الجزائر

أكثر من 200 نسخة نفدت في 24 ساعة.. وكتّابنا جبناء في نقل حميميات بيوتهم



أكثر من 200 نسخة نفدت في 24 ساعة.. وكتّابنا جبناء في نقل حميميات بيوتهم
أكدّ الروائي عبد الرزاق بوكبة أنّه باع أكثر من 200 نسخة من كتابه "يدان لثلاث بنات" وسيستمر في نقل "حميميات بيته" في تجاربه الإبداعية القادمة ولن تشكل له حرجا، وآن الأوان إلى التأسيس ل"أدب البيت". وقال بوكبة في حوار مع "الشروق" على هامش صالون الكتاب ال22 أنّ شريحة واسعة من الكتاب في الجزائر ترفض نقل حميميات بيوتها رغم تحررها في مواضيع أخرى لتفادي الانتقاد والملاحظات ولكونها مختصة في تبني الأقنعة."يدان لثلاث بنات" كتاب نقلت فيه تجربة البيت من خلال يومياتك مع بناتك في شهر رمضان، أعتقد أنّه توجه صعب (محرج في ظل عادات وتقاليد المجتمع الجزائري)؟
من المفارقة أن نتفرغ لكتابة عوالم خارجية وبعيدة عنّا وننسى عوالم لصيقة بنا، هي عالم البيت، السقف، المطبخ، الصالون، وهي فضاء إنساني له ثراء إنساني قادر أن يمنح نصوصنا الأدبية بعدا مختلفا، ويؤرخ لذاكرتنا البيتية التي تعنينا بالدرجة الأولى، من هنا جاءت هذه التجربة، وهي تجربة (افتراضية) بامتياز بدأت على مستوى "الفيسبوك" ثم انتقلت إلى الورق، كأنني لم أصدق أنني أصبحت أبا، كأنني أريد أن أثبت لنفسي أنني أب جيد وصالح، كأنني أريد أن أمنح هذه الذاكرة الأبوية فرصة أن تخلد، وكأنني أستطيع أن أقول للآباء الآخرين أنه يمكنكم أن تكونوا أباء صالحين أكثر.. من هذا كله ولدت هذه التجربة، وبفعل تشجيع من قرأوها وأحبوها وأعجبوا بها في المواسم الرمضانية التي كتبت فيها 2015، 2016، 2017، وقد ترجم هذا الاهتمام من قبل من احتفى بالتجربة وأحبها في الفيسبوك إلى بيع لنسخ كثيرة.

كم بعت من نسخة في معرض الكتاب ال22؟
نفدت نسخ كثيرة، ونفدت الطبعة الأولى في اليوم الأول للصالون وبعت 207 نسخ. بدأت النشر في 2004 ونشرت في أكثر من دار نشر جزائرية وعربية، ولكن لم يحدث أن بعت هذا الرقم من النسخ من قبل، كنت أصل على صعيد العناوين السابقة هذا الرقم طوال الأيام الكاملة للصالون، وبالتالي أصبح رقما يباع في يوم واحد، بالإضافة إلى الشغف الذي كان به القارئ يشتري بهذه التجربة (يدان لثلاث بنات)، حيث لمست من خلال انطباعاتهم حبهم لتلك العفوية والصراحة والحميمية ما بين الأب وبناته في بيته، وآن لنا أن نؤسس لأدب البيت في الجزائر.

لماذا لا ينقل الكاتب الجزائري حميميات بيته؟ هل ترى أنّ "الحميمية" عقدة له، أم أنه غير جريء في نقلها إلى الورق؟
هناك عوامل كثيرة موضوعية بشكل كاف، بل إننا نستطيع القول إنّه نادر، ومن بين هذه الأسباب أنّ مفهوم "البيت" عند الجزائري مرتبط ب"الحرمة" حتى من حيث الجانب المعماري للبيت أو المنزل الجزائري مبرمج على الغلق أكثر من الانفتاح، والبيت يفتح على الداخل أو ما أسميه ثقافة الصحن "في القصبة مثلا"، أكثر مما يفتح على الخارج، نافذة بيت الجزائري تكاد تكون مغلقة طوال السنة، لذلك رمزيا هذا الأمر يؤسس لهذا الغياب فيما يتعلق بهذا النوع من الكتابات، لكن مواقع التواصل الاجتماعي استطاعت أن تكسر الجليد في هذا الباب وأصبح الجزائري يتجرأ على أن ينقل لنا مناخات البيت على الأقل على مستوى الصور، وأصبح ينشر صورته مع والدته ومع أخته، وصورته وهو ينحر في العيد وهو يسبح في الشاطئ.. وغيرها.

هل تعتقد أنّ الأمر متعلق بجبن الكتّاب، أم ماذا؟
(سأواصل الحديث).. إذا كان الجزائري الذي هو قارئ بشكل ما خاض في هذا الباب يفترض أنّ الكاتب يكون أكثر شجاعة منه وحماسا لنقل مناخاته وأجوائه العائلية الحميمية، وعلى مستواي انخرطت في هذا المسعى وسأستمر فيه، لقد فتحت ورشة ستبقى مستمرة في الأيام والسنوات القادمة، وهذه تجربة أولى ستكون متبوعة بتجارب أخرى.

بعض الكتاب إن لم يكن أغلبهم يبدون متحررين، يكتبون في الجنس والإثارة... إلخ، لكن لمّا يتعلق الأمر بهذا الباب من الكتابة يتحاشون ذلك أو لا يريدون أصلا، هل تعتبره انغلاقا؟
السياق الاجتماعي العام لا يشجع على الانفتاح في هذا الجانب، ثم أنّه من المفارقة أن يوغل الكاتب الجزائري في الحديث عن العلاقات المشبوهة اجتماعيا والعلاقات المفخخة من المنظور الأخلاقي ويكتب عن الجريمة والمجرمين، ولكنّه يتحفظ على العلاقات المقدسة على مستوى البيت، ويفترض أن حميمياتنا في البيت هي أكثر الحقول تداولا وتناولا بالنظر إلى أنّها نظيفة ومقدسة و(شرعية)، كما أنّ هناك قطاعا واسعا من الكتاب يتحفظ من باب تفادي أية ملاحظات أو اعتراض أو أي انتقاد أو أي كشف للهوية الحقيقية، فهو مختص في تبني الأقنعة والهويات المزيفة.

برزت مؤخرا موجة من الكتاب الشباب، وهناك من انتقدهم وقلل من كتاباتهم، كيف ترى هذا الطرح؟
لا أمنح الحق لنفسي لأن أصادر حق أي كان في أن يكتب أو أن ينشر، ولا تزعجني تماما هذه الموجة من الكتاب، بقدر ما يزعجني غياب منظومة نقدية تدرس كل حالة على حدا وتقول للمحسن أحسنت، وتقول للناقص أنّك ناقص، وللمغشوش أنّك مغشوش، فالعيب ليس في أن تكتظ أسواقنا بالسلع المغشوشة، بل العيب في غياب مصالح الجودة والرقابة، فهذه أولا، وثانيا يزعجني ظهور آلاف الأطباء المغشوشين والفلاحين المغشوشين، والمقاولين المغشوشين، والمعماريين المغشوشين، والأستاذة والسائقين المغشوشين.. أكثر مما يزعجني ظهور حفنة من الكتاب أفرزتها المرحلة، ولن يبقى في النهاية إلاّ الجيّد والموهوب، فعلى الذين يشغلون نفسهم بمصادرة حق هؤلاء في الظهور أن يشغلوها في تكوين أنفسهم بأن يكونوا كتّابا جيدين وقادرين على الاستمرار في المستقبل.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)