بقلم: عدة فلاحي/ كاتب و برلماني سابق
انها الاغنية التي كانت تذاع بالتلفزيون و الاذاعة الوطنية في فترات سابقة، لا اتذكر بالضبط هل هي في عهد الراحل هواري بومدين او خلال فترة حكم المرحوم الشاذلي بن جديد حينما اقدم على تعدبل الدستوى،فلقد انخرط الاعلام و بطريقة فنية موسيقة و بكورال جماعي للتبشير بالدستور الجديد نقل الحدث السياسي الى حالة من النغم الجميل..نعم الى النغم الجميل لاننا كلما تقدم بنا الزمن الا و اعطانا الدستور نغما حزينا و مأساويا و بالخصوص في العهد البوتفليقي الذي تم فيه الحنث باليمين الدستوري و بالتالي تعرضنا للعقاب الالهي الذي اوقعنا في الافلاس التام سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا و اخلاقيا و لولا ان تداركنا الله برحمته و جاء الحراك المبارك لعدنا بحق و حقيقة الى الجاهلية الاولى و في عمق الوثنية الفرعونية و اليوم و بعدما تجاوزنا المرحلة الحرجة و لو جزئيا بانتخاب رئيس الجمهورية و بعدما خطى بعض الخطوات في اتجاه التهدءة كالافراج عن عن بعض سجناء الرأي و اخيرا تشكيلة للجنة خبراء لتعديل الدستور يجدر الاشارة الى ان لجنة الخبراء كثيرا ما كانت تستجيب و تخدم رغبات و ارادة الحاكم بدل المحكوم و عينها على رضى الراعي بدل الرعية و بذلك هي مدانة بسبب خيانتها للامانة الوطنية و الضمير الدستوري و خلقت كثيرا من الشكوك هي كذلك بينها و بين المواطن و فقدت كثيرا من مصداقيتها، هذا من جهة و من جهة اخرى تعديل الدستور لا يمكن ان يكون تقنيا صرفا بدون روح بمعنى ان الخبير الدستوري ليس لوحده و فقط هو المخول بتعديل الدستور و انما الامر يهم شركاء آخرين من سياسيين و مختصين في العلوم الانسانية و الادبية و العلمية و عقد نقاشات موسعة مع المجتمع المدني و تنظيم منتديات و ملتقيات مسؤولة في الاختصاص و ليس نقاشات فلكلورية و مديحية! ان تعديل الدستور في العمق كما يقول السيد رئيس الجمهورية مفتوح على الكثير من الاحتمالات و التوقعات و القراءات و التجاذبات و السجالات فعضهم يدعو الى دستور تأسيسي و بعضهم الآخر يدعو الى الغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على ان الاسلام دين الدولة و الاخر يطالب بدستور علماني لا يجب ان يشترط فيه أن يكون رئيس الجمهورية مسلما و لهذا قلت و رجحت بان الذهاب الى انتخابات تشريعية مسبقة هو الحل الانجع لهذه الاشكاليات المطروحة ،فالانتخبات التشريعية تفرز و تعطي لنا الصورة الاحخقيقة لحجم كل تشكيلة سياسية و لكل تيار و من خلال هذه التركيبة تنشؤ لجنة تأسيسية من النواب يسند لها مهمة تعديل الدستور و بعدها يعرض على مجلس الوزراء و على البرلمان و اخيرا للاستفتاء الشعبي اما و ان يعرض مشروع تعديل الدستور على برلمان مطعون في شرعيته لانه كثيرا ما قيل بانه برلمان الشكارة و المال الفاسد و الحفافات فأعتقد بان السيد رئيس الجمهورية سوف يدخل في مغامرة غير محمودة العواقب و سوف يضرب في مقتلين..حمل الطعن في شرعيته كرئيس منتخب من الجزائريين و في مشروع الدستور الذي يعرضه على الشعب. ليس كما يقول البعض بان تنصيب رئيس الجمهورية للجنة تعديل الدستور هي خطوة شجاعة و انما يمكن القول بانها خطوة في الاتجاه الصحيح و لكن تفتقد للمخرجات المقبولة مثلها مثل الرئاسيات التي لم يكن التحضير لها في المستوى المطلوب و لكن قبلناها من باب الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد و تحت قاعدة (( مرغم أخاك لا بطل)) فمن تحصيل الحاصل و من الطبيعي الذهاب الى خلق التوازن بين السلطات و تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية حتى لا يتغول مؤسياتيا و زمانيا و اعادة الاعتبار لمنصب رئيس الحكومة و كذا الفصل بين السلطات باعطاء الاستقلالية التامة للسلطة القضائية و انزال السلطة التشريعة المنزلة التي تستحقها من العزة و الكرامة و الصلاحية التي تستحقها لانها هي التي تمثل سيادة الشعب التي تنص عليها الدساتير في كل دول العالم التي تؤمن بالديمقراطية و الدولة الحديثة لان هذه المؤسسة لو كانت فعلا كذلك لما وصلنا الى هذا الافلاس الذي اصابنا و في كل المجالات… يكون رئيس فعلا قد احدث تغييرا جوهريا لو ذهب فعلا في هذا الاتجاه نصا و فعلا و ليس نصا و فقط كما عودنا سلفه و لكن السؤال المطروح هل سوف يؤسس لمحكمة دستورية يحاسب فيها رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة و الطاقم الوزاري سواسية مثلهم مثل كل المواطنين في حالة ارتكابهم لاية جريمة او خيانة للوطن و يسقط ما يسمى بالقضاء الامتيازي…هنا مربط الفرص و تبقى باقي الامور رغم اهميتها فروع لهذا المبدء و ان كانت حرية الرأي و الاعلام المسؤول من القضايا المقدسة التي لا يمكن التنازل عنها لانها هي الثروة و القوة الناعمة للبلاد التي تحصنه من الاستبداد و الفساد و بالتالي اذا تحققت هذه الامور يمكن ان نستعيد اغنية الزمن الزمن الجميل” أهلا بالدستور” و لكن قبل ذلك كله هل الارادة السياسة فعلا متوفرة لتحقيق طموحات الشعب و الحراك فاذا لم يكن الامر كذلك فأعتقد بان تبون يريد ان يستخلص العسل من الذباب ليكون شفاء للناس و هذا لا يمكن ان يتحقق!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/01/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : آمنة سماتي
المصدر : www.elhiwaronline.com