الجزائر

''أكثر ما يؤلم وردة بكاء الأطفال.. والنكتة تضحكها''



''أكثر ما يؤلم وردة بكاء الأطفال.. والنكتة تضحكها''
وردة فتحت بيوت الكثير وسأذهب إلى البقاع المقدسة لقضاء عمرة لها
لأنه يشعر باليتم من دونها، قرّر أن يذهب إلى البقاع المقدّسة لقضاء عمرة لها، كان يتمنى أن تدفن في مصر حتى يزورها يوميا ويتلو لها القرآن، يدعو لها دائما بالرحمة ويبكي كثيرا على فراقها، فالعلاقة بينهما امتدت إلى 45 سنة، ساعدته خلالها كثيرا وجعلت منه ماكييرا عالميا. ويقطن المنتج ومختص التجميل العالمي، محمد عشوب، في البناية نفسها التي كانت تعيش فيها أميرة الطرب العربي، بل إن باب بيته بجوار بيت وردة مباشرة، فلا يمر يوم دون تحية أو جلسة على النيل، أو سؤال عنه وعن أحواله وأحوال ابنه عادل.. ألبوم صور محمد عشوب ووردة يحوي الكثير من الذكريات والمحطات التي وقفت ''الخبر'' عندها في هذا الحوار.
بداية، حدثنا عن أول لقاء جمعك مع أميرة الطرب العربي؟
علاقتي بوردة بدأت منذ أزيد من 45 سنة، وتوطدت علاقتي بها لما كانت تسجل أوبيرات ''وطني الأكبر''، وتعرّفت على عائلتها وإخوتها رحمة الله عليهم. بعدها، عادت إلى الجزائر وتزوّجت بجمال قصري، وأنجبت منه رياض ووداد، ثم عادت إلى مصر وتزوّجت بليغ حمدي. وقد عاصرت وردة وعشت معها مشوارها الناجح لحظة بلحظة، وجبت معها العالم بأسره، بحفلاتها التي أطربت فيها مسامع عشاقها، وكنت مرافقا وسكرتيرا لها، وكانت بمثابة الأم والأخت والصديقة، وهي التي ربّت ابني عادل. ولن أنسى فضلها عليَّ ما حييت، فقد جعلتني أكبر ماكيير في العالم، كما أنها شجعتني على دخول عالم الإنتاج، وكانت بطلة أول فيلم أنتجته ''ليه يا دنيا''، ورفضت أن تتقاضى أجرها لتحمّسني.
وما الذي كان يميّز شخصيتها؟
عظمتها.. فقد عشت معها مثل الملك، وأدعو لها في صلواتي أن يرحمها الله برحمته الواسعة، وأنوي إن شاء الله أن أقضي لها عمرة. وردة هي القمم، هي فيروز وأم كلثوم، كانت أمينة وصاحبة شخصية قوية، تكره الخيانة والخداع، كانت تصلي الفرض بفرضه، وتعتمر دون أن تقول لأحد، لأنها لا تحب الدعاية. وكان ابناها رياض ووداد كل حياتها، قلبي معهما وكان الله في عونهما في فقدان هذا الهرم، والخسارة التي خسراها، إذ لم تكن الأم فقط بالنسبة إليهما، بل كانت الصديقة والحبيبة، وقد شعرت باليتم في فقدان أعز إنسانة عاصرتها في حياتي.
هل كان يتعبك وجهها وأنت تضع لها الماكياج؟
كانت وردة أجمل وجه رأته عينيّ، فحتى وهي نائمة كانت مبتسمة وملائكية الوجه، لأنها لم تأذ أحدا في حياتها، وكانت تساعد القريب والبعيد وهي الكرم بعينه، وكما يقول المثل الشعبي ''اللي في إيدها مش ليها''، وسلمت روحها بسلاسة في ملائكية درامية شديدة جدا، وهذا دليل على رضا الله عنها لأنها لم تتعذب. بالمناسبة، أشيد بسفير الجزائر بالقاهرة، نذير العرباوي، الذي وقف أمام بابها بمجرد بلوغه الخبر المفجع لتلقي العزاء، وحضر تكفين الجثة مع سائقها وطبّاخها الخاص، وركب سيارة الموتى لتوديع تابوت الأميرة، وأنا أنحني له إجلالا وتقديرا، كوني لم أجد أي مسؤول مصري في الجنازة، وما عساني أقول سوى ''حسبنا الله ونعم الوكيل''.. الحمد لله لأن الشعب المصري عوّض تقصير حكومته، واحتضن وردة بكل حب واحترام.
وكيف كانت علاقة وردة بالعندليب الأسمر؟
كان عبد الحليم حافظ بمثابة الأخ الذي لم تلده أمها، وكان يشاركها نجاحها، وهي أيضا، وكانت تحب وتساعد الجميع، حتى فايزة أحمد التي كانت تختلق لها المشاكل، غير أن وردة كانت تتعالى، وعندما مرضت ساعدتها ماديا ومعنويا، كما أنها كانت تخرج من منزلها باكية، رغم إساءتها لها. كانت القلب الكبير دائما لأحبابها وأعدائها، وكانت تغني بصدق.
وماذا عن علاقتها بأم كلثوم؟
كانت تحترمها كثيرا وتعتبرها مثلها الأعلى، وكانت أم كلثوم تحب وردة وتهنئها على غنائها، وغيرتها لم تكن على أم كلثوم بوجه خاص، وإنما على زوجها بليغ حمدي، غيرة الزوجة على زوجها، فقد كانت تريد أن تكون ألحانه ملكا لها لوحدها.
متى كان آخر لقاء لكما؟
قبل أن تسافر إلى باريس، كنا نتذكر الأيام الجميلة ونضحك. وردة تحب سماع النكت والأخبار الجيّدة، وكان يؤلمها سماع بكاء الأطفال. أتذكر أن ابنها رياض كان، يوما، عندها في البيت رفقة زوجته وابنهما، فصرخ في وجه ابنه، فقالت له: ''لا تفعل ذلك ثانية''، فأجابها رياض: ''لقد أفسدت تربيته بدلعك له''. وكانت حفيدتها دلال نور عينيها.
وكيف تلقيت خبر وفاتها؟
شعرت باليتم.. لقد خسرت كنز حياتي وأعز الناس، فوردة كانت جارتي في عمارة واحدة، واختارت الطابق العلوي حتى تستمتع بجمال الأهرامات وتستنشق هواء النيل، وأقول لها إنها تركتنا ولم تتركنا، لأننا لن ننساها، وكنت أتمنى أن تدفن في مصر، حتى أزور قبرها يوميا وأضع عليه إكليلا من الورد. لكن الجزائر أولى بها، وسأظل أقرأ الفاتحة على روحها الطاهرة إلى آخر نفس في حياتي.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)