الجزائر

أغلب المتورطين فيها دون سن الأربعين الشباب وراء حوادث المرور المميتة


كان عدّاد السيارة يشير إلى سرعة 150 كلم في الساعة، عندما كان الشاب ''مراد.ج''، ابن حي القبة، يقترب من اجتياز منعرج خطير على مستوى بن عكنون بالعاصمة. الأمطار كانت تتهاطل بغزارة، حاجبة الرؤية، غير أن مراد لم يخفض سرعته الجنونية، لأنه لم يتعوّد القيادة بأقل منها، فما بالك ووالدته في انتظاره ليقلها إلى البيت. لكن مراد لم يصل في موعده، وتغيرت وجهته إلى المستشفى، حيث لفظ أنفاسه لحظات بعد وصوله، متأثـرا بإصابة خطيرة على مستوى الرأس والصدر،
بعد أن فقد السيطرة على سيارته التي انقلبت عدة مرات في حادث فظيع. 
 هي مأساة عاشتها عائلة جزائرية قبل سنتين، وتتكرر يوميا في المئات من البيوت الجزائرية، في مغامرة تبدأ بمناورة خطيرة وتنتهي في العالم الآخر، وهو ما تؤكده لغة الأرقام في إرهاب الطرقات. ويمثل السائقون الأقل من 40 سنة 53,62 بالمائة من نسبة السائقين المتورطين في حوادث المرور، تليها الفئة العمرية بين 25 و34 سنة بـ386,13 حادث، أي ما يعادل 95,34 بالمائة من المجموع الكلي للحوادث في سنة 2011، حسبما كشف عنه في تصريح لـ''الخبر'' رئيس قسم الطرقات بالقيادة العامة للدرك الوطني، العقيد شنوقة.
وأضاف محدثنا في ذات السياق أنه تم تسجيل 7104 حادث مرور لدى الشباب أقل من 30 سنة في نفس السنة. ولا تقتصر حوادث المرور على الأشخاص الذين تجاوزوا سن العشرين، فالسائقون الأقل من 18 سنة كانوا وراء 486 حادث مرور في السنة المنقضية. وأوعز المصدر ذاته الأسباب الأساسية التي تقف وراء تورط الشباب بدرجة أكبر في حوادث المرور، إلى إفراطهم في الثقة بالنفس، وكذا نقص في التكوين. وأوضح العقيد شنوقة: ''الشباب عموما يستهينون بالمخاطر التي تحيط بهم، بسبب ثقتهم الكبيرة بنفسهم، وبالتالي يخطئون في تقدير مؤهلاتهم الحقيقية، كما أن الشاب يعتبر السيارة امتدادا لشخصيته، ولا يعتبرها وسيلة نقل بل أداة يبحث من خلالها البرهنة عن قوته''.
تعلم القيادة في كل الظروف
ويتحدث رئيس قسم الطرقات بالقيادة العامة للدرك الوطني عن نقص التكوين في أمن الطرقات في بلادنا، مشيرا إلى أن المتربصين في السياقة لا يتلقون في فترة التكوين أساليب القيادة في جميع الحالات، مستشهدا بالظروف المناخية الصعبة التي عرفتها عدد من الولايات مؤخرا، وشهدت العديد من حوادث المرور، كما وجد السائقون صعوبة في قيادة مركباتهم، حتى في المناطق الحضرية. وأضاف نفس المتحدث: ''السائق بحاجة للتكوين في جميع الظروف التي يمكن أن تواجهه أثناء القيادة، حتى يتمكن من تأمين نفسه، على غرار القيادة ليلا، وفي الظروف المناخية الصعبة، وما عشناه في الجزائر مؤخرا مع تساقط الثلوج بكثافة يؤكد هذا، فنحن بحاجة لمضامير تعليم سياقة خاصة، توفر للمتربص تجريب القيادة في جميع الحالات التي يمكن أن يواجهها في الطبيعة، مثلما هو معمول به في الخارج، وهذا ليس ذنب المكون، فهؤلاء يعانون من نقص الإمكانيات وقلة المضامير''.
وأبرز العقيد شنوقة أن نقص التجربة من بين الأسباب المؤدية لحوادث المرور، خاصة عند فئة الشباب، مواصلا: ''22,37 بالمائة من حوادث المرور تسبب فيها أشخاص لم تمض سنتين على حصولهم على رخص السياقة''. ودعا المتحدث إلى ضرورة مرافقة السائق الحديث الحصول على رخصة القيادة من طرف شخص يملك تجربة، حتى يتمرّس جيدا.
وأشار محدثنا إلى أهمية ترسيخ التربية المرورية في المناهج الدراسية، مضيفا: ''ليس هناك سائق مثالي، غير أن توعية الأطفال وتلقينهم التربية المرورية ستكون له آثار إيجابية على سائقي الغد''.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)