الجزائر

أن أموت غارقًا ويأكلني الحوت.. أفضل من الموت جائعًا ويلتهمني الدود



أن أموت غارقًا ويأكلني الحوت.. أفضل من الموت جائعًا ويلتهمني الدود
على مدار الأعوام الأخيرة نرى من حين لآخر أخبار تتحدث عن غرق مهاجريين غير شرعيين "عرب"، حاولوا الهروب من جحيم الوطن العربي إلى الجنة المنشودة في بلاد الغرب.كان آخر هذه الأخبار المؤسفة هو غرق 200 شخص من المهاجرين غير الشرعيين، كانوا على متن قارب مكتظ يحمل 400 مهاجر، قبالة سواحل مدينة زوارة غربي ليبيا، وفق ما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء، أول من أمس الخميس.قد تكون الأفلام الغربية لها عامل السحر في رسم صور خيالية عن المعيشة في الخارج، وكأن بلادهم هي جنة الله على الأرض، لكن على الطرف الآخر فهناك تجارب سافرت إلى الخارج بطرق مشروعة، واستطاعت تحقيق النجاح الباهر، لكنهم أيضًا عانوا أشد المعاناة من الاضطهاد والعنصرية.في هذا الموضوع نتحدث عن مفهوم الغربة من وجهة نظر فنية وليست سياسية، ونقوم باستعراض بعض الأعمال الفنية التي تناولت أزمة الهجرة من البلاد العربية إلى البلاد الأوروبية.شاب خالد، من أنجح مطربي الجزائر وأكثر المطربين العرب شهرة على المستوى العالمي، وعلى الرغم من خالد عاش أغلب فترات حياته في فرنسا وحقق فيها نجاحًا باهرًا على المستوى الفني، لكن بالاستماع إلى أغان خالد سنجده دائمًا يغني عن تفاصيل الوطن ومشاكل وأزماته ودائمًا ينصح مستمعيه بالابتعاد عن فكرة الغربة والهجرة، ومن أبرز هذه الأغاني أغنيته الشهيرة التي صدرت في آخر ألبوماته بعنوان "Harraga"، وفي هذه الأغنية يجسد خالد شخصية أب لولدين هما "رضا"، "هادي" اللذان فقدا الأمل في العيش داخل الوطن، وقررا خوض تجربة الهجرة غير الشرعية عبر الزوارق غير الآمنة.وتحكي الأغنية عن معاناة الأب وحديثه مع ولداه اللذان أكدا لولادهما أن في هذا الوطن المستقبل مسدود، وأن الموت في بطن الحوت أفضل من الموت بطن الدود.يا الرَايح وين مسافر تروح تعيّ وتوليواستكمالا لتجربة المطربين الجزائريين في الحديث عن مرارة الغربة، ولكن هذه المرة مع الفنان رشيد طه، وإعادة إحيائه لأغنية الفنان دحمان الحراشي "يا الرايح"، هذه الأغنية التي من خلالها استطاع رشيد أن يحقق شعبية واسعة في مختلف بلدان العالم، وعلى الرغم من كون رشيد لا يمتلك إمكاينات صوتية كبيرة لكن إحساسه بهذه الأغنية جعلها تصل إلى كل من يستمع لها.من يبحث في السيرة الذاتية لرشيد طه سيجده عمل في مطاعم فرنسا، حينما كان مغتربًا فيها، وعانى كثيرًا من الاضطهاد والعنصرية الفرنسية لدى المواطنين الجزائريين، وكأن رشيد يريد أن يقول بهذه الأغنية، لا تغادروا أوطانكم فالواقع عكس ما تتخيلوه.يعني أيه كلمة وطن؟في بداية التسعيانيات وحتى الآن يعتقد الكثير من المصريين أن أمريكا هي المثال الأعظم لفكرة الوطن، ويتمنى الكثير من الشباب المصري الذهاب إلى أمريكا ومن ثم المعيشة فيها، ويرجع ذلك لتأثير السينما الأمريكية في المواطن المصري وكذلك أغاني البوب الأميركي وتأثيرها في آذان المصريين، الكاتب المتميز مدحت العدل عالج هذه الحالة بشكل درامي متميز في "أمريكا شيكا بيكا" للمخرج الكبير خيري بشارة.وقام الفيلم بتسليط الضوء على مجموعة من الشباب يتمنون الهجرة إلى أمريكا لاعتقادهم بأن بها فرصًا ذهبية للعمل، والثراء السريع، وتحقيق الأحلام التي عجزوا عن تحقيقها في مصر، ولكنهم يقعون ضحية النصابين والمحتالين مثل الأستاذ جابر الذي جسد شخصيته الراحل "سامي العدل" الذي يتركهم في إحدى غابات رومانيا، وبعد محاولات مستميتة، وعشرات المواقف المؤسفة يكتشف الجميع بأنهم كانوا يسعون وراء سراب كبير، ووهم لا وجود له إلا في خيالهم، ومع نهاية الفيلم طرح مدحت العدل سؤالًا هامًا للمشاهدين إلا وهو "يعني أيه كلمة وطن؟"، لينتهي الفيلم بعد ذلك للعودة إلى أرض الوطن.هينفع تسيب اللى حبك وراك؟برنامج الفرنجة الذي يقدمه الثلاثي "شيكو وهشام ماجد وأحمد فهمى"، والذي يدور أحداثه حول الاختلافات بين الظروف المعيشية الموجودة في مصروالعالم الخارجي بشكل كوميدي وساخر، ولكن بمجرد الانتهاء من مشاهدة البرنامج ونزول أسماء فريق العمل على التتر، تستمع إلى صوت الفنان الكبير أحمد عدوية نجم الأغنية الشعبية مع فنان الراب "أبو" في أغنية "مسافر"، هذه الأغنية المليئة بالشجن والمشاعر الصادقه التي تتحدث عن برغم كل المشاكل التي تعاني منها مصر، إلا أن التواجد فيها أفضل بكثير من المعيشة في الخارج، مع بلاد يختلف تكوينها الثقافي والاجتماعي عن تكوينا المصري.البلد دي ترابها أغلى.. مرها من الشهد أحلىبهذه الكلمات الرائعة تغنى فريق وسط البلد وقدم الفريق مفهوم جديد عن الأغنية الوطنية التي تبتعد عن كلمات "مصر أم الدنيا"، حماسية بشكل كبير وتشجع مستمعيها على الإنتاج وتحسهم على التمسك بالوطن وطرد فكرة الهجرة "الخبيثة" كما وصفها في كلمات الأغنية.حتة من الجنةفي فيلم عسل أسود طرح علينا المؤلف خالد دياب طريقة جديدة لمعالجة قصة الغربة والمقارنة بين الأوضاع الخارجية وبين الأوضاع المصرية، ففي هذا الفيلم بنا دياب قصته على شاب تربى في أمريكا وعاد إلى مصر وليس العكس كما حدث في أمريكا شيكا بيكا، حيث كان أبطال الفيلم من سكان مصر ثم حاولوا الوصول إلى أمريكا.صناع عسل أسود وضعوا أيديهم على أهم ما تتميز به مصر برغم سوء الاحوال الاقتصادية والسياسية، ألا وهو الترابط الاجتماعي، وأن برغم غلاء الأسعار وانخفاض الرواتب إلا أن ذللك لا يمنع هذا الشعب من التكافل ومساعدة بعضه، وفي نهاية الفيلم يقرر بطل القصة "مصري سيد العربي" بترك أمريكا بنموها الاقتصادي وهيمنتها السياسية من أجل العيش مع شعب يتماسك مع بعضه بالحب والموده.وبعد الاطلاع على هذه النماذج الفنية التي جسدت واقع نعيشه في وطنا العربي، وبعد تكرار حوادث الغرق في الهجرة غير الشرعية، وبعد ما رأينا من معاناة العرب من الاضطهاد والعنصرية في بلاد العالم الخارجي، تفضلون ترك الوطن والهروب من أزماته بحثًا عن الربح السريع والاستقرار المزعوم؟ أم مواجهة المصير وتحدي الظروف لرفعة شأن بلادنا؟




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)