يقال إن وراء كل رجل عظيم امرأة، ويقول آخرون إن وراء كل ناجح أستاذ عظيم، هي المقولة التي يؤمن بها الكثير من البيولوجيين الأطباء والأساتذة الذين تتلمذوا على يد أستاذ أحبوا من خلاله المادة التي كان شغوفا بتدريسها، فتأثروا بأسلوبه المنفرد في التدريس، وجعلوا من مادة العلوم الطبيعية التي زرع حبها بداخلهم، هدفا مكنهم من بلوغ مناصب مهمة، فلا شك أن الأستاذ دراس طلحة الذي يعتبر الأب الروحي لمادة العلوم الطبيعية على مستوى الولاية، والذي يشغل حاليا منصب مدير ملحقة الولائية لمحو الأمية وتعليم الكبار، كان ولا يزال له الدور الفعال في خدمة القطاع التربوي بكل إخلاص وتفانٍ.
هو من مواليد 14 ماي 1955 ببلدية حاسي زهانة، حصل على شهادة البكالوريا شعبة العلوم في جوان 1975 من ثانوية الحواس، ما مكنه من الالتحاق بمعهد البيولوجيا بجامعة وهران، ليثبت هناك تفوقه ويحصل على شهادة ليسانس في العلوم الطبيعية سنة 1978، ويعين مباشرة كأستاذ للمادة بالثانوية نفسها التي درس بها.
ويؤكد الأستاذ دراس أن ميولاته الأستاذية وحبه لمهنة التعليم ولمادة العلوم الطبيعية خاصة دفعه إلى تقديم كل ما يملك من مثابرة، وعمل دؤوب وإخلاص في تدريس طلبة الأقسام النهائية، الأمر الذي ساهم في إبرازه حتى ذاع صيته بين الطلبة الذين رأوا فيه المثال الأعلى للعمل والتفاني في أنبل مهنة، وهو ما مكنه من الحصول على لقب أحسن أستاذ في التعليم الثانوي في مادة العلوم الطبيعية على مستوى الولاية سنة 1985، لكن هذا اللقب أعطى للأستاذ دفعا قويا لمواصلة نجاحاته بدليل مشاركته في خلية إنجاز مواضيع البكالوريا، وكذا مشاركته في لجنة دراسة البرنامج كممثل وحيد عن الولاية، ثم مشاركته في البعثة التي تنقلت إلى جامعة غرونوبل ليتلقى تكوينا متخصصا حول المنهجية، ليعين بعدها مكونا للأعوان المخبريين على مستوى الولاية، فضلا عن الاعتماد عليه في تكوين أساتذة المادة.
لم ينحصر نشاط الأستاذ طلحة في الجانب التعليمي والتكويني فحسب، بل تعداه بفضل أفكاره وطموحاته العلمية إلى مجال البحث العلمي، حيث عين عضوا في لجنة البحث العلمي التي تم تعيينها من قبل الوزراة، كما قام بإصدار خمسة حوليات تضم برامج السنة الثالثة ثانوي شعبة العلوم، والتي لقيت رواجا كبيرا في أوساط الطلبة، نظرا لما تحتويه من معلومات، وشروحات، ومسائل تساعد التلميذ في تحصيله العلمي.
ودخل الأستاذ دراس بفضل دهائه عالم الاختراعات، وساعدته في ذلك أفكاره النيرة وحبه للإبداع، حيث قام بإنجاز جهاز لدراسة مسار الدم في الأوعية الدموية (شرايين وأوردة) تم عرض اختراعه في إحدى حصص ما بين الثانويات، لكنه لم يلق الاستجابة الفعلية لمشروعه الذي لا يزال حبيس الأدراج، على الرغم من أهميته في الاستعمالات الطبية لدراسة مسار الدورة الدموية في الجسم وتحديد مشاكلها.
الأستاذ دراس طلحة، ونظرا لكفاءته التي يشهد الجميع بها تقلد عديد المناصب الإدارية بداية من مدير ثانوية لمدة 3 سنوات، ثم رئيسا لثلاث مصالح بمديرية التربية، لينتدب بعدها كمدير لملحقة محو الأمية وتعليم الكبار سنة 2003، هذه الأخيرة التي اختارها حبا منه لإيصال نور العلم لفئة مهمشة في المجتمع، فقد رفع التحدي من أجل إثبات وإنجاح المشروع، وأكد أنه اختار هذا الميدان الذي يتطلب العمل المتواصل، وعلاقات متميزة مع هذه الفئة الحساسة، وكذا المجهود المستمر، نظرا لحداثة الاستراتيجية وانعدام الإمكانيات، حيث اعتبر فترة البداية من سنة 2003 حتى 2007 فترة تحد حقيقي بسبب العراقيل التي تلقاها لتطبيق الاستراتيجية على المستوى الولاية، بداية بالأبواب الموصدة وانعدام المقر والوسائل، لكن بفضل علاقاته والتكامل الذي صنعه مع الشركاء وكذا تسييره الجيد للملحقة والمعلمين استطاعت الولاية أن تحقق نتائج معتبرة في خفض معدلات الأمية، فقد وصلت النسبة إلى 19 بالمائة بعد أن كانت في حدود 40 بالمائة، بالإضافة إلى مسح شامل لتراب الولاية، وفتح أقسام بأبعد النقاط الجنوبية والنائية، الأمر الذي اعتبره الأستاذ طلحة بالقفزة النوعية والنتيجة البديهية للتحدي والعمل الجاد لكامل عناصر الملحقة، مؤكدا في هذا الإطار مواصلته لرفع التحدي والمضي قدما في سبيل العلم والمتعلم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/02/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : غنية ش
المصدر : www.al-fadjr.com