يتكبد سكان منطقة بلحرش معاناة حقيقية فرضتها ظروف قاسية جعلت الأهالي يتخبطون وسط مشاكل كثيرة في ظل انعدام ضروريات العيش الكريم ليزيد عامل التهميش واللامبالاة من طرف الجهات المسؤولة من معاناة هؤلاء السكان، جريدة «الشعب» تقربت من سكان منطقة بلحرش وحاولت أن تسلط الضوء على معاناتهم اليومية وخلفياتها السلبية خاصة بعدما قاموا مؤخرا بغلق وسط الطريق السيار لمدة ساعة كاملة في منطقة بلحرش التابعة لدائرة الخروب بسبب تعرض طفل يبلغ من العمر سبع سنوات لحادث مرور مروع في ذلك الطريق الذي لم يتم فتحه إلا بعد تدخل المسؤولين الذين قاموا باحتواء الوضع وتهدئة روع الأهالي بضمان حل مشكلتهم في أقرب الآجال.
سكان المنطقة عبروا ل «الشعب» من خلال الجولة الاستطلاعية التي قمنا بها طلبا من سكان المنطقة عن حزنهم الشديد للحادث الأليم الذي تعرض له الطفل البريء الذي لا يزال لحد كتابة هذه الأسطر في العناية المركزة في حالة خطيرة بعد أن نجا من الموت المؤكد وفي نفس الوقت أبدوا شدة غضبهم واستيائهم إزاء الوضعية المزرية التي تشهدها منطقتهم منذ عقود كثيرة فهم يعيشون حالة من الإهمال والتهميش وعدم التفاتة الجهات المسؤولة وصم آذانها عن سماع مطالبهم وأخدها بعين الاعتبار رغم الشكاوى الكثيرة المرسلة من طرف المواطنين الذين بحت أصواتهم من أجل تلبية مطالبهم التي حسبهم لا تخرج عن حيز العقلانية.
أكثر من 200 عائلة مهددة بخطر الموت تحت عجلات سيارات الطريق السيار
المشكل الأول الذي يواجههم يوميا هو الطريق الذي وقع فيه الحادث فهم لا يملكون طريقا آخر في منطقة بلحرش للعبور غير هذا الطريق السيار الذي وكما أسموه طريق الموت لولا ستر الله، وكذا طريق الرعب فإن نجوت من الموت أو من حادث مرور فستتعرض لرعب يومي بمجرد عبوره فهو سنويا يحصد أرواح العديد من المواطنين حيث أكدوا لنا أن الطفل صاحب السبع سنوات الذي تعرض لهذا الحادث ليس هو الضحية الأولى بل الضحية الرابعة من نفس العائلة التي شاءت الأقدار أن يتكرر معها هذا المشهد الأليم في نفس المكان ولنفس الأسباب ألا وهي السرعة المفرطة وإهمال الجهات المعنية هذا ما جعل أهل الضحية يثورون غضبا ويفجرون غضبهم بوضع الحجارة والمتاريس وإضرام النار في ذلك الطريق عسى أن تصل معاناتهم ومحنتهم اليومية إلى من يسمعها ويجد حلا لها فكما عبر أهالي هذه المنطقة التي تعيش في عزلة رغم أنها ليست منطقة معزولة في الأصل فهم يضطرون يوميا لعبور هذا الطريق الذي أصبح بمثابة وحش يهددهم يوميا خاصة وأن منطقتهم لا تتوفر على أبسط المرافق الضرورية والهياكل الحيوية على غرار الإبتدائيات والمتوسطات والثانويات وحتى الملاحق الطبية ولا غيرها من أبسط ضروريات العيش الكريم لذا لم يجد السكان صغارهم وكبارهم من حل أمامهم للتوجه لمدارسهم ومختلف أعمالهم أو حتى لتلقي العلاج غير العبور من ذلك الطريق فأقرب ابتدائية للحي موجودة بزواغي حيث تبعد عن المنطقة بكيلومترات فللوصول إليها يجب قطع مسافة طويلة بالحافلة أما البقية تتواجد بعلي منجلي المدينة الجديدة وغيرها من المناطق البعيدة عن بلحرش وحتى كل من يرغب التوجه إلى المستشفى في حالة طارئة عليه الانتظار لساعات طويلة وسط معاناة كبيرة ليتمكن من الوصول لأقرب مستشفى بعلي منجلي فالحافلات ترفض التوقف أمام منطقتهم و هو الأمر الذي اشتكى منه طلاب الجامعات القاطنين هناك حيث يضطرون لاستعمال النقل الخاص للالتحاق بجامعتهم، أما الأطفال وبعد الشكاوى العديدة تم تخصيص حافلة واحدة فقط لتقلهم من هناك دون أن ننسى أن هذه المنطقة يقطن بها أكثر من 200 عائلة وتلك الحافلة تأتي على الساعة السابعة صباحا فقط وتعود على الخامسة مساءا فكل هذه الأسباب وغيرها تجعلهم يوميا يضطرون لاستعمال ذلك الطريق الذي ما إن يقفون أمامه حتى يبدأ مسلسل الرعب فيه فالسيارات تمر به بسرعة فائقة كما أنه خالي من اللافتات التي تبين أن المنطقة عمرانية يعبرها الراجلون خاصة وأن الطريق لا يوجد به ممر خاص بالراجلين، ولا جسر على الأقل لتسهيل العبور وما يزيد الطين بلة هو إحاطة حواف هذا الطريق بالأحجار الضخمة فلا يوجد فيه غير فتحة ومنفذ صغير يقف فيه المارة في انتظار المرور كما يوجد به عمود كهربائي سقط مؤخرا بعد اصطدام إحدى السيارات به ليتم بعد ذلك تغطية مكانه بالشريط اللاصق فقط، حيث تعرض أكثر من شخص للتكهرب بسببه هذا دون أن ينتبه هؤلاء الأشخاص وهم واقفون لعبور الطريق، هذه الوضعية المزرية جعلت سكان تلك المنطقة يدقون ناقوس الخطر دون توقف ويرفعون أصواتهم للاستنجاد بالسلطات الولائية لعلها تحرك ساكنا وتتدخل في أقرب الآجال لحمايتهم ورفع الغبن عنهم.
الغاز محنة لم تحل
ذكر السكان الحالة المزرية التي تشهدها الطرقات حيث أكدوا أنها لم تشهد أي عمليات تصليح أو تهيئة وذلك منذ أن سكنوا المنطقة والطرقات مهترئة دون أدنى تهيئة إذ بقيت على حالها بترابها وأحجارها وصخورها دون أي تعبيد لسنوات طويلة فبمجرد سقوط الأمطار تغلق نهائيا وتتحول إلى أكوام من الطين والسيول وتصبح الأوحال هي سيدة الموقف ويصعب السير فيها حيث يستحيل في كثير من الأحيان تنقل السكان لقضاء حوائجهم وانشغالاتهم، من جهة أخرى أكد السكان أنهم يعانون جراء انعدام الغاز أين يجد المواطن نفسه محاصرا بين هاجس توفير قارورة غاز البوتان في ظل ندرتها بالمنطقة وغلاء أسعارها فبسبب غياب هذه المادة الضرورية يضطر المواطن إلى جلبها في بعض الأحيان من مناطق بعيدة تزيد من معاناة البسطاء وتثقل كاهلهم بمصاريف كثيرة هم في غنى عنها وقد أضاف السكان أنهم أرسلوا شكاوى عديدة منذ أكثر من 7 سنوات للاستفادة من غاز المدينة كما قاموا بدفع كل الديون المترتبة عليهم ورغم ذلك لم يلمسوا أي بوادر لوجود حل فضلا عن كونهم لا زالوا يعيشون على وقع حادثة مأساوية بسبب الغاز في منطقة بلحرش منذ حوالي خمسة أشهر حيث انفجرت إحدى قارورات غاز البوتان بمنزل إحدى ربات البيوت هذه الأخيرة أصيبت بحروق بالغة الخطورة في حين أتت ألسنة النيران على الأخضر واليابس بالمنزل الذي أتلف عن آخره ولحسن الحظ نجا أبناءها الخمسة وزوجها الذي يعتبر من أصحاب الدخل الضعيف لتجد بذلك العائلة الفقيرة نفسها من دون مأوى ومن دون أي تدخل لمساعدة هذه العائلة كل هذا يعتبر غيض من فيض المعاناة الحقيقة التي تتكبدها العائلات القاطنة بالمنطقة حيث توجه صرخات وتناشد السلطات الولائية بشدة وعلى رأسها والي الولاية باعتباره المسؤول الأول عن شؤونها بضرورة التكفل بمطالبهم و تجسيدها تجسيدا فعليا على أرض الواقع لا سيما ضمان حقهم في العيش الكريم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/06/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : روبورتاج مفيدة طريفي
المصدر : www.ech-chaab.net