لا نحتاج إلى خبرة أو دكتوراه في السياسة لنفهم ما يجري حولنا من أحداث، وخاصة علينا نحن الجزائريين، هذا لا ينطلي علينا، فقد فهمنا الدرس جيدا ومنذ زمان، منذ دخول الاستعمار الفرنسي إلى أرضنا وبقائه مدة 132 سنة، سوى لهدف واحد، استغلال ثرواتنا واستعباد شعبنا وهتك أعراضنا، وفسخ مقوّمات ثقافتنا وتاريخنا المجيد.اليوم يعود نفس المستعمر الأجنبي ولكن متعدّد الجنسيات، وفي شكل جديد غير مباشر ومباشر في نفس الوقت، مستعملا حججا مختلفة لم تعد تقنع كل من لديه عقل وفكر سديد.
فمرة يأتي لأجل نشر الديمقراطية والحرية في منطقتنا العربية والإفريقية، ولكن هل بالعنف والقهر تنشر الديمقراطية، وباللّه عليكم أجيبوني؟ أيّ بلد هذا نجحوا في إدخاله جنة الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، من أفغانستان إلى العراق إلى ليبيا وغيرهم...وقبل هذا هل حققت الديمقراطية في بلدان الغرب العدالة الاجتماعية؟ بالمقارنة إلى ما تعيشه اليوم شعوب وعمال الغرب من تراجع في الحقوق وسوء المعيشة بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، والتي لا ذنب لهم فيها، ولكن اليوم يدفعون الضرائب بشكل أكبر لتغطية عجز الحكومات في دفع ديونها وتغطية نفقاتها، وتذكرنا هذه الظروف المأساوية التي تعيشها هذه الشعوب بعصر القرون الوسطى ونظام الإقطاعية السائد في ذلك الوقت.
ومرة أخرى يأتي في شكل الإرهاب الإسلامي، والإسلام بريء من هذه الفئة الرأسمالية المستعملة لسببين: الأول لهتك حرمة وسماحة الإسلام في العالم، وثانيا لتنفيذ برنامج استعماري أكثر همجية وتعسف، هل الاسلام يدعو لتحقيق السلام والأمن من خلال المتاجرة بالمخدرات والسجائر والرهائن والأسلحة المهربة بطريقة غير شرعية؟
إنّ ما يحدث اليوم في شمال المالي هو من حبك الرأسمالية الغربية، وخاصة مع اشتداد الخناق الذي بلغته بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية والتي خلّفتها السياسات المالية الفاسدة والمبنية على المضاربة والابتعاد على الإنتاج المادي والاقتصاد الحقيقي، ولكن هذه الخطة الإرهابية الرأسمالية الدولية أخذت الشرعية القانونية باستعمال آليات المنظومة الدولية وبالتغطية الإعلامية اللازمة والمرافقة لتنفيذ هذه الخطة بكل الوسائل الممكنة التي تستعملها هذه الوسائل الإعلامية التابعة لها
وبمختلف اللغات لتبرير أهداف هذه الحرب المعلنة على الشعوب قصد الاستيلاء على ثرواتها لا غير؟
ولذلك فليس لديهم حلول بديلة وإنسانية والتي قد ترفع مستوى النمو الاقتصادي، بل الحل الوحيد هو اللجوء إلى خلق الأزمات وبؤر التوتر وحروب الديمقراطية لأجل تحريك دواليب الاقتصاد، وبيع أكبر قدر من الأسلحة والذخيرة من جهة ومن جهة أخرى الاستيلاء على آبار البترول والغاز كمصادر للطاقة وخاصة بعد أن ثبت عدم جدوى الطاقة النووية كبديل
لا أحد يجهل أنّ هذا الإرهاب والمعروف بالقاعدة الإسلامية ليس من صنع هذه الرأسمالية المتوحشة؟ من بن لادن في أفغانستان الى المختار بالمختار في بلاد المغرب؟ كلّهم عملاء ومرتزقة في يد هذه الرأسمالية، في يد أسيادهم في الغرب، والذين يستعملونهم في البداية كتجار للسجائر، والمخدرات وفي تجارة الرهائن، ثم في الحروب مباشرة في ضرب الأنظمة الفاسدة على حد زعمهم، مثل ما حدث في ليبيا، ويحدث في سوريا ومدهم بمختلف الأسلحة وعتاد الحرب، والذي في الأخير، في أخير كل ثورة مفتعلة؟ يتم دفع ثمن كل تلك الأسلحة من خزائن هذه الدول، على حساب أمنها وإعادة بنائها؟ والذي سيصبح في خبر كان مثل أفغانستان والعراق....
ولكن ما يؤلمنا حقا هو ضعف هذه الأنظمة القائمة في المنطقة العربية وفي إفريقيا، بحيث وجدت هذه الامبريالية الزاحفة سبلا سهلة لتمرير أطعمتها المفتعلة، فلولا ضعف الممارسة الديمقراطية الحقيقية و حرية التعبير وتعفن هذه الأنظمة بسبب الفساد والرشوة وعدم وجود آليات حقيقية وفعالة لبناء دولة ديمقراطية واقتصاد قوي، مما أدى إلى تفشي البطالة والفقر، وخاصة مع عدم وجود سياسة واضحة تجاه الشباب، قصد تكوينهم وتحضيرهم لاختيار سبل تحقيق أمالهم والتعبير عن قدراتهم وتأهيلهم لتحمل المسؤوليات في الوقت الحالي وفي المستقبل، لما نجحت هذه المؤامرات ضدهم وضد شعوبهم، فكانت الخطيئة التاريخية الكبرى والتي بسببها قدموا بلدانهم في صحن من الدماء والدمار لهذه الرأسمالية العالمية المتحدة؟
بكل بساطة جزائرية نقول لهم: فقنا لكم يا رؤساء الرأسمالية العالمية المتحدة، ليس على الجزائريين من تحيكون عليهم مؤامراتكم، فقنا لكم في 45، وفقنا لكم في 91، وكانت دائما إجابتنا قوية، وذكية، وفي كل مرة ندهش العالم بنجاعة سياستنا وفراسة جيشنا، سواء في حرب التحرير أو في القضاء على الإرهاب والذي نعرفه ويعرفنا جيدا؟
يا رؤساء الرأسمالية المتحدة، قد أخطأتم بإعلانكم الحرب في شمال المالي، الحرب على من؟ على عملائكم الذين مهدوا لكم الطريق لوضع قواعدكم العسكرية في جنوب الجزائر؟
يا رؤساء الرأسمالية المتحدة، قد أخطأتم بدخولكم حدود الجزائر وهجومكم على القاعدة الصناعية لتقنتورين بعين أمناس؟ قبل أن تقرّروا ذلك، كان عليكم أن تسترجعوا ذاكرتكم ومذكراتكم، متى نجحت مؤامراتكم في الجزائر؟ لم تنجح في الخمسينات من القرن الماضي، ونحن شعب فقير، ضعيف ووحيد، دون عتاد ولا عدة سوى الإيمان باللّه وبالوطن وبالنصر.
فكيف ستنجحون اليوم والجزائر في أوجّ عزها وعزة شعبها، وضخامة استثماراتها، واكتناز خزائنها وسدادة حكمها، وقوة جيشها، سليل جيش التحرير الوطني؟
فالجزائر ليست كغيرها من الدول، لا تتراجع عن مبادئها، ولا تتدخل في غريها من الدول مثل الذين يدعون أنهم ينصرون الإسلام وهم يضربون الإسلام بأموال المسلمين وبإيعاز من أسيادهم الغرب، أعداء الإسلام.
الجزائر ليست فقيرة ولا ضعيفة، بل ذنبنا أنّنا وجدنا في منطقة عربية مغلوب على أمرها، تفككها الأنانية وحب الزعامة وهشاشة الإرادة أمام أسيادهم الغرب؟
فالجزائر ليست فقيرة ولا ضعيفة، بل ذنبنا أننا وجدنا في قارة غنية بثرواتها وفقيرة في حكامتها، ومغلوب على أمرها، تفككها النزاعات والحروب بأمر من أسيادهم الغرب؟
الجزائر عظيمة بشعبها وتاريخها، ونية شهدائها وطهارة دمائهم، ما يجعل اللعنة تلحق كل من يحاول المسّ بأمنها وسلامتها واستقرارها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/02/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أمال الحرة
المصدر : www.ech-chaab.net