الخطط والبرامج، حتى لا يكون هناك ازدواجاً تربوياً في البيت، ويتوه بسبب ذلك الأولاد في التلقي عن قنوات مُتعددة!ولتعلم أيها المُربيّ أن أثر التباين والتوجيه المتعدد داخل البيت يكون مباشراً، وأن إيكال التربية للأم فقط لا يعفيك عن واجبك بل لا غنى للأسرة عنك.أيها المُربيَّ كيف ترضى لنفسك أن يكون لك الأثر الملموس في الواقع ثم أراك تهمل " بيتك"، وأنت من يشار لك بالبنان ويتحدث عنك فارس التربية.ما ينقصك فقط هو إعادة ضبط المصنع وتوجيه بوصلتك وترتيب أولوياتك وترجمة خبرتك في الخارج ونقلها إلى الداخل.أيها المُربيَّ حذار حذار أن تقصر في حق " بيتك" وأن يؤتى الإسلام من قبلك فأول الثغور هو "بيتك " أسرتك وأولادك.وفي الأول والأخير هي مجرد رسالة تذكير ليس إلا.ورسالة ودعوة خاصة لمن اختل عنده ميزان الأولويات بين الداخل (الأسرة) وبين الخارج (ما سوى الأسرة).وتذكَّر في الختام قول المولى { لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/09/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الهداف
المصدر : www.elheddaf.com