الجزائر

أسباب متنوعة وراء عزوف الزوار



أسباب متنوعة وراء عزوف الزوار
هل فعلا يملك الجزائري ثقافة زيارة المتحف؟ ما هي الفئة المهتمة بزيارة هذه المؤسسات الثقافية؟ وما هو الدور الذي يلعبه المتحف داخل المجتمع، لاسيما من الناحية التاريخية؟ أسئلة قد تبدو منذ الوهلة الأولى بسيطة، والرد عليها سيكون بنعم أو لا، لكل مبرراته في الأسباب التي تمنع المواطن من زيارة المتاحف، من هذا المنطلق بدأنا رحلتنا وأملنا أكبر في دراسة ولو تقريبية لظاهرة لا ندري إن هي قديمة أم دخيلة على وسطنا، ألا وهي عزوف المواطن عن زيارة المتحف، لكن ما تفاجأنا به في موضوعنا هذا الذي كانت العينة فيه بمدينة سطيف التي تمتلك أحد أكبر المتاحف على المستوى الوطني، هو وجود نسبة من مواطني هذه المدينة التاريخية لا يعرفون حتى معنى المتحف كمؤسسة ثقافية، والأغرب من ذلك جهل البعض منهم إن كان هناك متحف بسطيف أم لا؟؟لا يختلف اثنان في كون الجزائر تزخر بتراث ثقافي غني ومتنوع، وهبتها إياه مختلف الحضارات التي تعاقبت على المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ، شواهد أرختها مجمل الأبحاث الأثرية والتحف المكتشفة بأقدم موقع أثري بشمال القارة الإفريقية، موقع عين لحنش، المتواجد ببلدية القلتة الزرقاء بولاية سطيف، هذا الموقع يعود تاريخه إلى 81 مليون سنة، سجل بصمات الإنسان البدائي ولا تزال آثاره شاهدة إلى يومنا هذا من خلال الحفريات والتحف المعروضة بصالات المتحف العمومي الوطني بسطيف، الذي يعد من أكبر المتاحف الموجودة على المستوى الوطني، يسهر عليه طاقم من مختصين في علم الآثار، يسعون في كل مناسبة بعمل تقاربي دائم ومستمر مع مختلف أصناف وشرائح المجتمع، للتعريف بما يكتنزه المتحف من تراث لجعله قطبا للعلم والمعرفة والثقافة والسياحة ومطية للركب الحضاري لمسايرة الدول المتقدمة بجميع مكونات الهوية.أساب العزوف تختلف حسب المكان والزمانأرجع السيد الشريف رياش (متحف سطيف) ظاهرة عزوف المواطن الجزائري عن زيارة المتاحف، إلى عوامل متعددة وأسباب تختلف حسب المكان والزمان، فبولاية سطيف التي تحصي ثاني أكبر تعداد من حيث السكان بعد الجزائر العاصمة، تتوفر على متحف منذ الفترة الاستعمارية، ظل لعقود من الزمن صرحا ثقافيا يحج إليه الزوار، نسبة كبيرة من الأجانب وضيوف المدينة، غير أن هذه الميزة لم تعد تطبع المتحف منذ مطلع التسعينات أو ما يعرف بالعشرية السوداء التي كانت سببا مباشرا في نفور الزوار، لكن بعد استتباب الأمن وعودة الطمأنينة، استعاد المتحف حركيته ونشاطه بفضل الأنشطة التي بادرت إليها إدارة المتحف بالتنسيق مع مختلف القطاعات، كانت البداية مع قطاع التربية الوطنية وسلسلة الحقيبة المتحفية، وهي سياسة انتهجها القائمون على هذه المؤسسة بإخراج المتحف إلى المؤسسات التربوية، ببرمجة زيارات ميدانية أسبوعيا إلى المدارس والمتوسطات يشرف عليها مختصون في علم الآثار يقومون بتقديم عروض وشروحات حول المتحف ودوره في الحفاظ على المكنون الثقافي.المبادرة هذه أعطت ثمارها وجعلت إدارة المتحف تفكر في كيفية تبليغ الرسالة إلى باقي شرائح المجتمع، منها سلك الأمن والدرك الوطنيين، والجمارك الجزائرية باعتبارها عنصرا فعالا في مكافحة ظاهرة التهريب التي طالت العديد من الكنوز الأثرية، كما مست العملية قطاع العدالة بدخول الحقيبة المتحفية إلى وراء جدران سجن سطيف، حيث أشرف إطارات من المتحف على تقديم محاضرات وأشرطة لفائدة المساجين الهدف منها التحسيس والتعريف بالدور الذي يقدمه المتحف.أسعار تذاكر الدخول مبالغ فيهاكشف السيد رياش، عن تقنيات جديدة لجلب الزوار، تم طرحها على مكاتب المسؤولين على مستوى وزارة الثقافة، هذه الأخيرة تعمل على إدراجها ضمن محيط الزوار مثل استعمال الإعلام الآلي وشبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى مختلف الإتفاقيات المبرمة بين الوزارة الوصية ووزارات التربية السياحة والصناعات التقليدية والجمعيات الناشطة في مجالي الثقافة والسياحة.حسب إحصائيات الثلاث سنوات الأخيرة، يختلف عدد زوار متحف سطيف من سنة إلى أخرى، حيث بلغ العدد الإجمالي للزوار خلال هذه السنوات 23005 زائر، وهو عدد جد ضئيل مقارنة بالسنوات التي سبقت شهر أفريل من سنة 2012، عقب إقدام وزارة الثقافة على رفع تسعيرة تذكرة الدخول من 20 دج إلى 200 دج للزائر الواحد، وهي أسعار مبالغ فيها، وكان لها الأثر السلبي على جلب الزوار.الآفاق المستقبلية.. التصور الجديديسعى القائمون على المتحف العمومي الوطني بسطيف إلى إعطاء أفضل صورة عن المتحف، وذلك ليكون أكثر فعالية وأكثر جذب للزوار والسياح، وذلك من خلال الاستراتيجيات الجيدة في تسيير المتحف، على غرار إنشاء موقع إلكتروني وصفحة على الفايسبوك للتعريف به أكثر لمواكبة عصر العولمة والتكنولوجيا وخلق فضاءات جديدة داخل القاعات كاستعمال شاشات عرض فيديوهات حول المتحف، وأشرطة متعلقة بالتراث الجزائري حتى لا يمل الزائر، ووضع كراس ومعابر لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة والفئة المسنة، خلق ورشات تثقيفية تربوية خاصة بالأطفال مما يغرس ثقافة المتحف لدى هذه الشريحة، استغلال واستثمار الحديقة والفراغات الموجودة بالمتحف كأماكن للراحة والنزهة وكذا الإطعام، تنظيم ملتقيات وندوات وأيام دراسية لها علاقة بالتراث بصفة عامة والمتاحف بصفة خاصة، وتأليف كتب و«كتالوغات" تخص المتحف ومحتوياته للتعريف به والترويج له أكثر، كلها عوامل ترى فيها إدارة المتحف وسيلة تساهم في جلب الزوار والسياح للتعرف أكثر على المتحف.المرصد الوطني سيعيد المتحف إلى سكتهبخصوص المرصد الوطني للمتاحف الذي أعلن عنه مؤخرا وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، ثمن السيد الشريف رياش مبادرة الوزارة معتبرا إياها اللبنة التي انتظرها الأثريون بشوق وشغف، كون المرصد يضم مهنيين مختصين وممارسين حقيقيين في المجال، سيكون بمثابة الرأس المدبرة التي يمكنها بالخبرة العالية لأعضائها توجيه وإرشاد مختلف المتاحف الوطنية، بخصوصياتها في الميزيولوجيا والميزيوغرافيا وإبداء الرأي في البرامج السنوية، وإبداء الرأي في البرامج السنوية، والتدابير في البرامج البيداغوجية، والثقافة والتقنية والتحسيسية والعلمية، بالإضافة إلى تسطير ملتقيات هامة حسب خصوصية كل منطقة، ويضيف السيد رياش بأن المختصين في المرصد على اطلاع بكل الإيجابيات والنقائص التي تميز المتاحف، استطاعوا طيلة مشوارهم العملي وممارستهم تخطي جميع الصعاب وبفضلهم يمكن بلوغ الأهداف المنوطة بالمتاحف وإعادتها إلى سكتها السليمة دون تكرار المواضيع مع ترشيد النفقات.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)