الجزائر

أطباء فقدوا المناعة المكتسبة



 بعد ثلاثين سنة من اكتشاف فيروس فقدان المناعة المكتسبة والمعروف اختصارا بـ''السيدا'' والتحكم التام في طرق العدوى والوقاية منه، لا زال أطباء محترفون يرفضون الاقتراب من المرضى المصابين خشية أن يصابوا بالمرض، وكأن هؤلاء المرضى قنابل موقوتة تنفجر في وجه كل طبيب يحاول علاجهم. وإذا كان الحال هكذا والأمر يتعلق بأهل الاختصاص، فما بلك بالشعب البسيط الذي ما زال يعتقد أن هذا المرض لعنة إلهية، رغم أن من المصابين أطفالا لم يعرفوا من هذه الدنيا سوى الحليب والأدوية، ولدوا بالمرض وسيعيشون به.الأكيد أن هؤلاء الأطباء يعتبرون أقلية في المهنة ويستحقون فعلا الردع، بل إن العقاب يجب أن يبدأ من مسيري المستشفيات الذين يسمحون بمثل هذا العبث بصحة الجزائريين مهما كان المرض الذي يشكون منه، لأن ما يحاول أن يقوم به عدد قليل من الأطباء يسمى في القانون ''عدم تقديم المساعدة لشخص يواجه خطرا''.صحيح أنه من حق الأطباء أن يطالبوا بوسائل العمل والوقاية، لكن ليس من حقهم أن يربطوا مطالبهم بتعريض حياة المرضى للخطر، بل إننا رأينا أطباء أوروبيين يعرضون حياتهم للخطر ويعملون في مصحات لا تتوفر على أدنى الشروط لإنقاذ مريض من الموت في إفريقيا. فكيف نقبل تصرف الأطباء الجزائريين، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بإجراء عمليات جراحية في قاعات معقمة، هامش العدوى فيها ضيق جدا.العجيب أن القابلات وأطباء النساء يتعاملون يوميا مع مصابات بالسيدا ويتم توليدهن بلا أدنى تردد، بينما يتم إهمال مريضة فقيرة تعرضت لحادث مرور، في مستشفى القطار بالعاصمة، لأنها مصابة بالسيدا. فماذا كان سيفعل هؤلاء الأطباء لو أنهم وجدوا أنفسهم مطالبين بمعالجة المصابين بالطاعون كما حدث قبل سنوات، أو طلب منهم التكفل بمرضى مصابين بأنفلونزا الخنازير أو حتى مرضى السل، وكلها أمراض انتقال العدوى فيها أسهل من السيدا، ورغم ذلك يتم التكفل بها بصفة جيدة في المستشفيات الجزائرية.خبر الأطباء الذين يرفضون معالجة مرضى السيدا ليس إلا تأكيدا لتراجع قيم الإنسانية النبيلة لمهنة الطب بالنسبة لبعض الانتهازيين الذين حولوها إلى تجارة بمعاناة الضعفاء، وفقدوا فعلا المناعة المكتسبة حتى وإن لم يصابوا بالسيدا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)