الحمد لله فقد انتهت أخيرا الحملة الانتخابية و لن نستمر في سماع ترهات الزاحفون نحو البرلمان. فقد سمعنا ما فيه الكفاية من التفاهات و أكثر. لكن أنا متأكدة أنا قدرنا لن يدوم في هذه البلاد بهذا النوع من العباد. أنا متأكدة أن الله رحيم و سينقذنا منهم يوما ما. و في الوقت الذي كان اللاهثون للبرلمان يتحدثون بطريقة غريبة و في أشياء قريبة من علم الخيال توفي في مستشفى قسنطينة الشاب حمزة وعمره 27 سنة الذي كان قد أضرم النار في جسده بمدينة جيجل. و في الوقت الذي وصل أوجه هذيان الزاحفون على بطونهم اللاهثون نحو إرضاء المصوتون القابعون على عتبات الوعود الكاذبة تكاثرت الفتاوى بوجوب التصويت و كادوا يحرمون الامتناع و مقاطعة الانتخاب. فقد سمعنا مدني مزراق في إحدى الفضائيات غير المرخصة الذي كان يفتخر قبل سنوات بأنه قتل الجزائريين يقول يجب أن تملئوا صناديق الاقتراع بأي طريقة كانت. أمير و زعيم الجيش الإسلامي للإنقاذ بالأمس و إمام تزوير الانتخابات اليوم.
و بعد أن انتهت الحملة ظهر أبو جرة سلطاني و أظهر علما خارقا للعادة، يفوق علمه في الرقية… انه علم التنجيم.
يقول سلطاني أنه متأكد من الفوز بالانتخابات التشريعية المقررة الخميس القادم إذا كانت نزيهة ولم يشبها التزوير. و هكذا يقدم ابو جرة المختص في الشعر الجاهلي تعريفا جديدا للتزوير: إذا لم أكن من الفائزين فإن الانتخابات مزورة. و بنفس الطريقة أعطى لنا تعريفا جديد لنزاهة الانتخابات و هي أن يكون في المرتبة الأولى. لكن زعيم الإخوان المسلمين في الجزائر لا يهاب السخافة وأعلن أنه يحضر و بجدية لتشكيل الحكومة. يقول ذلك و هو يعرف كل المعرفة انه كاذب. ويعرف أن المادة 79 من الدستور المعدلة تنص على أن يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول، ينفذ الوزير الأول برنامج رئيس الجمهورية و ينسق من اجل ذلك عمل الحكومة. معنى ذلك أن كل التفاهات التي سمعناها في الحملة الانتخابية حول برامج أكثرها سخيف هو سراب و صراخ في صحراء خالية و ضجيج ليس إلا. أبو جرة الذي كان وزيرا ثم وزيرا ثم وزيرا يدرك انه حتى و إن التهم الجميع التهاما و حتى و إن حصل، ما لا اتنماه إطلاقا، على الأغلبية فلن يشكل الحكومة و ستقول له المادة 79 قف كما قال يوما ما هو بذاته الفساد قف. فلا الفساد توقف و لا خزعبلات سلطاني توقفت. قال أبو جرة سلطاني و هو يتحدث باسم النهضة و الإصلاح نحن متأكدون من الفوز إما بالضربة القاضية أو بالنقاط. وأكاد اجزم انه يفضل الضربة. ثم يلج سلطاني علم التنجيم و يتحدث بسلاسة و هو يريدنا أن نخاف: أتوقع أن يكون الترتيب بين ثلاث قوى سياسية هي نحن حزب جبهة التحرير الوطني ثم المستقلون. وكيف يفسر سلطاني هذا التنجيم؟ لأن الجزائريين يريدون تغيير جيل الثورة بجيل جديد أكثر تنظيماً و هو التيار الإسلامي و لأن العدد الذي حضر حملته كبير جدا و لأن مراكز سبر الآراء ترشحه و من معه للمناصب العليا في البرلمان. أنا متأكدة أن سلطاني أراد في قرارة نفسه أن يعيد للأذهان تلك اللحظة التي فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات التشريعية عام 1991 و الخوف الذي تلا ذلك الفوز. لكن سلطاني اخطأ الوقت و اخطأ الحبكة و يعرف حديث الرسول عليه السلام كذب المنجمون ولو صدقوا.
ذكُرني كلام سلطاني بعبارة قالها طه حسين رحمه الله قبل أكثر من 30 سنة: يوناني فلا يقرأ. انه مجرد كلام فضفاض و فيه تبختر و تزويق حتى أنني اشك انه يصدق هو ما يقوله .
ملحوظة: نُشر العمود في النسخة الورقية يوم 09 ماي 2012
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/05/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : كاهنة آيت زناتي
المصدر : www.elmihwar.com