الجزائر

أضواء «ساطعة» لأحزاب بائدة



تتحمّل الأحزاب المسؤولية في مآل الوضع السياسي لأنّ الدولة القوية الجانحة إلى التطبيق الفعلي للديمقراطية في جميع الممارسات إنّما مرآتها معارضة قوية، تفرض وجودها و جدالها السياسي و تقنع به الفئات التي تريد،الجدية في الطرح أيضا غائبة و إنّما نرى نفس الخطاب يتكرر في المواعيد و المناسبات الوطنية دون تقديم أو اقتراح أو تفكير في آليات التطبيق ، كما هناك جوانب هامة تشكل نقطة سوداء عند الغالبية الكبرى من الأحزاب في الجزائر، و على رأسها الاستئثار بالقيادة و الاستحواذ على رأس الحزب، و هي نقطة طالما استغلتها السلطة لتكميم أفواه الأحزاب و فرض السيطرة عليها و جعلها تدور في أغلب الأحيان في دائرتها و كأنها أحزاب إدارة، فوجدنا الأحزاب التي تجثم على رأسها أسماء لم تتغيّر من عشرات السنين تشتري السلم مع السلطة، و تحْدِث بعض الضوضاء هنا و هناك باسم معارضة السلطة و الدفاع عن مطالب الفئات المهنية و الشعب بصفة عامة .
الظروف السياسية حتى قبل هبّة 22 فبراير أضعفت العمل السياسي كلّه و أطاحت بكل محاولة حزبية لتطفو فوق السطح أو تخرج رأسها من قاع الغرق ، بل لجأت السلطة إلى إغراق الرأي العام في حصيلة الأرقام و التشدق بالمنجزات الاجتماعية ، في محاولة لإيهام ذات الرأي أن الدولة هي السلطة و السلطة وحدها دون المشهد السياسي بكل مكوناته الحزبية و الإعلامية و النقابية
و بدورها أحزاب الجزائر وجدت ضالتها في الركون إلى الراحة و انتظار المناسبات لتشن هجوما كاسحا على وسائل الإعلام فالكل ينتظر دوره للمرور و دخول بيوت النّاس من أجل اطلاق حوار طرش، أصمّ آذان الجميع منذ سنوات . لكن علاقة الأحزاب بالإعلام لا تتوقف عند الاستخدام فالإعلام وسيط غير محايد و لا بريء بل مخضّب بالمرجعيات و التأويلات و الأهداف المسطرة مسبقا بمعنى أنّ له رسالة لابد من الوصول إلى ابلاغها . و تتفن الأحزاب في كيفية تمرير الخطاب الذي تريد من خلال الصحافة بكل أثقالها و توجهاتها، معرفة منها أنّ الوصول إلى الرأي العام يمر عبر هذه القناة، بل و لعلّ الأهمية الكبيرة التي تفرضها الصحافة في المشهد الوطني أدت إلى ظهور الصحافة الحزبية ليتأكد كل حزب أنّ سبيل نفاذه موجود و مضمون ، خاصة مع السرعة المذهلة التي صار تصل بها المعلومة إلى المتلقي حتّى بدون إرادته ، و بالتالي أصبح الإعلام القناة الأولى للاتصال السياسي للحزب و من ورائه الاتصال الإيديولوجي الذي يدافع عنه هذا الحزب أو ذاك ، باعتبار الأحزاب نظريا عندنا نواة السلطة السياسية ، و اعتمادها كبير على الإعلام في التأثير على الرأي العام والترويج لمواقفها وعلى مكانة هذه الأخيرة في عملية الاتصال السياسي للأحزاب.
ف.شٍ


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)