ساركوزي يدعو تركيا للحفاظ على برودة الدم اتهم رئيس الوزراء التركي، طيب رجب أردوغان، فرنسا بارتكاب جرائم إبادة في حق الجزائريين خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، داعيا الرئيس نيكولا ساركوزي ليسأل والده إن كان لا يعلم ماذا فعله الفرنسيون في الجزائريين من تقتيل.
ارتفعت، أمس، وتيرة الحرب الكلامية بين أنقرا وباريس، على خلفية مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون يجرّم إنكار مذابح الأرمن من قبل الدول العثمانية. وفي التفاصيل، اتهم رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الجمعة، فرنسا بارتكاب جرائم إبادة جماعية في الجزائر خلال فترة احتلالها التي دامت 132 سنة.
وقال أردوغان، في كلمة له، خلال مؤتمر حول تطور المرأة في المجتمعات الإسلامية: ما قامت به فرنسا في الجزائر كان إبادة جماعية، وإذا كان ساركوزي لا يعلم ذلك، فعليه أن يذهب إلى والده ليسأله .
وعاد أردوغان إلى سجلات التاريخ ليكشف أن الفرنسيين ارتكبوا منذ عام 1945 مذابح بحق قرابة 15 بالمائة من الشعب الجزائري، موضحا أن والد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خدم كجندي فرنسي في الجزائر خلال الأربعينات من العقد الماضي.
وواصل رئيس الوزراء التركي نقده اللاذع للدولة الفرنسية في عهد ساركوزي، وقال إنه متأكد من أن والد ساركوزي لديه الكثير ليخبر به ابنه عن هذه المذابح . وركز أردوغان على تاريخ أسرة الرئيس الفرنسي، حيث قال إن أسلاف ساركوزي فروا من إسبانيا، ولجأوا إلى الإمبراطورية العثمانية ، مضيفا بقوله أيضا إذا نظر ساركوزي إلى تاريخ عائلته، فإنه لن يرى إلا مساعدة ونية طيبة من جانب تركيا والأتراك . وختم أردوغان كلمته المدوية، بالإشارة إلى أن كلماته ليست موجهة ضد الشعب الفرنسي، ولكن ضد الإدارة التي تتصرف بشكل تمييزي وعنصري ، متهما ساركوزي شخصيا باستخدام الإسلاموفوبيا و التركوفوبيا لإثارة الكراهية ضد المسلمين والأتراك، وذلك بغرض الحصول على أصوات خلال الانتخابات المقبلة.
ولم يخرج وزير خارجية تركيا، أحمد داوود أوغلو، عن سياق النقد اللاذع للموقف الفرنسي من المصادقة على قانون تجريم إنكار مذابح الأرمن، عندما قال في لقاء مع سفراء تركيا عبر العالم إن الساسة الفرنسيين الذين اتخذوا هذا القرار لا يختلفون عن بشار الأسد أو معمر القذافي ، مضيفا بقوله لقد عادت أوروبا إلى القرون الوسطى. فكما أن معمر القذافي كان يفرض ويملي على أفراد شعبه ما يجب أن يفكروا فيه، فإن فرنسا تملي اليوم على الأوروبيين ما يتعين أن يفكروا أو لا يفكروا فيه .
وردا على الهجوم التركي، طلب الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أمس، من تركيا احترام قناعات كل طرف. وقال ساركوزي، في تصريح صحفي من براغ، حيث يشارك في تشييع جنازة الرئيس التشيكي الأسبق فاتسلاف هافيل: أحترم قناعات أصدقائنا الأتراك، إنه بلد كبير، وحضارة كبيرة، وعليهم احترام قناعاتنا في المقابل ، مضيفا بقوله إن فرنسا لا تعطي دروسا لأحد لكنها لا تعتزم تلقي دروس من جهة أخرى . واعتبر ساركوزي أن فرنسا تحدد سياستها بشكل سيادي وأنه يتعين في كل الظروف الحفاظ على برودة الدم والهدوء .
فرح أرميني وانزعاج تركي وتخوف من ركود الاقتصاد
وفي تبعات الخلاف الدبلوماسي بين باريس وأنقرا، غادر سفير تركيا لدى فرنسا، تحسين بوركو أوغلو، صباح أمس الجمعة، وقال المتحدث باسم البعثة الدبلوماسية التركية في باريس، أنجين سولاك أوغلو، إن السفير عاد إلى تركيا برفقة عائلته.
وبشأن ردود الفعل، فقد دعا نواب أكراد في البرلمان التركي إلى شن حملة مضادة ضد فرنسا والتذكير بـ مجازر ارتكبتها في الجزائر ورواندا، لكن هذه الدعوة لم تلق تأييداً من الحكومة. أما الشارع التركي فقد بدا مستهجنا للقرار الفرنسي، حيث خرج بعض المواطنين في مظاهرات بأنقرة وإسطنبول، وعبّر مواطن تركي من إسطنبول عن رأيه لقناة أورونيوز بقوله كنت أعتزم تغيير سيارتي، وأنا ممثل سابق بقسم مبيعات شركة (رونو) للسيارات، وقد غيّرت رأيي بعد هذا القرار من البرلمان الفرنسي، لن أشتري سيارات فرنسية بعد اليوم .
كما أبدت أوساط تركية تخوفها من أن تحذو دول أخرى أوروبية حذو فرنسا، ويشتد الخناق على تركيا في مسألة الاعتراف بـ إبادة الأرمن، لدرجة أن يتحول ذلك إلى شرط جديد لقبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. وأبدى رجال الأعمال الأتراك أيضا خشيتهم من أن تؤثر قرارات الحكومة التركية العقابية، في تعاملاتهم التجارية مع فرنسا والتي يتجاوز حجمها 11 مليار دولار سنوياً.
دوليا، حيّت الصحافة الأرمينية القرار الفرنسي، كما أشادت منظمة العفو الدولية بالقانون نفسه.
الجزائر: رمضان بلعمري
الجالية الجزائرية عددها كبير وأثرها محدود
نصف مليون أرميني أهم من 3 ملايين جزائري لدى ساسة فرنسا
يطرح الاهتمام الفرنسي بالجالية الأرمينية، التي يقدر عددها بنصف مليون شخص فقط، لدرجة سن قانون يعاقب كل من ينكر وقوع إبادة في حق الأرمينيين في الحرب العالمية الأولى على يد الأتراك، يطرح تساؤلات حول مكانة الجالية الجزائرية في فرنسا وأسباب ضعفها، رغم أن عددها يفوق عدد الجالية الأرمينية بست مرات على الأقل، أي ثلاثة ملايين جزائري.
ويشير مراقبون إلى غياب استراتيجية واضحة للجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا، وإلى ضعف التواصل فيما بينها، فضلا عن ضعف التواصل بين الجالية والحكومة الجزائرية، الأمر الذي انعكس سلبا على دورها في الحياة العامة وحتى الحياة السياسية في فرنسا.
وليس خافيا أن المواعيد الانتخابية في أي بلد تعتبر فرصة كبيرة لكل الجاليات لإسماع صوتها، وفي حالة فرنسا تعتبر الانتخابات الرئاسية المقبلة موعدا مهما تستطيع الجالية الجزائرية أن تقول كلمتها لأحد المترشحين، نيكولا ساركوزي أو فرانسوا هولاند، لكن مقابل تحقيق مكاسب اجتماعية وسياسية.
وهنا تبرز برأي مراقبين، تساؤلات أخرى لها علاقة بطبيعة المطالب التي ترفعها الجالية الجزائرية، وهل هي تكتفي فقط بتحسين ظروف المعيشة وتوفير ظروف اندماج أفضل في المجتمع الفرنسي، أم تتعداها للمطالبة باحترام ذاكرة الجزائريين، وما يتصل بها من المحاولات الفرنسية المتكررة لإهانة الجزائريين، أبرزها لحد الآن قانون تمجيد الاستعمار الفرنسي الذي صدر في 23 فيفري .2005
وأمام محدودية دور الجالية الجزائرية بفرنسا، هناك من يحب الإشارة إلى أن فرنسا الرسمية - التي كرمت الحركى في مناسبات عديدة - لا تثق في الجزائريين المقيمين فوق ترابها وتشكك في ولاء أبناء الجيل الثاني والثالث للمهاجرين الجزائريين، من خلال الإشارة إلى ارتباط مشاهير لاعبي كرة القدم الفرنسية بالجزائر، كاللاعب زين الدين زيدان، فضلا عن تزين شوارع باريس ومارسيليا وباقي المدن الفرنسية بألوان العلم الجزائري خلال مباريات الفريق الجزائري أمام نظيره المصري مثلا.
الجزائر: رمضان بلعمري
الأمين العام لمنظمة المجاهدين السعيد عبادو، لـ الخبر
كنا نتمنى أن يكون الموقف التركي مبدئيا وليس ظرفيا
أكد السعيد عبادو، الأمين العام لمنظمة المجاهدين، في تصريح لـ الخبر على أن الأسرة الثورية تثمّن الموقف التركي فيما يتعلق باستشهادهم بالمجازر المرتكبة من طرف الاحتلال الفرنسي في الجزائر، مشيرا إلى أنه كان يستحسن لو أن الموقف التركي من المجازر الفرنسية في الجزائر كان مبدئيا وليس مجرد موقف يستجيب لحاجة ظرفية تخصهم .
وأكد عبادو أن الجزائر لم ولن تتخلى عن مطالبتها فرنسا بالاعتراف بما اقترف الاستعمار في حق الجزائريين.. فالموضوع الجزائري مطروح على الدوام بالنسبة لنا، ولا رجعة فيه، وهو ليس مرتبطا بحدث أو ظرف آني، الجزائر والأسرة الثورية متمسكة بهذا الموضوع لأبعد حدود، ولا نرى ضرورة الربط بينه وبين ما يحدث بين فرنسا وتركيا .
أما بخصوص الصمت الجزائري حول الجدل الدائر بين تركيا وفرنسا فقد اعتبر عبادو أن ذلك شأن سياسي بين دولتين لا يُفترض للجزائر أن تكون طرفا فيه ، مضيفا أن الجزائر تعرف كيف تدافع عن ملفها بعيدا عن الظرفية. فما يحدث بين تركيا وفرنسا قضية تخصهم، ولا نرى سببا يدفعنا للتدخل، أما عن الضغط الجزائري على الطرف الفرنسي فهو موجود في الجزائر وفي فرنسا .
الجزائر: سامية بلقاضي
الباحث والمؤرخ عبد المجيد مرداسي لـ الخبر
موقف تركيا عرّى النظام الجزائري
يرى الباحث والمؤرخ الأستاذ عبد المجيد مرداسي لـ الخبر ، أن موقف الحكومة التركية، عقب صدور قانون يعاقب إنكار إبادة الأرمن في تركيا، بفرنسا، كان متوقعا، كما أن استدلال الحكومة التركية من خلال تصريحات رجب طيب أردوغان بجرائم الفرنسيين في الجزائر معروف من قبل، إلا أن مثل هذه التصريحات عرّت النظام الجزائري، الذي ظل صامتا تجاه التحرشات الفرنسية، منذ إصدار قانون تمجيد الاستعمار، إلى تكريم مجرمي الحرب في الجزائر.
وقال الباحث مرداسي: إن النظام في الجزائر ومنذ الاستقلال وهو يخشى المساس بفرنسا، إذ أنه لم يستطع حتى إصدار قانون يجرّم الاستعمار، ولم يقدم على أي موقف رسمي جاد، عكس الحكومة التركية، فالنظام الجزائري ومنذ الاستقلال وهو يرفض مواجهة الدولة الاستعمارية .
ويقف المؤرخ عند أسباب إصرار فرنسا على تسييس التاريخ قائلا: إن الرئيس الفرنسي ساركوزي يعلم جيدا أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتحدد نتائجها على جزئيات بسيطة ، ويضيف: فبإصدار الحكومة الفرنسية هذا القانون من خلال الجمعية العامة، تريد كسب أصوات حوالي 200 ألف فرنسي من أصل أرميني، فالقضية كلها مرتبطة بالانتخابات، التي كان من الممكن أن تتحدد في الجزائر العاصمة وليس في باريس، كون الجالية الجزائرية في فرنسا تفوق 2 مليون فرنسي من أصل جزائري، وهو رقم يخيف أي نظام مقبل على الانتخابات، إلا أن ضعف النظام الجزائري، جعل من فرنسا تتحرش بالجزائريين، سواء المقيمين بأراضيها من خلال سياساتها العنصرية، أو من يقيم خارج حدودها باستفزاز مشاعرهم، من خلال تكريم مجرمي حرب التحرير، مع علمها بعجز النظام الجزائري عن حشد أصوات المغتربين، الذين يمكنهم تغيير الخارطة السياسية في فرنسا لو أراد النظام الجزائري ذلك، وعليه فالموقف التركي عرّى النظام الجزائري، وأحرجه .
قسنطينة: ف. زكرياء
والد ساركوزي ينفي عمله في الجزائر ضمن قوات اللفيف الأجنبي
نفى والد الرئيس الفرنسي، بال ساركوزي، أن يكون قد عمل في الجزائر، ضمن قوات اللفيف الأجنبي الفرنسي سنوات في الأربعينات من القرن الماضي، ردا على تصريحات رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان، الذي طلب من ساركوزي أن يسأل والده عما فعله في الجزائر.
وقال بال ساركوزي في تصريح تلفزيوني: لم أذهب إلى الجزائر، ولم أغادر مارسيليا، لقد عملت أربعة أشهر في قوات اللفيف . وتشير بعض المعلومات إلى أن بال ساركوزي من المهاجرين الذين غادروا المجر في عام 1944 بعد وصول الجيش الأحمر الروسي إليها.
وبعد رحيل والده مباشرة من المجر وخلال وجوده في ألمانيا، التقى بموظف فرنسي كان يجند أفرادا للانضمام إلى كتائب اللفيف الأجنبي التابعة للجيش الفرنسي قصد الخدمة الخارجية. بال ساركوزي الآن يمارس فن الرسم، وقد عرض قبل مدة بعض لوحاته بأمستردام الهولندية، ونصح ابنه بعدم الترشح لعهدة رئاسية ثانية حتى يعيش حياة هانئة .
القسم الدولي
المؤرخ محمد حربي لـ الخبر
يتعين على فرنسا أن تكنس قرب بيتها
قال المؤرخ محمد حربي إنه يتعين على فرنسا، التي ارتكبت عدة مجازر في مستعمراتها السابقة، أن تكنس بالقرب من بيتها، قبل أن تصدر قوانين تجرّم الآخرين .
وأضاف حربي في تصريح لـ الخبر ، أمس، عقب مصادقة الجمعية الفرنسية على قانون يقضي بتجريم إنكار أي إبادة يعترف بها القانون الفرنسي ومنها إبادة الأرمن، أن فرنسا تنظر حاليا إلى إبادة الأرمن لكنها تناست مجازر الإبادة التي ارتكبتها في مدغشقر، وفيتنام والجزائر.
وعن سؤال حول نوايا الحكومة الفرنسية لإصدار هذا القانون، أوضح حربي: واضح جدا أن النوايا الانتخابية لعبت دورا كبيرا في الموافقة على مثل هذا القانون . معتبرا أن عدة مشاكل سياسية أصبح ينظر إليها في فرنسا حاليا من زوايا انتخابية. معقبا: أنا ضد القوانين التي تمس الذاكرة، فالتاريخ من مهام المؤرخين وليس السياسيين .
الجزائر: حميد. ع
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/12/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: رمضان بلعمري / الجزائر: سامية بلقاضي / قسنطينة: ف. زكرياء/ الجزائر: حميد. ع
المصدر : www.elkhabar.com