الجزائر

أقولها وأمشي : «ريحة لبلاد»



مع أن الجزائريين جربوا 50 عاما من الاستقلال و(الاستغلال) الوطني، فإن تلك المدة لم تشفع لهم للخروج من دائرة عمليات الدشرة والدوار والعصبيات القبلية، كما يسميها ابن خلدون.
حركة البشر تنتقل طوال العام من القرى والمداشر باتجاه المدن سواء في شكل نزوح نهائي أو في شكل زيارات عملية وليست تفقدية كما يفعل سائر الوزراء، إلا في مناسبة العيدين خاصة، فالحركة تصبح معاكسة، أي من المدن إلى القرى بحكم الارتباط «البيولوجي» والعائلي بالبلاد، أو بحكم أن جل العاملين في قطاع الخدمات داخل المدن يعيشون فيها على الهامش كنوع من الغربة الداخلية التي لا تشبهها إلا غربة العاشقين ل «ريحة لبلاد» خارج الديار!
هذا الوضع يفسر لوحده كيف تموت المدن الجزائرية في الأعياد وتتوقف فيها حركة الحياة لأيام طويلة، ويجد المواطن نفسه في «غيتوهات» محاصرة لا تشبهها إلا أوضاع البلدان التي تعرضت لحصار دولي بفعل عقوبات أممية! وهذا وضع لا يمكن حله على المدى المتوسط أو الطويل إلا باستقرار هؤلاء الغربان داخل المدن، أو بتعلم الشباب «المقيم» حرفة تغني عن قدوم هؤلاء لعلهم يعودون لخدمة الأرض و«العرض» وهو العمل الوحيد الذي يغني ولا يفنى!
وعندما تصبح حركة المد والجزر بين «لبلاد» والمدن قائمة ومتجددة وثابتة وأكيدة على الأقل مرتين في العام، يمكن عندئذ فهم سر استمرارية سيطرة عقلية «لبلاد» والدوار في تسيير شؤون البلاد على جميع المستويات من أنف السلطة وحتى ذيلها مرورا ببطنها، وهذا منذ خمسين عاما من الاستقلال دون أن يلوح أفق في اختفائها لحساب الكفاءة واليد النظيفة يشمل ذلك كل شيء من توزيع المناصب والقروض وحتى توزيع المشاريع والاستفادة من الخوصصة، مما جعل حتى الآن مسألة اختيار نظام تسيير الحكم مرتكبا من التسيير المركزي إلى اللامركزي وحتى المطالبة بالجهوية «المليحة» أو حتى بالاسقلال الذاتي على أساس أن لكل أرض سكان ولكل سكان حكام منها، وليسوا حكاما كأنه جيئ بهم من «برة» عابثون و«ڤصارون» أو عبارة عن عصابة لصوص محترفة!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)