الجزائر

أهالي وجيران الأطفال الغرقى في بركة ماء داخل ورشة بسيدي البشير



أهالي وجيران الأطفال الغرقى في بركة ماء داخل ورشة بسيدي البشير
نحن من انتشلنا الجثث ولم نقطع الطريق تمر اليوم خمسة أيام عن مأساة بالحي الفوضوي لمزرعة الحاج الطيب بسيدي البشير التابع لبلدية بئر الجير والتي حرمت السكان من تذوق فرحة عيد الأضحى المبارك بعد معايشتهم لكابوس مرعب في وضح نهار يوم عرفة فقد انتشلت أيادي شبابهم ثلاثة من أطفال حيهم وهم نور الدين مجبد وإبراهيم الذين لم يغادروا البراءة بعد لكن الإهمال وعدم المسئولية والافتقار للحد الأدنى من الشعور بقيمة حياة البشر أدى بهؤلاء الضحايا الى مفارقة الدنيا قبل أن يدخلوها و بصورة عبثية . تنقلنا أمس إلى الحي المذكور المتواجد على هامش التحضر والتمدن فلا يوجد أي معلم أو مرفق أو مبنى يدل على أننا في عاصمة الغرب الباهية علما أنه يتمركز في دائرة بئر الجير , كانت رائحة المياه القذرة المتجولة في الأزقة والطرقات المتهرئة تزكم الأنوف أما المنظر العام فهو عبارة عن براريك بأسقف من الزنك وجدران تبكي على حالها كحال أهالي وجيران الأطفال الثلاث الذين لم تجف دموعهم بعد لهول المصاب وخوفهم اليوم أكثر على ما بقي لهم من أبناء الذين سيلقون نفس المصير إن لم تتحرك السلطات المعنية لتنتشلهم من الميزرية , هذه الكلمة ترددت كثيرا على ألسنة جميع من استجوبناهم ومن الذين تنقلوا عندنا الى مقر المؤسسة و المسؤول حسبهم صاحب المقاولة الذي لم يكلف نفسه عناء وضع سياج بمحيط ورشة البناء كما فعل الصينيون على بعد أمتار حسب قول الجيران الذين أكدوا أنهم لم يقوموا بغلق الطريق وإلا الاحتجاج ويأملون في تحرك السلطات في أقرب وقت .الطفل لحمر ياسين يروي تفاصيل نجاته كنا نلعب بالكريات الصغيرة نحن الخمسة أنا ومجبد وإبراهيم ونبيل ونور الدين وبعدها قال لنا إبراهيم لنذهب لقطف ثمرة النبق بأحد الأماكن البعيدة عن الحي بغرض بيعه ولما تعذر علينا ذلك بسبب تفطن صاحب الأرض هربنا وبمرورنا بالورشة توجهنا إلى الحفرة بغرض غسل أرجلنا ولكن سرعان ما سقطنا أرضا على الوحل وفي الوقت الذي ساعدني فيه صديقي نبيل على النهوض لم يستطع مجيد وإبراهيم و نور الدين من مقاومة الأوحال التي كانت تجذبهم نحو الأسفل إلى أن غرقوا فأسرعت رفقة نبيل الى حي لطلب النجدة انطباعات من مكان المأساةالسيد فتحي 31 سنة : أنا وصديقاي من انتشل الضحايا كانت الساعة تشير إلى العاشرة من صباح اليوم المشؤوم حينما خرجت من الحمام فسمعت خبر اختطاف طفلة فأسرعت إلى مكان تجمع الأشخاص وبعدها انطلقت رفقة نبيل وبشير إلى الحفرة بورشة البناء المفتوحة بعدما تحرينا الخبر وعلمنا بغرق عدد من الأطفال بعدها بدقائق لحقت بنا والدة الضحية إبراهيم التي حاولت البحث عن إبنها لكن منعناها خوفا من أن تلقى نفس المصير واضطررنا في انتظار جلب حبل إلى الغطس ثلاثتنا كل واحد منا يمسك بيد الآخر للبحث عن الغرقى وبعدما زودنا بالحبل غطس نبيل ثم أنا و بدقائق بدأت الجثث تطفوا على البركة التي كان يفوق عمقها المترين والنصف من المياه والأوحال ومن تم قمنا بإخراج جثة إبراهيم الأولى ثم مجيد و نور الدين في آخر المطاف . وبعد وصول الحماية المدنية إلى الحي و بالضبط خلف كثبان التراب التي وضعها صاحب المقاولة على طول محيط المشروع البعيدة عن مكان الحادث بمئات الأمتار قمنا بنقل الجثث نحن الثلاثة مهرولين إلى سيارات الإسعاف سعيا منا إلى إنقاذ أحدهم من الموت لكن القدر كان أسرع منا بعدها قام أعوان الحماية رفقة الغطاسين بتفريغ الحفرة من المياه الراكدة ظنا منهم بوجود ضحايا أخريين علما أننا نحن الشباب قمنا بالإسعافات الأولى لحظة إنتشال الأطفال بالقرب من البركة والدة الضحية مجيد : ابني ودّعني قبل وفاته مجيد أتم 8 سنوات فقط منذ أيام .. في يوم عرفة وفي الصباح الباكر خرج للعب مع شقيقه قرب المنزل ولما حضرّت القهوة ناديتهما لتناولها وقال شقيقه أنه سيصوم عرفة أما مجيد فقد لحق بي وجلس معي وقال لي وكأنه يودعني أنه الوحيد الذي سيتناول معي القهوة هذا اليوم وبعدها خرج مجددا للعب و تناوش مع شقيقه بسبب لعبة الكريات الصغيرة وخرجت لحل المشكل بعدها لم أره إلا وشقيقه يدخل المنزل ويصرخ مجبد سقط في الوادي وهممت إلى الخروج مسرعة إلى عين المكان رغم بعده عن المنزل لم أبال بالسقطات والألأم ولما وصلت إلى عين المكان وجدت شباب الحي قد شرعوا في إخراج الأطفال السيدة نعيمة عمة الضحية نور الدين : لازلنا تحت الصدمة نور الدين لم يتم بعد الثامنة من العمر لقد فارق الحياة في ظروف مأساوية للغاية لم تتحملها والدته وشقيقته الكبرى نسرين اللتان لا زالتا تحت الصدمة وهما حاليا في غدو ورواح إلى المستشفى علما أن والدة نور الدين مصابة بالربو . الخبر نزل علينا كالصاعقة وقد هتف لي شقيقي وقال لي أن نور الدين غرق وهو في حالة خطيرة. و الله وضعية مزرية تعيشها عائلة نورالدين التي فقدت أعز أفرادها والولد الوحيد الذي كان محبوبا في المدرسة فقد جاء إلى المنزل معلماته ومديرة المدرسة لتقديم واجب العزاء والكل يشهد له بحسن الأخلاق السيد بوزيان والد الضحية إبراهيم : المقاول ترك الحفرة بلا حراسة كان إبراهيم الذي التحق لأول مرة هذا الموسم بالمتوسطة يحب اللعب مع أصحابه و قد خرج يوم الجمعة المنصرم رفقة أصدقائه نحو الوادي البعيد نوعا ما عن الحي والذي تحول الى ورشة بناء ترك فيها المقاول حفرة عميقة امتلأت عن آخرها بمياه الأمطار الأخيرة دون حراسة ففي حدود الساعة العاشرة صباحا قدم أحد الناجين إلى الحي و هو يصرخ وأعلم السكان بما جرى وهو الأمر الذي دفعي إلى الخروج بسرعة رفقة زوجتي التي لم تتمالك نفسها وخرجت دون خمار على رأسها نظرا لهول الخبر الذي نزل كالصاعقة على الأهالي وجدنا شباب الحي ينتشلون الجثث الواحدة تلوى الأخرى وبقي أملي كبيرا في رؤية ابني حيا يرزق إلى غاية الدقيقة الأخيرة عندما تم أتشال جثثه ونقلها من طرف الشباب إلى سيارة الإسعاف التي كانت بعيدة عن الموقع .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)