وصايا نبوية
أفضل الصدقة على الفقراء في الشتاء
حدثنا أبو علي الحافظ أنبأ عبدان الأهوازي عن إبراهيم بن مسلم بن رشيد إمام الجامع بالبصرة عن أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري عن خالد بن طهمان عن حصين قال: كنت عند ابن عباس فجاء سائل فسأل فقال له ابن عباس: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم. قال: وتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم. وتصلي الخمس؟ قال: نعم. قال: وتصوم رمضان؟ قال: نعم. قال: أما إن لك علينا حقا يا غلام اكسه ثوبا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من كسا مسلما ثوبا لم يزل في ستر الله ما دام عليه منه خيط أو سلك .
تقسو ليالي الشتاء الحالية على الكثير من الفقراء الذين لا يجدون مأوى لهم فلم يجدوا إلا أرصفة الطريق ليلتحفوا بها وسط رياح وصقيع البرد التي نحلت أجسادهم الضعيفة في الوقت الذي يستمتع به الملايين من المسلمين تحت أفخر أنواع المفروشات والأغطية أمام شاشاتهم العملاقة يشاهدون ما سعت وراءه أعينهم بعد أن أمنوا على أنفسهم وأولادهم من زخات المطر الباردة.
وللفقراء علينا حقٌ دائم ويتأكد هذا الحق في الأزمات والملمّات وفي النكبات والصعوبات ومن ذلك أن نرحمهم ونعطف عليهم مع برد الشتاء فقد يكون بالبعد منك لمسافات قليلة لا تتجاوز بضع مترات وربما يكون أسفل منزلك من لا يجد أبسط مقومات الحياة من الفقراء في فصل الشتاء الذين يسكنون منازل مُتهالكة يُصارعون أمعاءهم الخاوية بأجساد أنهكها البرد وبرودة قارسة تتسلل من كُل مكان إلى داخل المنزل المُتهالك فلا يملك ربُ الأسرة ما يُشعل به ناراً لتدفئة أطفاله.
وهو ما يمثل فجوة إنسانية حذر منها الإسلام في أن يتمتع البعض بالدفيء على حساب غيره من الفقراء دون مراعاة لأخوة الدين والدم والإنسانية لذلك دل النبي صلى الله عليه وسلم المسلم بأن يجود بأفضل ما عنده لمساعدة الفقراء في فصل الشتاء وتقديم ما تجود به النفس من مال أو من ملابس وأغطية زائدة عن الحاجة أو من مواد بناء يمكنها المُساهمة في ترميم أشباه المنازل التي يسكُن بها المساكين.
وحرص النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: مثل المؤمنين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى لنكن منصّة لمساعدة الفقراء واللاجئين الذين يرتجفون من البرد ونؤدي دورنا الإنساني ونشعر بمفهوم الإنسانية ونساهم بما نستطيع من أجل مشاركة ونشر البسمة والدفء بأيدينا في قلوب الأطفال والفقراء.
*كيف تساعد فقيرًا في فصل الشتاء؟
تستطيع أن تتبرع بأموال نقدية أو بطانيات أو مواد للتدفئة وقم بزيارة إلى أقرب عائلة مُحتاجة أو مخيم وقدم ما جهزته يداك وانشر الدفء في المكان.
وهناك بعض الجمعيات الخيرية الموثوق بها التي يمكنك إيصال مساعدتك للفقراء من خلالها لتوزيع الملابس الشتوية التي لا تحتاجها في المناطق الفقيرة والمحتاجة.
اذهب إلى خزانة ملابسك وابحث عن ملابس الشتاء التي لم تعد أنت أو أهلك بحاجة إليها وهي بحالة جيدة وأخرجها من بطون الخزائن إلى ظهور المحتاجين.
شراء لوازم للتدفئة من ملابس شتوية أو بطانيات أو مدافئ ثم تتلمس حاجات المحتاجين من جيرانك أو ممن يسكن الأحياء الفقيرة أو من العمالة الوافدة الذين لا يجد بعضهم بطانية يستدفئ بها.
فتذكروا في هذا البرد أحوال الفقراء والمعدمين الذين لا يجدون كساء يحمي أجسادهم ولا فراشا يقيهم صقيع الأرض ولا طعاما يُقوِّي عودهم على البرد ولا يملكون وسائل للتدفئة ومنهم مَنْ في بيوتهم مداخلُ ومخارج للهواء البارد من قلة ذات اليد ومنهم من يسكنون صفيحا يجمدهم وأسرهم وأولادهم فشدة البرد وشدة الحر نَفَسَان من جهنم لتذكير العباد في الدنيا بنار الآخرة ليتقوا ما يوردهم إياها ويأخذوا بأسباب النجاة منها.
فقد روى أبو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اشْتَكَتْ النَّارُ إلى رَبِّهَا فقالت: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لها بِنَفَسَيْنِ: نَفَس في الشِّتَاءِ وَنَفَس في الصَّيْفِ فَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ من الْحَرِّ وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ من الزَّمْهَرِيرِ .متفق عليه.
فالبرد مهلك كما أن الحر مؤذ لكن الحَرَّ لا يهلك في الغالب ولذا فالناس يخافون البرد ويتقونه أكثر من الحر وقد دلَّ القرآن على هذا المعنى ففي سورة النحل قال سبحانه: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ).النحل: 5.
وفي آخر السورة ذكر مكملات هذه النعم من المتاع والأثاث ومنها قوله سبحانه: (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ).النحل: 81.
ومن كمال نعيم أهل الجنة أنهم لا يجدون فيها حرَّا ولا بردًا قال قتادة -رحمه الله تعالى-: عَلِم الله -تعالى- أنّ شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا) [الإنسان: 13] والزمهرير هو البرد القاطع .
وعن الأصمعي -رحمه الله تعالى- قال: كانت العرب تسمي الشتاء الفاضح -وكأنه والله أعلم يفضح الفقير فلا صبرَ له عليه بخلاف الحر فيصبر عليه- فقيل لامرأة منهم: أيما أشد عليكم القيظ أم القُرُّ؟ فقالت: يا سبحان الله من جعل البؤس كالأذى؟ فجعلت الشتاء بؤسا والقيظ أذى .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com